الجليس الصالح
التصنيفات
- فقه >> الأسرة >> شؤون الشباب
الوصف المفصل
- الجليس
الصالح
- مقدمة
- الجليس الصالح وكيف نختاره
- معاشرة الأخيار
- الرفقة الصالحة
- اختيار الأصدقاء([12])
- من لي بإنسان إذا أغضبتُه
- في التحذير من مخالطة الأشرار ([25])
- مشروعية الحب في الله وهو الولاء
- "فصل" في تعريف الصديق والصداقة ([31])
- "فصل" فيمن ينبغي أن يصادق ويصافي ويصاحب ويوافي ([32])
- "فصل" في التحذير من صحبة الأشرار
الجليس الصالح
جمعها الفقير إلى الله تعالى
عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم في العلم والعمل والدعوة إلى الله إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الإنسان لن يعيش وحده ولابد له من أصدقاء فإن وفق لمصادقة الأخيار ومجالستهم وإلا ابتلي بمصادقة الأشرار والجلوس معهم؛ فعليك -أخي المسلم- بمصادفة الأخيار، المطيعين لله وزيارتهم لله، والجلوس معهم ومحبتهم لله والبعد عن الأشرار (العصاه لله) فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل.
فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم، قال حكيم: نبئني عن من تصاحب أنبؤك من أنت، وقال النبي ﷺ: «قال الله تبارك وتعالى: "وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيَّ والمتزاورين فيَّ والمتباذلين فيَّ» حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح. فهنيئاً لمن هذا وصفه.
وقال الله عز وجل: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].
وقال عليه الصلاة والسلام: «من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً» رواه الترمذي، وقال حديث حسن. وقال ﷺ: «لا تصاحب إلا مؤمناً» رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به، وقال عليه الصلاة والسلام: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو دواد والترمذي بإسناد صحيح. وقال: «المرء مع من أحب» متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» رواه مسلم. ولما كان الحب في الله والبغض في الله بهذه المنزلة العالية وكان للجليس أثر على جليسه في الخير والشر.
طلب مني بعض الأخوة الأفاضل تأليف رسالة في هذا الموضوع فأجبته إلى ذلك، وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ، وكلام المحققين من أهل العلم. أسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها فعمل بها، وأن يوفقنا وإخواننا المسلمين للجلساء الصالحين الناصحين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجليس الصالح وكيف نختاره
جليسك الصالح يشعر بشعورك، ويعتني بشؤنك ويهتم بأمورك يفرح بفرحك ويحزن لحزنك، ويسر بسرورك، يحب لك ما يحب لنفسه ويكره لك ما يكره لنفسه وينصح لك في مشهدك ومغيبك، يأمرك بالخير وينهاك عن الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق والحكمة البالغة ويحثك على العمل الصالح المثمرويُذَكَّرك نعم الله عليك لكي تشكره ويُعَرفك عيوب نفسك لكي تجتنبها ويشغلك عما لا يعنيك. وهكذا أستاذك الصالح يجهد نفسه في تعليمك تفهيمك وإصلاحك وتقويمك يطالبك بالعمل وينتظر من ظاهرك ثمرة ما يغرس في باطنك إذا غفلت ذكَّرك، وإذا أهملت أو مللت بشَّرك وأنذرك، وليس في الجلساء من ينفعك خيره ويضرك شره كالأستاذ الذي يُعَدُّ لك أباً ثانياً، وكما يكون هو تكون أنت، والجليس الصالح يسد خلتك ويغفر زلتك ويقيل عثرتك، ويستر عورتك، وإذا اتجهت إلى الخير حثك عليه ورغبك فيه وبشرك بعاقبة المتقين وأجر العاملين وقام فيه معك وكان لك عوناً عليه، وإذا تكلمت بسوء أو فعلت قبيحاً زجرك عنه ومنعك منه وحال بينك وبين ما تريد. جليسك الصالح لا يمل قربك ولا ينساك على البعد، وإن حصل لك خير هنأك وإن أصابتك مصيبة عزاك، يسرك إذا حضرت بحديثه ويرضيك بأفعاله ويحضر بك مجالس العلم وحلق الذكر وبيوت العبادة ويزين لك الطاعة بالصلاة والصيام والإنفاق في سبيل الله وكف الأذى واحتمال المشقة وحسن الجوار وجميل المعاشرةويقبح لك المعصية ويُذَكَّرك ما يعود به الفساد عليك من الويل والشقاء في عاجل الأمر وآجله. ومازال ينفعك ويرفعك ويزجرك ويردعك حتى يكون كبائع المسك وأنت المشتري ولصلاحه ونصحه لا يبيع عليك إلا طيبًا ولا يعطيك إلا جيداً، وإن أبيت الشراء طيبك وصب عليك العطر فلا تمر بشارع ولا تسلك طريقاً إلا وعبق منك الطيب وملأت به الأنوف؛ وأولئك هم القوم لا يشقى بهم جليسهم تنزل عليهم الرحمة فيشاركهم فيها ويهمُ بالسوء فلا يقوله ولا يستطيع فعله إما مخافة من الله وإما حياء من الناس.
فالخير الذي تصيبه من جليسك الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك أو يهدي لك نصيحة أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك؛ فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله؛ فإن الإنسان مجبول على الإقتداء بصاحبه وجليسه والطباع والأرواح جنود مجندة يقود بعضها بعضاً إلى الخير أو إلى ضده وفي الحديث: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وفي الحكمة المشهورة: لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه.
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكفَّ بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة ومنافسة في الخير وترفعًا عن الشر، وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى وحسب المرء أن يعتبر بقرينه وأن يكون على دين خليله.
وأما قرين السوء فهو ضد ذلك كله، فإنك إن لم تشاركه في إساءته أخذت بنصيب وافر من الرضى بما يصنع والسكوت على شر تخاف منه وتحذره وتحتاط لحفظ كرامتك من أن يمزقها أو أن يسمعك عن نفسك أو عن الآخرين ما لا تحب؛ فهو كنافخ الكير وأنت جليسه القريب منه يحرق بدنك وثيابك ويملأ أنفك بالروائح الكريهة وأنت وإياه في الإثم سواء ومن أعان على معصية ولو بشطر كلمة فهو كالفاعل وكل كلام لا يحل فهو من اللغو الذي مدح الله تاركيه بقوله تعالى: }وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ{ [القصص: 55]. وقد يكون جليس السوء قوياً لا تستطيع مقاومته ولا الإنكار عليه فخير لك الابتعاد عنه لئلا تقع في معصيتين السكوت على الباطل موافقة أهله، وفي مجالس الشر تقع الغيبة والنميمة والكذب واللعن وكل كلام فاحش ويقع اللهو والطرب وممالات الفسَّاق ومجاراتهم على الإسراف في الإنفاق والخوض في الباطل، قال تعالى: }وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ [الأنعام: 68]، وإن أعظم مَثَل يصور لنا خطر جليس السوء ما حصل لأبي طالب عم النبي ﷺ عند وفاته، فقد جاء إليه النبي ﷺ حين احتضاره وهو يلفظ آخر أنفاسه فقال له رغبة في إسلامه: «يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها عند الله» فقال له أبو جهل، وكان جالساً عنده: أترغب عن ملة عبد المطلب، فرسول الله ﷺ يلقنه الإسلام وأبو جهل يلقنه الكفر إلى أن مات وهو يقول هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله ([1]) بسبب جليس السوء؛ فمصاحبة الأشرار ومجالستهم مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم وشر على من خالطهم، فكم هلك بسببهم أقوام وكم قادوا أصحابهم في المهالك، وقد قال الله تعالى مخبراً عن عاقبة الظالمين وتمنيهم سلوك طريق المؤمنين وندمهم على مصاحبة الضالين المضلين: }وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً{ [الفرقان: 27-29] وقال النبي ﷺ: «لا تصحب إلا مؤمناً» ([2]) ويقول الشاعر:
واختر من الأصحاب كل مرشد | إن القرين بالقرين يقتدى | |
وصحبة الأشرار داء وعمى | تزيد في القلب السقيم السقما | |
فإن تبعت سنة النبي | فاجتنبن قرناء السوء |
وقال ﷺ: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة» رواه البخاري ومسلم. وصدق رسول الله ﷺ فما أروعه من مثل يصور لنا حقيقة الجليس وما ينتج عنه من نفع أو ضر وخير أو شر وطيب أو خبث، وصدق الله العظيم إذ يقول: }قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ [المائدة: 100].
اللهم وفقنا للجلساء الصالحين والأصدقاء الناصحين وزينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، آمين يارب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه ([3]).
معاشرة الأخيار
مما يجمَّل ويُحَسَّن خُلُق الإنسان من حوله صحبة الأخيار، فالإنسان مولع بالتقليد؛ فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم، قال حكيم: "نبئني عمن تصاحب أنبؤك من أنت".
أن مصاحبة الأخيار تغرس في النفس الأخلاق الكريمة وتدفعها إلى معالي الأمور، أما مصاحبة الأشرار فأنها تقود إلى الاستهانة بالأخلاق، وتجرئ على اقتراف الآثام، وتباعد بين الإنسان وبين القيام بالأعمال العظيمة.
فالقرين الصالح يعتبر بحق من أفضل نعم هذه الحياة؛ فهو الملاذ في الملمات، وهو المرشد الأمين لطريق الحق والنجاح في هذه الحياة، فكثير من النابغين والعظماء والمتفوقين في هذه الحياة يعزون سبب نجاحهم إلى أنهم وفقوا في اختيار قرين صالح ساروا على إرشاده واقتبسوا من نصحه.
والقرآن الكريم دعا إلى اختيار الأصحاب الصالحين. قال تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28]([4]).
أمر الله سبحانه رسوله، وكل مؤمن في هذه الآية، بمصاحبة الأخيار الذين ساروا على الهدى ليقتدي بهم ويقتبس من فضائلهم، ولا يزهد في صحبتهم فيتطلع إلى من عداهم لأجل الحصول على مظاهر الحياة الكاذبة، ثم نهى الله المؤمن عن مصاحبة الأشرار الغافلين عن ذكر الله الذين اتبعوا أهواءهم وجاوزا حدود الحق في أعمالهم.
ويقول تعالى أيضاً في هذا المعنى: }فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{ [النجم: 29].
ويبين الله في آية أخرى أنه ليس من شأن المؤمن أن يتودد إلى من يُغْضِبُ ربه بالمعاصي ولو كان أقرب الناس إليه: }لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ{ [المجادلة: 22]([5]).
وصور لنا رسول الله ﷺ الجليس الصالح والجليس السيئ خير تصوير في قوله: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ([6]) فحامل المسك إما أن يحذيك ([7]) وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة » رواه مسلم.
هذه هي تعاليم الإسلام في اختيار القرين الصالح ليقودنا دائماً نحو الخير ويجنبنا مواطن الضلاله ([8]).
* * *
الرفقة الصالحة
يقول الله تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكبير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكي إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا منتنة» ([9])
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»([10]). والإنسان لا يمكن أن يعيش بمفرده إذ لا بد من صديق وولي وخليل ومداره مع خليله صلاحاً وفساداً. لكن المسلم يتميز بصحبة الأخيار دون غيرهم؛ خوفاً على نفسه من الفساد، وتقرباً إلى الله في حبهم وهم بعد الله من أكبر العون له على الثبات.
واحرص – وفقك الله – على موافقة أهل العلم والتقى وأكرمهم، وأحسن معاشرتهم، وأعف عن هفواتهم، وأطلق وجهك لهم، وشاركهم السراء والضراء، ولا تمن عليهم، واستر عوراتهم، وأظهر مناقبهم، وأقل أعذارهم، وأقض حوائجهم، ورد جوابهم، وتفقد ضعيفهم، واعرف أقدار الرجال؛ فقد قيل: إن فتى جاء إلى سفيان بن عيينة من خلفه فجذبه، وقال: يا سفيان حدثني، فالتفت إليه سفيان. وقال: يا بني من جهل أقدار الرجال فهو لنفسه أجهل([11]).
نسأل الله القبول، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * *
اختيار الأصدقاء([12])
الناسُ في هذه الحياة متفاوتو الخلاق، متباينو المشارب؛ فمنهم من ساءت أخلاقهم فنزعت نفوسهم إلى الشهوات، ومالوا إلى اللذات، فما عرفوا غير إشباع نهمتهم ([13])، وما راعو غير العمل لأهوائهم، فهؤلاء لا خير يرجى منهم، ولا منفعة تعود على المجتمع الإنساني من ورائهم؛ فالإبتعاد عنهم راحة وعدمُ الارتباط بهم وقاية.
ومنهم من حَسُنتْ طباعهُ فقمع نفسه عن لذاتها، وردَعها عن شهواتها، وعمل للمنفعة العامة، وسار في طريق الإصلاح، وهذا هو الجديرُ بالألفة، والخليقُ بالتودد، فالخير معقودٌ بمصاحبتة، والسعادةُ مقرونة بمصادقته؛ لأن نفسه الطاهره تطمح على الدوام إلى الكمال، وقلبَهُ الثابت مشرئب لنيل معالي الأمور، والمرء على دين خليله.
قال الله تعالى: }وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا{ [النساء: 69].
وقال في معرض التحذير من قرناء السوء مبيناً ندامة من لم يحتط لنفسه في اختيار من يصادق: }يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً{ [الفرقان: 28].
وقال تعالى: }وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ{ [هود: 113].
وقال رسول الله ﷺ: «عليكم بإخوان الصدق، فإنهم زينةٌ في الرخاء، وعصمة في البلاء».
وقال عليه الصلاة والسلام: «المرء كثير بإخوانه ولا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له» ([14]).
وقال ﷺ: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» ([15]).
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة » ([16]).
وقال علي t: خيرُ إخوانك من واساك، وخيرٌ منه من كافاك.
وقال عبدالله بن جعفر: عليك بصحبة من إذا صحبته زانك، وإن غبتَ عنه صانك، وإن احتجت إليه مانك ([17])، وإن رأى منك خلة([18]) سدها ([19]) أو حسنة عدَّها.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تجالس الفجار ولا تماشيهم، اتق أن ينزل عليهم عذابٌ من السماء فيصيبك معهم، وجالس الفضلاء والعلماء فإن الله تعالى يحيي القلوب الميتة بالفضيلة كما يحيي الأرض بوابل ([20]) المطر.
وأوصى أمير المؤمنين أولاده قال: يابنىَّ عاشروا الناس عشرةً إن غبتم حنوا إليكم، إن فُقِدْتم بَكَوْا عليكم، إن القلوب جنودٌ مجنَّدة تتلاحظ بالمودة، وتتناجى ([21]) بها وكذلك هي في البغض، فإن احببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه.
وقيل لابن السَّماك: أىُّ الإخوان أحقُّ ببقاء المودة؟ قال: الوافر دينُه، الوافي عقله الذي لا يملك على القرب، ولا ينساك على البعد، إن دنوتَ منه داناك، وإن بعدتَ عنه راعاك، وإن استعنت به عضَدَكَ، وإن احتجت إليه رفدك ([22]) وتكونُ مودةُ فعله أكثر من مودة قوله.
وقال بعض الحكماء: احذر من الكريم إذا أهنته، واللئيم إذا أكرمته، والعاقل إذا أحرجته والأحمق إذا مازحته، والفاجر إذا عاشرته. وقال آخر: الصديق النصوح من بصرَّك مواضع رشدك وعواقب غيّك.
وقال غيره: شرُّ الإخوان الواصلُ في الرخاء، الهاجرُ عند الشدة.
وقال بعض البلغاء: من خير الاختيار صحبةُ الأخيار، ومن شر الإختيار مودةُ الأشرار.
وقال آخر: اصحب من الإخوان من أولاك جمائل كثيرة فكافأته بجميلة واحدة فنسي جمائله، وبقي شاكراً لجميلتك يوليك عليها الإحسان الجميل، ويجعل أنه ما بلغ من مكافأتك القليل.
وقال غيره: الصديق من استروحتْ إليه النفس، واطمأن إليه القلب.
وقال أوس بن حجر:
وليس أخوك الدائم العهد الذي | يذمك إن ولَّى ويُرضيك مقبلاً | |
ولكن أخوك النائي ما دمت آمناً | وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا ([23]) |
وقال أبو تمام:
من لي بإنسان إذا أغضبتُه | وجهلتُ كان الحلمُ رَدََّ جوابه | |
وإذا صبوت ([24]) إلى المدام شربت من | أخلاقه وسكرتُ من آدابه | |
وتراه يُصغى للحديث بطرفه | وبقلبه ولعلَّه أدرى به |
وقال الأحنف بن قيس:
أخوك الذي إن تَدْعُهُ لملمةٍ | يجيبك وإن تغضب الي السيف يغضب |
وقال الشاعر:
إن أخاك الصدق من يسعى معك | ومن يضر نفسَه لينفعك | |
ومن إذا ريب الزمان صدعك | شتَّتَ فيك شمله ليجمعك |
وقال آخر:
ليس الصديق الذي إن زل صاحبه | يوماً رأى الذنب منه غير مغفور | |
وإن أضاع له حقاً فعاتبه | فيه أتاه بتزويق المعاذير | |
إن الصديق الذي تلقاه يعذر في | ما ليس صاحبه فيه بمعذور |
وقال غيره:
إن كنت متخذاً خليلاً | فتَنقَّ وانتقد الخليلا | |||
من لم يكن لك منصفاً | فى الود فابغ به بَديلا | |||
ولقلما تلقى اللئيم عليك إلا مستطيلا | ||||
وقال غيره:
واحذر مؤاخاة الدنيّ لأنه | يُعدي كما يعدي الصحيح الأجرب | |
واختر صديقك واصطفيه تفاخراً | إن القرينَ إلى المقارن يُنْسَبُ | |
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً | إن الكذوبَ لبئس خِلا يُصحبُ |
في التحذير من مخالطة الأشرار ([25])
الحمد لله الذي أمر بمصاحبة الأخيار ونهى عن مصاحبة الأشرار. فقال: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيّن لعباده طرق الخير ليسلكوها، وبيّن لهم طرق الشر ليجتنبوها. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله رغب في إختيار الجليس الصالح وحذر من جليس السوء، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله اتقوا الله واعلموا أن الإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يعيش وحده في عزلة تامة عن الناس فهو في بحاجة إلى مخالتطهم ومجالستهم. وهذا الاختلاط لابد أن تكون له آثار حسنة أو قبيحة- حسب نوعية الجلساء والخلطاء. ومن هنا تضافرت نصوص الكتاب والسنة على الحث على اختيار الجليس الصالح والإبتعاد عن الجليس السيئ قال تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ{ [الكهف: 28] وقال تعالى: }وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ [الأنعام: 68]. وقال ﷺ: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة ». متفق عليه.
أيها المسلم: اجعل هذا الحديث الشريف دائماً على بالك وأنت تخالط الناس في الأسواق والمجالس، وفي البيوت والمدارس، وفي المكاتب والدوائر، وفي كل مجال تخالط فيه الناس فاختر لصحبتك ومجالستك ومشاركتك في مزاولة أي عمل، اختر الصالحين من الناس ليكونوا لك جلساء وزملاء وشركاء وحاشية ومستشارين، فهذا الحديث الشريف يفيد أن الجليس الصالح جميع أحوال صديقه معه خير وبركة ونفع ومغنم. مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه إما بهبة أو ببيع أو أقل شيء تكون مدة جلوسك معه قرير العين منشرح الصدر برائحة المسك، جليسك الصالح يأمرك بالخير وينهاك عن الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق والحكمة البالغة. ويعرفك عيوب نفسك ويشغلك عما لا يعنيك، ويجهد نفسه في تعليمك وتفهيمك، وإصلاحك وتقويمك، إذا غفلت ذكرك، وإذا أهملت أو مللت بشرك وأنذرك. يحمي عرضك في مغيبك وحضرتك. أولئك القوم لا يشقى بهم جليسهم، تنزل عليهم الرحمة فتشاركهم فيها؛ وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح – وهي فائدة لا يستهان بها – أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة ومنافسة في الخير وترفعاً عن الشر وفوائد الأصحاب الصالحين لا تعد ولا تحصى وحسب المرء أن يعتبر بقرينه، وأن يكون على دين خليله.
وصحبة الصالحين ينتفع بها حتي البهائم، كما حصل للكلب الذى كان مع أصحاب الكهف فقد شملته بركتهم فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال العجيبة، وصار له ذكر وخبر وشأن. أما صحبة الأشرار فإنها السم الناقع، والبلاء الواقع، فهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات ويرغبون فيها ويفتحون لمن جالسهم وخالطهم أبواب الشرور، ويسهلون له سبل المعاصي. فقرين السوء إن لم تشاركه في اساءته أخذت بنصيب وافر من الرضا بما يصنع، والسكوت على شره، فهو كنافخ الكير على الفحم الملوث، وأنت جليسه القريب منه يحرق بدنك وثيابك ويملأ أنفك بالروائح الكريهه، وفي مجالس الشر تقع الغيبة والنميمة والكذب والشتم والكلام الفاحش ويقع اللهو واللعب وممالأة الفساق على الخوض في الباطل فهي ضارة من جميع الوجوه لمن صاحبهم، وشر على من خالطهم، فكم هلك بسببهم أقوام، وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
وإليكم: واقعين ومأساتين حصلتا بسبب صحبة الأشرار:
الواقعة الأولى: ورد أن عقبة بن أبي معيط كان يجلس مع النبي ﷺ بمكة ولا يؤذيه، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه يؤذونه عليه الصلاة والسلام، وكان لابن أبي معيط خليل كافر غائب في الشام فظنت قريش أن ابن أبي معيط قد أسلم فلما قدم خليله من الشام وبلغه ذلك غضب عليه غضباً شديداً وأبى أن يكلمه حتي يؤذي النبي ﷺ فنفذ ما طلب منه خليله الكافر وآذي النبي ﷺ، فكانت عاقبته أن قتل يوم بدر كافراً. وأنزل الله فيه قوله تعالى: }وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً{ [الفرقان: 27-29]. وهي عامة في كل من صاحب الظلمة فأضلوه عن سبيل الله، فإنه سيندم يوم يوم القيامة على مصاحبتهم وعلى الإعراض عن طريق الهدى الذى جاء به الرسول ﷺ.
الواقعة الثانية: روى البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ﷺ وعنده عبدالله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: «يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله» فقال له: أترغب عن ملة عبدالمطلب، فأعاد عليه النبي ﷺ فاعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبدالمطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي ﷺ: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك»، فأنزل الله عز وجل: }مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى{ [التوبة: 113]. وأنزل الله في أبي طالب: }إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ{ [القصص: 56]ففي هذه الواقعة التحذير الشديد من مصاحبة الأشرار وجلساء السوء وفي يوم القيامة يقول القرين لقرينه من هذا الصنف: }يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ{ [الزخرف: 38] ألا فانتبهوا يا عباد الله لأنفسكم وجالسوا أهل البر والتقوى وخالطوا أهل الصلاح والاستقامة. وابتعدوا وابعدوا أولادكم عن مخالطة الأشرار ومصاحبة الفجار، خصوصاً في هذا الزمن الذي قل فيه الصالحون وتلاطمت فيه أمواج الفتن، فإن الخطر عظيم. والمتمسك بدينه غريب بين الناس، وقد وقع ما أخبر به النبي ﷺ بقوله: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء» قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس» أخرجه مسلم، وأبوبكر الآجري وفي رواية: «يصلحون ما أفسد الناس» وفي رواية «هم النزاع من القبائل». فتنبهوا لذلك وفقكم الله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: }هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ{ [الزخرف: 66-73].
* * *
مشروعية الحب في الله وهو الولاء
مشروعية الحب في الله:
الرباط الذي يقوم بين المسلمين ليس رباط دم أو عصبية قومية، وإنما هو رباط الإيمان بالله فالمؤمنين إخوة والمسلم أخو المسلم كما يقول الرسول ﷺ، والحب والكره يكونان في الله قبل كل شيء، وكل صلة تكون بسبب القرابة أو الجوار أو المعاملات فإنها تكون مقبولة عند الله ما دامت لا تتعارض مع مبدأ الحب في الله، أما إذا تعارضت مع هذا المبدأ العظيم فيجب التخلي عنها امتثالاً لقوله تعالى: }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ{ [التوبة: 71]. والحب في الله يكون بين الصالحين من عباده لقوله ﷺ في رواية عن أنس t: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان» وفيه: «أن يحب المرء لا يحبه إلا لله تعالى» إلخ. رواه البخاري ومسلم، وعن أبي أمامة t، عن النبي ﷺ قال: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» رواه أبو داود والترمذي، وعن أبي ذر t، عن النبي ﷺ قال: «أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله» رواه أبو داود، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» ومنهم: «رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه».
كيفية الموالاه:
يقول الله عز وجل: }وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ{ [التوبة: 71]. والولاء محبة الله ونصرة دينه ومحبة أوليائه ونصرتهم، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ولا يوالي إلا لله ولا يعادي إلا لله، وأن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله) ([26]) ومعلوم أن مواصلة أهل الإيمان تكون بالموالةه والنصرة والأنس والمعاونة والجهاد والهجرة ([27]).
وهكذا حرص الرسول ﷺ على تربية أمته بإبعادها عن الفخر بالأنساب وجعل الإنتماء إلى دين الله هو الإنتماء الذي يجب أن يسود، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فاتباع سنة رسول الله واتباع شريعته باطناً وظاهراً هو موجب محبة الله كما أن الجهاد في سبيل الله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه هو حقيقتها ([28]).
وحين فقد المسلمون الموالةه فيما بينهم وابتعدوا عن مواصلة أهل الإيمان ومعاداة أهل الكفر ظهرت فيهم العقائد المنحرفة وسادت الأيدلوجيات المصطنعة وحكموا شريعة الطواغيت، كما هو حاصل اليوم في معظم البلاد الإسلامية.
والموالاة تتم للمستقيم على أمر الله وهو من تجب نصرته ومودته، أما من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً فيوالي بحسب ما عنده من الإيمان ويعادي بحسب ما هو عليه من البدع والكبائر والمعاصي، قاله أكثر أهل العلم.
ويدخل في المحبة أيضاً النصرة للمسلم من أي جنس أو لون كان وفي أي أرض حل، ينصره بنفسه وماله ويذب عن عرضه بحسب قدرته، ومنها الهجرة لأنها مرتبطة بالولاء والبراء، ومن ذلك الجهاد في سبيل الله لأنه الفاصل بين الحق والباطل ومن المعلوم أن النفقة والصدقة على الأقارب الكفار مع أنه عمل مشروع فإنه ليس بموالاة فيجب الانتباه إلى ذلك.
السلام والمصافحة:
ومفتاح الحب في الله يكون بالسلام والمصافحة، فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم. ولحديث قتادة في صحيح البخاري، قال: قلت لأنس t أكانت المصافحة في أصحاب النبي ﷺ قال نعم ويدخل في ذلك: إخبار الرجل أخاه المؤمن أنه يحبه لحديث المقدام بن معد كرب رضي الله عنه النبي ﷺ قال: «إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه» رواه أبو داود والترمذي وأحمد والحاكم.
المجالسة والصحبة:
ومن الحب في الله مجالسة الصالحين وصحبتهم، قال تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ{ [الكهف: 28]. وعن أبي موسى الأشعري t أن النبي ﷺ قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة» متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري t، عن النبي ﷺ قال: «لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي» رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح. وقال الترمذي: حديث حسن.
وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: : «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو دواد والترمذي بسند حسن.
التزاور في الله:
ومن الحب في الله: التزاور فعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ : «أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى له على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية. قال هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا غير أني أحببته في الله، قال: إني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه» رواه مسلم. وعنه t قال: قال رسول الله ﷺ: «من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنه منزلاً» رواه الترمذي.
صفة المتحابين في الله يوم القيامة:
وفي صفة هؤلاء المتحابين في الله وبيان مكانتهم ومودتهم، قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا{ [مريم: 96]. وعن عمر t عن النبي ﷺ قال: «إن من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى» قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال: «هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس }أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{» رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» رواه مسلم. وعن معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: قال الله تعالى: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وعن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتى للمتحابين في والمتزاورين في والمتجالسين في والمتباذلين في» حديث صحيح رواه مالك في الموطأ بإسناده الصحيح.
وعكس ذلك ما جاء في صفة أهل النار الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، قال المفسرون هي قطع صلة الرحم وقطع المواصلة بين أهل الإيمان. ومن ذلك كله يتبين لنا أن مواصلة أهل الإيمان فيما بينهم تكون بالسلام والمصافحة والإخبار بالمحبة، وكذلك تكون بالمجالسة والصحبة والتزاور فيما بينهم مهما بعدت المسافات بينهم. جعلنا الله منهم وحشرنا في زمرتهم بفضله ومنّه ورحمته آمين. والله أعلم ([29]).
المعاشرة
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلُّفاً | فدعه ولا تُكثر عليه التأسُفا | |
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة | وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا | |
فما كل من تهواه يهواك قلبه | ولا كلُّ من صافيته لك قد صفا | |
إذا لم يكن صَفو الوداد طبيعة | فلا خير في وُدّ يَجيء تكلفا | |
ولا خيرَ في خِلّ يَخون خليله | ويلقاه من بعد المودة بالجفا | |
ونكرُ عَيشا قد تقادم عهده | ويُظهر سراً كان بالأمس قد خفا | |
سلام الله على الدنيا إذا لم يكن بها | صديق صدوق صادق الوعد مُنْصِفا |
* * *
صاف الكرام فخيرُ من صافيته | من كان ذا أدب وكان ظريفًا | |
وأحذر مُؤاخاة اللئيم فإنهُ | يبدي القبيح ويُنكرُ المعروفا | |
إن الكريم وإن تضعضع حاله | فالخلقُ منه لا يزال شريفًا | |
والناس مثل دراهم قلبتها | فأصبت منها فضة وزيوفًا |
* * *
ولن يصحب الإنسان إلا نظيره | وإن لم يكونا من قبيل ولا بلد | |
وما الغيُّ إلا أن تُصاحب غاوياً | وما الرشد إلا أن تُصاحب ذا رشد | |
أخو الفسق لا يغررك منه تودد | فكل حبال الفاسقين مهينُ | |
وصاحب إذا ما كنت يومًا مصاحبًا | أخا ثقة بالغيب منك أمينُ |
* * *
اجعل قرينك من رضيت فعاله | واحذر مُقارنة اللئيم الشائن | |
كم من قرين شائن لقرينه | ومهجن منه لكل محاسن |
* * *
وعينك إن أبدت إليك مساوياً | من الناس قل يا عينُ للناس أعينُ | |
وعاشر بمعروف وكن مُتَوَدَّدًا | ولا تلق إلا بالتي هي أحسنُ ([30]) |
* * *
"فصل" في تعريف الصديق والصداقة ([31])
قالوا الصَديق من صَدَقْ | في وده وما مَذَقْ | |
وقيل من لا يطعنا | في قوله أنت أنا | |
وقيل لفظٌ لا يُرى | معناه في هذا الورى | |
وفسروا الصداقة | الحبَّ حَسْب الطاقة | |
وقال من قد اطلقا | هي الودادُ مُطلقا | |
والآخرون نصُّوا | بأنها أخصُّ | |
وهو الصحيح الراجحُ | والحق فيه واضح | |
علامةُ الصديق | عند اولى التحقيق | |
محبة بلا غَرَض | والصدق فيها مُفتَرضَ | |
وَحدُّها المعقولُ | عندي ما أقُولُ | |
فهي بلا اشتباه | محبة في الله |
* * *
"فصل" فيمن ينبغي أن يصادق ويصافي ويصاحب ويوافي ([32])
أخو صلاحٍ وأدب | وذُو حسب ذو نسب | |
ربُّ صلاح وتُقى | ينهاك عما يُتقى | |
من حيلةٍ وغدرٍ | وبدعةٍ ومكر | |
مُهذب الأخلاق | يطرب للتلاقي | |
يحفظ ما في عينيك | يَصُون ما في غيبتك | |
يزينه ما زانكا | يشينه ما شانكا | |
يُظهر منك الحسنا | ويذكر المستحسنا | |
ويكتم المعيبا | ويحفظ المغيبا | |
يسرُّهُ ما سركا | ولا يُذْيع سركا | |
إن قال قولاً صَدَقَك | أو قُلت قولاً صدَّقَكْ | |
وإن شكوت عُسراً | أفدت منه يُسرا | |
يلقاك بالأماني | في حادث الزَّمانِ | |
يُهدي لك النصيحة | بنيةٍ صحيحة | |
خِلَّته مُدانية | قي السر والعلانية | |
صُحبته لا لغَرض | فذاك للقلب مرض | |
لا يَتَغَير إن وُلي | عن الوداد الأول | |
يرعى عُهُود الصُّحبة | لا سيما في النكبة | |
لا يُسْلم الصَّديقا | إن نال يومًا ضيقًا | |
يُعينُ إن أمرٌ عنى | ولا يفوه بالخنا | |
يُولي ولا يعتذر | عَمَّا عليه يقدرُ | |
هذا هو الأخُ الثقة | المستحق للمقه | |
إن ظفرت يداك | فكد به عداك | |
فإنهُ السلاحُ | والكهف والمناحُ | |
وقد روى الرواة | السادةُ الثُّقاةُ | |
عن الإمام المرتضى | سيف الإله المُنتضى | |
في الصحب والإخوان | أنهم صنفان | |
إخوان صدق وثقة | وأنفسٍ مُتفقة | |
هم الجناحُ واليدُ | والكهف والمستند | |
والأهل والأقاربُ | أذنهم التجاربُ | |
فأفدهم بالروح | في القرب والنزوح | |
واسلك بحيث سلكوا | وابذل لهم ما تملك | |
فلا يروك مالكًا | من دُونهم لمالكا | |
وصاف من صافهم | وناف من نافهم | |
واحفظهم وصُنهم | وانف الظنون عنهم | |
فهم أعزُّ في الورى | إن عن خطب أو عرى | |
من احمر الياقوت | بل من حلال القوت | |
وإخوة للأنس | ونيل حظ النفس | |
هُم عُصبة المجامله | للصدق في المعامله | |
منهم تُصيب لذتك | إذا الهموم بذتك | |
فصلهم ما وصلوا | وابذل لهم ما بذلوا | |
من ظاهر الصداقة | بالبشر والطلاقة | |
ولا تسل إن ظهروا | للود عمَّا أضمروا | |
وأطوهم مَدَّ الحِقَبِ | طيّ السجل للكتب | |
وقال بشر الحافي | بل عدة الأصناف | |
ثلاثةٌ فالأولُ | للدين فهو الأفضلُ | |
وآخر للدُّنيا | يهديك نجد العليا | |
وثالث للأنس | لكونه من جنس | |
فأعط كُلا ما يُحبْ | وعن سواهم فاجتنب |
* * *
"فصل" في التحذير من صحبة الأشرار
وصحبة الأشرار | أعظم في الإضرار | |
من خدعة الأعداء | ومن عُضال الداء | |
يُقبحون الحسنا | ودأبهم قول الخنا | |
شأنهم النميمة | والشيم الذميمة | |
إذا أردت تصنعُ | خيراً بشخص منعوا | |
الغل فيهم والحسد | والشر حبل من مسد | |
إن مُنعُوا ما طلبوا | تنمروا وكلبوا | |
وأعرضُوا إعراضا | ومزقوا الأعراضا | |
ليس لهم صلاحُ | حَرَامُهُم مُباحُ | |
لا يَتَّقُون قُبحا | ولا يعُون نُصحا | |
يغدون بالقبيح | والضر والتبريح | |
كلامُهُم فحاش | وأنسهم إيحاش | |
الخير منهم واني | والشر منهم داني | |
شيطانهم مُطاع | ودينهم مُضاع | |
لا يرقبون إلا | ولا يرون خلا | |
إخلاصهم مُداهنة | وودهم مُشاحنة | |
صلاحهم فساد | رواجهم كساد | |
عزيزُهم ذليل | صحيحهم عليل | |
ضياؤهم ظلامُ | وعُذرهم ملام | |
تقريبهم بعيدُ | ووعُدهم وعيد | |
إذا سألت ظنوا | أو منحوك منوا | |
وإن عدلت مالوا | وإن سألت قالوا | |
ربحهم خُسران | وشكرهم كُفران | |
وودهم خداع | وسرهم مذاع | |
إذغانهم لجاجُ | معينهم أُجاجُ | |
وليس فيهم عاري | من ادَّراع العار | |
البُعدُ عنهم خيرُ | والقرب منهم ضير | |
فاحذرهم كُل الحذر | لحالك لاحٍ أو عذر | |
واسمع مقال الناصح | سمع اللبيب الراجح | |
وقال أربابُ الحكم | العالمون بالأمم | |
إن شئت أن تُصاحبا | من الأنام صاحبا | |
فابدأه بالمشاوره | في حالة المحاوره | |
من حالةٍ تريدها | أو حاجة تفيدها | |
فإن أشار ناصحًا | بالخير كان صالحا | |
فَأوْله الصداقة | ولا تخف شقاقة | |
فالخير فيه طبع | وأصله الفرعُ | |
وإن أشار مُغريا | بالشر كان مغويًا | |
فاجتنب اصطحابه | وواظب اجتنابه | |
والشيم الرديَّة | أضحت له سجيه | |
هذا وقد تم الرجز | بعون ربي ونجز | |
وحاكها أحكامها | أحكمتها إحكاما | |
كدرر البحور | على نُحُور الحُور | |
والختم بالصلاة | على زكي الذات | |
وبالسلام السرمد | على النبي أحمدِ | |
والآل والأصحاب | مع جُملة الأحباب | |
ما غردت حمامه | إلى يوم القيامهْ |
تمت
([1]) الحديث في قصة وفاة أبى طالب مخرج في الصحيحين.
([2]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم ورمز السيوطي
([3]) انظر: إصلاح المجتمع للبيجاني ص362-365، وبهجة قلوب الأبرار لابن سعدي ص177-179، وأحاديث الجمعة للشيخ عبدالله بن قعود ص93-96.
([4]) فرطاً: متجاوزاً الحدود المشروعة.
([5]) حاده: عاداه وغاضبه.
([6]) الكير: منفخ الحداد الذي يشعل النار وينفث الدخان.
([7]) يحذيك: يعطيك.
([8]) روح الدين الإسلامي ص216.
([9]) البخاري(9/569) ومسلم (2628) وأحمد (4/404)
([10]) أبو داود (4833) والترمذي (2379) وأخرجه أحمد (2/303) والحاكم (4/171)
([11]) مقومات الثبات على الهداية ص99.
([12]) فتح الخلاق بمكارم الأخلاق ص123.
([13]) النهم: إفراط الشهوة في الطعام.
([14]) رواه ابن أبي الدنيا عن سهل بن سعد، ولفظه "المرء كثير بأخيه". ورمز السيوطي لضعفه.
([15]) رواه أبو داود والترمذي وحسنه وصححه النووي.
([16]) رواه البخاري ومسلم.
([17]) قام بكفايتك.
([18]) غيبة وثلمة.
([19]) أصلحها
([20]) شديد.
([21]) تتسار
([22]) أعطاك وأعانك.
([23]) اشتد واستغلق.
([24]) صبا إليه: حن.
([25]) الخطب المنبرية في المناسبات العصرية، للدكتور صالح الفوزان 1/140.
([26]) الاحتجاج بالقدر ص62 ط. سنة 1393هـ ،المكتب الإسلامي.
([27]) المسائل المفيدة، للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
([28]) التحفة العراقية ص76.
([29]) أصول المنهج الإسلامي ص449-453.
([30]) جواهر الأدب 2/484-485.
([31]) ديوان أحمد بن على بن مشرَّف-رحمة الله-، طبعة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر، ص210.
([32]) المصدر السابق ص211.