×
في بيتنا خادمة: تحتوي هذه الرسالة على العناصر التالية: هل نحن بحاجة إلى خادمة؟ اختيار الخادمة، ما هو المطلوب من الخادمة؟ إيجابيات الخادمات، معاملة الخدم، معاملة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع خادمه، فتاوى الاختلاط مع الخادمات، فتوى في حكم استقدام الخادمة من الخارج بدون محرم، هل نستطيع أن نتخلص من الخادمة؟ فضل القيام على إعانة الزوجة وخدمة الأهل.

 في بيتنا خادمة

د. عبد الملك القاسم

 مدخل

قال الله -- عز وجل --: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: 32].

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره» رواه ابن ماجه والبيهقي.

قال الشاعر:

والناس للناس من بدو وحاضرة

بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم


 شكر النعم

الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، فهدانا للإسلام وأتم علينا هذا الدين، وأرسل علينا السماء وأخرج لنا من كنوز الأرض، فله الحمد والشكر. ولقد كانت هذه البلاد قبل سنوات لا تتجاوز الثمانين، دار جوع ومسغبة ومواطن أمراض وأوبئة. يصبحها الجوع، ويمسيها الخوف؛ طوارق ونوازل تحل بهم كل يوم.

الغني فيهم من يجد لقمة عيش تكفيه ما يسد رمقه. نعم كانوا لا يجدون ما يملؤون بطونهم. أما ملابسهم الجديدة فلا يعرفها الأغنياء والموسرون إلا من الحول إلى الحول.

وكلما ألمت هذه الأيام مجاعة بأفريقيا أو دولة إسلامية تذكرنا مجاعة آبائنا وأجدادنا بل هم أحسن حالاً من آبائنا؛ فالهيئات الإغاثية تهب إليهم أما نحن فالموت أول قادم إلينا.

ولو قيل لأجدادنا: سوف يأتي زمان يقدم فيه أناس من أقصى الأرض لتنظيف شوارعكم وحمل مخلفاتكم لما صدق العقل والخيال ذلك.

وها نحن الآن نتقلب في نعم الله - عز وجل - ونخدم في جميع الأعمال في المنازل والشوارع والطرقات. فاللهم لك الحمد ولك الشكر. وندعو الله - عز وجل - أن لا يكون استدراجًا . وأن لا نكون من أهل هذه الآية: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [النحل: 112].

ولقد وردت آيات كثيرة نصت على الترف والمترفين وسوء هذا على نفوس الكثير، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ﴾ [المؤمنون: 64].

وقال تعالى عن أصحاب الشمال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾ [الواقعة: 45].

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء: 16].

وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23].

وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [سبأ: 34].

وكل ذلك من كفر النعمة وعدم شكرها فإن الإنسان يلهى ويستغني عن ربه في غالب الأمر..

ولأن بيوتنا قد امتلأت بالخدم والحشم أحببت أن أذكر الجميع بحقوق هؤلاء المساكين وأحذر أيضًا من مضارهم ومساوئهم، وأركز على طريقة التعامل معهم؛ ففي ذلك خير لنا ولهم.

جعل الله هذه الدنيا وما فيها زادًا إلى الآخرة وأعاننا على شكره وذكره وطاعته..

وجعلنا الله من يتواصون بالحق ويسيرون على طريقه حتى نغادر هذه الدنيا وليس علينا مظلمة لأحد.


 هل نحن بحاجة إلى خادمة؟

المتأمل في حال كثير من الأسر يلاحظ أن وجود خادمة في المنزل أصبح من متطلبات الحياة العصرية، ولكن تبقى هذه الظاهرة فيها أمر من المباهاة وعدم الحاجة الماسة إلى الخادمة، ومما يثبت هذا الأمر النقاط التالية:

1- أن بيوت الناس اليوم أحسن حالاً من السابق من حيث التصميم والنظام وسهولة تنظيفها وصيانتها وتوفر الأجهزة المعينة على ذلك.

2- اختفاء كثير جدًا من أعمال المرأة الشاقة التي كانت تمارسها في الماضي ربة المنزل مثل جلب الماء والطحن باليد والطبخ بالأخشاب وغيرها.

3- من الملاحظ أن ظاهرة الخدم تفشت ووصلت إلى القرى البعيدة النائية، بل وحتى بيوت الشعر.

4- مع التطور العلمي الهائل أصبحت أعمال المنزل مع وجود الأجهزة أعمالاً سهلة مثل غسل الملابس والأواني والأرضيات وذلك بواسطة المكائن الخاصة بها.

5- اعتماد كثير من الأسر على خدمات خارجية مساندة مثل الخياطة للرجال والنساء، وكذلك غسل الملابس والطبخ في المناسبات وغيرها..

6- وجود خادمة في المنزل معناه إيجاد وقت فراغ لدى ربة المنزل وأبنائها، وهذا الفراغ لم نر له أثرًا في التزود من العبادة والطاعة، ولم نسمع أن إحداهن حمدت الله - عز وجل - وتفرغت لحفظ القرآن، بل ولم نسمع أن إحداهن فرغت نفسها لخدمة زوجها وأبنائها ومجتمعها. والعكس هو المشاهد؛ فوقت الفراغ هذا أوجد أمورًا خطيرة في المجتمع وداخل الأسر، منها التعود على حياة الترف، وانتشار أمراض السمنة، وجهل كثير من بناتنا بواجباتهن في منازل المستقبل، ثم إن هذا الفراغ كما قال الشاعر:

إن الفراغ والشباب والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

ولهذا انتشرت محلات الفيديو، وكثر مشاهدو التلفاز والقنوات الفضائية، وتوسع الناس في الذهاب للأسواق. وقس على ذلك ما يعم ويطم من المصائب الأخرى.

وكل هذا مدعاة إلى أن تقوم كل أسرة بدراسة احتياجاتها الفعلية قبل استقدام خادمة وما هي الآثار الإيجابية والسلبية، وتسأل نفسها السؤال التالي:

هل هناك ضرورة لاستقدام خادمة أم أن الأمر ترف ومجاراة ومباهاة؟!

وقبل أن تجيب على السؤال إليها معلومات سريعة لمعرفة حجم ظاهرة الخدم وأخطارها على المجتمع السعودي([1]).

1- دلت الدراسات الميدانية على أن 51.2% من الخادمات في المملكة أعمارهن في سن الشباب ما بين 21-30 سنة، ومعلوم أن لهذه السن نزوات ونزغات.

2- أكدت آخر الإحصائيات أن اللاتي يفدن إلى المملكة ودول الخليج معظمهن من دول جنوب شرق آسيا، وغالب تلك الدول متخلفة اجتماعيًا وحضاريًا وعلمًا وينتشر لديهم الانحلال الأخلاقي، وأيضًا عدم صفاء العقيدة وظهور الكثير من البدع والخرافات لديهم (هذا لمن يتسمين بالإسلام).

3- أكدت الإحصائية أن 45% منهم مسلمات، و45% نصرانيات، و10% ديانات كفرية أخرى.

4- تؤكد الإحصائية أن 76% أميات (لا يجدن القراءة والكتابة) و93% لا يتحدثن العربية.

وبإلقاء نظرة سريعة على هذه الأرقام المفزعة نستطيع أن نقرر هل نحن في حاجة لأمثال هؤلاء؟!


 اختيار الخادمة

إذا قررت أن تختار خادمة -وابتليت بذلك- فإن هذا بداية مشوار المتاعب، ولكن عليك بالحرص والتدقيق كما هي عادتك في أمور الدنيا الأخرى التي تحرص على التدقيق فيها ودراستها من جميع الجوانب.

وينبع الحرص على اختيار الخادمة المناسبة لأنها سوف تكون أحد أفراد المنزل؛ تعيش معهم، وتأكل معهم، وتطلع على أسرارهم، وتعلم خفايا غرفهم، وتسمع وترى فرحهم وترحهم. ومن السفه ترك المواصفات المهمة كالدين والخلق وتجاوزها إلى الحرص على أن تكون الخادمة ماهرة في الطبخ أو جميلة أو شابة.

ومن أهم الشروط التي يجب توفرها في الخادمة شرطان أساسيان وردا في الآية الكريمة: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26].

فالقوة إشارة إلى إحكام العمل والمهارة فيه، والأمانة إشارة إلى إخلاص العامل في عمله برعاية حدود الله تعالى ورعاية حق المخدوم.

يقول الزمخشري في تفسيره: إذا اجتمعت هاتان الخصلتان؛ أعني الكفاية والأمانة؛ في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك، وقد استغنيت بإرسال هذا الكلام الذي سياقه سياق المثل. والحكمة أن تقول: استأجره لقوته وأمانته. وقل من تجتمع فيه هذه الخصال كلها، فإما أن يكون أمينًا وليس بقوي أو يكون قويًا وليس بأمين، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القوي».

ولا بد أن يلاحظ رب الأسرة أن تكون الخادمة قد تجاوزت سن المراهقة والطيش لما في ذلك من آثار أخلاقية واجتماعية نتيجة تصرفات بعضهن في سن صغيرة، وليستقدم معها زوجها أو أخاها ليكون محرمًا لها، وإن كان في ذلك مشقة ظاهرة فإن ذلك طاعة لله ولرسوله، وفيه خير كثير لأهل البيت قد لا يعلمونه.

والشرط المهم الذي لا يغيب عن المسلم الذي يسمع ويطيع لله ولرسوله أن تكون الخادمة المستقدمة مسلمة؛ ولا يكفي إسلام الوثائق المسجل في جواز السفر؛ فكثيرًا ما يحدث تزوير في ذلك وأنها مسلمة وهي ليس بذلك أو أنها ممن يتسمين بالإسلام ولا يعرف إلا اسم الإسلام فقط.

أما من يستقدم خادمة غير مسلمة فليحذر من سخط الله وعقابه عاجلاً أو آجلاً، كما قال تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، وليدعها للإسلام قبل ترحيلها فإن أجابت وإلا فلا ينتظر المساء، بل عليه أن يعيدها إلى بلدها امتثالاً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» رواه البخاري ومسلم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان» رواه أحمد.

ولا تنس حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يأمرك بذلك فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى» قيل: يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» رواه البخاري.

وقد عد العلماء أن من موالاة الكفار استقدامهم.

وكثير من النساء ينظرن إلى نشاط وهمة الخادمة غير المسلمة ويقدمونها على المسلمة؛ والله - عز وجل - يقول: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾.

وماذا عليها لو تنازلت عن قليل من الهمة والنشاط في سبيل دينها الإسلام؟! أم تقدم الهمة والنظافة على دين الإسلام وتخالف أمر الله - عز وجل - وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - ثم هي تريد الصحة والعافية والسعادة؟! وهي تجاهر بمعصية الله وترد أمر رسوله!!

ومع الأسف الشديد فقد انتشر في بعض المجالس تفضيل الخادمة غير المسلمة على المسلمة؛ لأنها -كما تقول إحدى الجاهلات- أنظف وأكثر عملاً. والله - عز وجل - يقول موضحًا الأمر بما لا يدع مجالاً لهذه الجاهلية: ﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾، وربما يصل حديث المجالس إلى أمور خطيرة جدًا حينما ترفع إمعة جاهلة صوتها -لا يحدث قول الله ولا قول رسوله في قلبها شيئًا- فتقول: نريد غير مسلمة حتى لا تشغلها الصلاة عن أعمال المنزل!! وهذا كلام خطير يتعلق بسلامة دينها؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب» متفق عليه.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.


 عند قدومها

لك أيها القارئ الكريم أن تتخيل حالها: امرأة ضعيفة مسكينة، لا تعرف لغتك، ولا تعلم أين تذهب، ومع من تسكن، ولا أين تسكن. أمور وأهوال تواجهها وهي تغادر منزلها الصغير وتترك أطفالها ووالديها وبلدها.

ولتعرف حجم ذلك التعب والمعاناة تأمل ذلك في سفرك وأنت في نعمة ورخاء، وتحمل ما تريد من المال والزاد، ومع ذلك تتطلع إلى غرفة في فندق لتلقي متاعك وتريح أعصابك.

ولمواجهة ضعف وخوف المسكينة أناديك بقول الله وقول رسوله، وعليك بأوامر الإسلام وتعاليمه أن تأخذ هذه الأمور على الرأس والعين:

1- أن تهش وتتبسط لها زوجتك وتؤنس وحشتها، فإنها غريبة ضعيفة.

2- تعويدها على الحجاب وسؤالها عن الصلاة والطهارة وتعريفها اتجاه القبلة.

3-تجهيز مكان مناسب لها صحيًا وأمنيًا ومهيأ بدورة مياه مستقلة.

4- إعداد بعض الطعام وتقديمه لها فهي خاوية البطن مرهقة من السفر، فبعضهن لها أسبوع أو أكثر منذ أن غادرت منزلها.

5- تطييب نفسها وإهداؤها مصحفًا ينبئ عن حسن المعاملة وأنها فرد من أفراد المنزل.

6- إعطاؤها من الثياب ما يسترها ويفرحها خاصة في وقت الشتاء الذي تشتد برودته عندنا.

7- إشعارها بأهمية رابطة الإسلام وأنها أخت لنا في الله، وإذا لم تكن مسلمة فيقال لها: نحن نعاملك هكذا لأن الإسلام أمرنا بذلك.

8- يترك لها بعد وصولها يوم أو أكثر للراحة والاطمئنان.


 ما هو المطلوب من الخادمة؟

1- إخلاص العبادة لله وحده، وهذا لا يتم إلا بعد تصحيح عقيدتها بالعلم الشرعي حتى لا يكون بين أظهرنا مشركون يدعون أهل القبور ويذبحون لغير الله وينشرون بدعهم في مجتمعنا.

2- التأكيد على أداء العبادات في أوقاتها وبأركانها وشروطها وواجباتها ومستحباتها.

3- الالتزام بالستر الكامل والحشمة طاعة لله ورسوله، وهذه الأمور قد لا يرى بعض الإخوة أنها موجهة للخادمة وهذا من الجهل بأوامر الدين وإلا فما الفرق بين الزوجة والخادمة في آيات الحجاب؟! ثم إن هذا الستر وإن كان موجهًا للخادمة إلا أنها في الدرجة الأولى موجهة لفرد من أفراد الأسرة تقضي في البيت أكثر مما تقضيه ربة المنزل إذا كانت مدرسة أو عاملة «مثلاً»؛ أليس من حقها علينا أن نحافظ عليها ونعلمها مصلحة لأنفسنا أولاً، وقبل ذلك براءة لديننا من تركها على معصيتها وجهلها.

4- أغلب أعمال الخادمات أعمال يدوية -خاصة بالنظافة- وهي أعمال مرهقة ومجهدة للبدن. فيجب مراعاة ذلك والنظر إليها بعين العطف والشفقة.

5- غالب الخادمات تقوم بأعمال في المنزل لا حصر لها مثل نظافة المنزل والملابس والكنس ثم الطبخ وغسل الأواني. قائمة طويلة منذ أن تصبح حتى تمسي، بل أنها أول أهل البيت استيقاظًا وآخرهم نومًا، وهي مع ذلك الجهد غير مرضي عنها وعن عملها!!


 إيجابيات الخادمات

لكل ظاهرة اجتماعية إيجابياتها وسلبياتها، ومن المهم التحدث عن الإيجابيات حتى يكون هناك عدل وإنصاف، ومن أبرز إيجابيات الخدم:

1- التخفيف عن ربة الأسرة من أعمال المنزل وجعلها تتفرغ لأعمال أهم كالدعوة إلى الله والتدريس والطب وغيرها.

2- مساعدة من قد لا تستطيع القيام بأعمال المنزل كالمرأة الكبيرة أو التي في حال المرض والنفاس وغيرها.

3- نفع المسلمين في أنحاء مختلفة من العالم عبر تحويلات الخدم النقدية من هنا، وأؤكد على احتساب النية في ذلك حتى يكون الأجر مضاعفًا إن شاء الله.

4- رغم كل المحاذير والسلبيان التي تنتج عن استقدام الخادمة، إلا أنه مع وصولها تبدأ مرحلة الدعوة إلى الله معها عبر ما تراه وتسمعه في هذا البيت المسلم من المحافظة على الشعائر والعفة والحشمة وغيرها كثير.

5- إن إهداءها الشريط والكتب أمر مهم. وهو سهل ميسر ولله الحمد، وتكلفته لا تتجاوز ريالات معدودة.

6- لا بد أيضًا من إرسال كتب وأشرطة لقريتها وأقاربها هناك، وهذا فيه خير عظيم وأثر ملموس مشاهد. وما الذي يمنع من إرسال ذلك مع تيسر الأمور ولله الحمد؟ فربما يحيي الله بهذا الكتيب والشريط قرى كاملة هناك.

فأبشر أيها الأخ الكريم؛ فإن كانت كافرة وأسلمت فلك مثل أجر عملها وأجر من تبعها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيئًا، وإن كانت مسلمة وصححت عقيدتها ورفعت درجة التزامها وطاعتها فلك مثل أجر ذلك، وإن خرجت هذه الخادمة وعادت داعية في بلادها فإنها خير معين لأهلها وقومها في نشر هذا الدين، وقد تتحول هذه الخادمة بهذه الدعوة إلى خير ساقه الله إليك، كما أن بدعوتها وتربيتها التربية الصحيحة تخفيفًا أو إلغاء لخطرها في البيت وعلى الأسرة والأبناء، فكلما كانت متمسكة بالإسلام عقيدة ومنهجًا كلما قل ضررها وكثر نفعها.

وهناك أسر أصبح خادماتهن داعيات هنا، ويتعاون مع مكاتب الجاليات، ويدعون في كل تجمع يكون فيه خادمات أمثالهن، وهن في العمل وحسن الخلق أفضل من الجاهلات اللاتي تركن دون دعوة.

كان الحسن يقول: رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس.. ابن آدم! إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.


 معاملة الخدم

الخادمة إنسان مسكين ضعيف يعتريها ما يعتري البشر من الضعف والقصور والخطأ، وقد يصدر منها ما يضايق ويسيء، وقد تكون بطيئة في إنتاج وإنهاء أعمالها، ولكن هناك خط يجب أن تسير عليه ربة المنزل في تعاملها مع هذه المرأة التي ربما تتركها ساعات مع أبنائها.

فقد يتحول غضبك عليها إلى انتقام منها وتشفي يصيب أسرتك أو أطفالك دون أن تعلمي خاصة أن غالب الخادمات أميات جاهلات ضعيفات دين وتربية.

كذلك احذري من أساليب الإيذاء الجسدي والمعنوي.

وعليك بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع أمورك عندما سأله رجل فقال: أوصني، قال: «لا تغضب». فردده مرارًا، قال: «لا تغضب» رواه البخاري.

روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قذف مملوكه بريئًا مما قال أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» رواه البخاري.

وعن عمار بن ياسر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ضرب مملوكًا ظلمًا قيد منه يوم القيامة» رواه الطبراني.

وعن أم سلمة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي وكان بيده سواك، فدعا وصيفة (أي خادمة) فلم ترد حتى استبان الغضب في وجهه، وخرجت أم سلمة إلى الجمرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهيمة، فقالت: أراك تلعبين بهذه البهيمة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوك؟ فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لولا خشية القود (القصاص) لأوجعتك بهذا السواك» رواه أحمد.

وأسوق هنا بعضًا من مواقف السلف مع من تحت أيديهم فقد روي أن عليًا رضي الله عنه أعطى غلامه دراهم ليشتري بها ثوبين متفاوتي القيمة، فلما أحضرهما أعطاه أرقهما نسيجًا وأغلاهما ثمنًا وأخذ الآخر لنفسه وقال له: «أنت أحق مني بأجودهما لأنك شاب تميل نفسك لتجمل أما أنا فيكفيني هذا».

ويذكر أن رجلاً دخل على سلمان الفارسي، فوجده يعجن فقال له: يا أبا عبد الله، ما هذا؟ فقال: بعثنا الخادم في شغل فكرهنا أن نجمع عليه عملين.

وعن أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط فسمعت صوتًا من خلفي: «اعلم أبا مسعود» فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: «اعلم أبا مسعود! اعلم أبا مسعود!» قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: «اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك من هذا الغلام» قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا أبدًا.

وفي رواية قال: يا رسول الله! هو حر لوجه الله، فقال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار» رواه مسلم.

قال أبو ذر -رضي الله عنه-: كان بيني وبين رجل كلام وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، فذكرني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: «أساببت فلانًا»؟ قلت: نعم، قال: «أفنلت من أمه؟» قلت: نعم، قال: «إنك امرؤ فيك جاهلية» قلت: على حين ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: «نعم، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه، فليعنه عليه». رواه البخاري

وكان لأبي هريرة زنجية، فدعمتهم بعملها فرفع عليها السوط يومًا فقال: لولا القصاص لأغشيتك به، ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنت لوجه الله([2]).

وكان الربيع بن خثيم يقول لخادمه: علي نصف العمل وعليك نصف، وعلي كنس الحش([3]).


 معاملة الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع خادمه

عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرجت حتى أمر على الصبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: «أنس! ذهبت حيث أمرتك؟» قال: قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله. قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا. رواه مسلم.

والرسول - صلى الله عليه وسلم - همه الدعوة وتحقيق العبادة لله - عز وجل - والدلالة على طريق الخير الموصلة إلى جنة عرضها السموات والأرض يستفيد من كل موقف للتعليم والتربية.

فها هو يقول لخادمه ربيعة بن كعب وقد رأى حرصه على خدمته وتفانيه في ذلك: «يا ربيعة! سلني أعطك» فقال: أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لآخرتي، قال: فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويلاً ثم قال: «إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود».

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده خادمًا له قط، ولا امرأة ولا ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله...» الحديث رواه أحمد.

وجماع الخلق الكريم متمثل في نبي هذه الأمة مع خدمة رفقًا بهم وإعانة لهم ووفاء بحقوقهم.


 دعوة المظلوم

في بيتك أيها القارئ امرأة ضعيفة مسكينة هي الخادمة. ربما ترفع يديها إن وقع عليها ظلم من أحد أفراد هذا المنزل أو غيره فتصيبكم سهام لا تخطئ؛ يقول الله - عز وجل - عن تلك الدعوة: «لأنصرنك ولو بعد حين».

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أو من شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» رواه البخاري.

فاحذر أيها الأخ الحبيب من الظلم والاعتداء على من تحت يدك فربما يرفع يديه مستغيثًا بالله وداعيًا عليك..

ومن أنواع الظلم: السب، والشتم، والضرب، والإهانة، والغيبة، والنميمة، وتكليفها من الأعمال ما لا تطيق، وحرمانها مرتبها وتأخيره، وكذلك عدم إعطائها وقتًا للراحة، وحرمانها من الأكل والشرب، وتأخيرها عن موعد سفرها، وغير ذلك.

قال بلال بن سعد: رب مسرور مغبون، يأكل ويشرب ويضحك، وقد حق له في كتاب الله - عز وجل - أنه من وقود النار.


 الحذر .. الحذر

1- الحذر من التساهل في حجب الخادمة وسترها في المنـزل عن الزوج والأبناء؛ فإن الحكم الشرعي واحد في احتجاب المرأة عن الرجل الأجنبي سواء في البيت أو الشارع أو حتى أماكن العبادة والطاعة، بل إنه أشد خطرًا في البيوت.

2- الحذر من أن تقدم الخادمة الشاي وغيره للرجل في البيت أو لضيوفه.

3- لا بد من ستر الخادمة حين خروجها من المنزل سواء كان الخروج مع الأسرة أم لوحدها، والحذر مما تفعل بعض الأسر من إسناد رمي القمامة إليها أو الذهاب للأماكن القريبة من جارة أو بقالة أو غيرها.

4- الوقوف عند ما حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو خلوة رب الأسرة أو أحد الأبناء أو السائق أو غيرهم بالخادمة في المنزل دون وجود أحد في المنزل. والحكايات فيما يقع من مصائب معروفة لدى الكثير من ربات البيوت.

5- بعض النساء تتخذ من خادمتها وسيلة لاستكشاف أسرار البيوت الأخرى ومعرفة ما لديهم، وذلك كله من دناءة النفس وحقارة التربية؛ فترى البعض من النساء تترك لخادمتها أن تروي ما سمعته أو شاهدته في البيوت أو من خادمات تلك البيوت، بل إن بعضهن توكل إلى خادمتها سؤال خادمة أقاربها عن أمور معينة، وهذا لا يجوز فإنه من التجسس والاستماع إلى ما يكرهون.

6- هناك نساء صغيرات عقل وسليطات لسان، فتراهن يغتبن الخادمات.. فهذه قصيرة، وتلك طويلة، وأخرى غير نظيفة، وهكذا، وربما احتقرتها وسبتها!!

7- للإنسان موقف أمام ربه - عز وجل - فليحذر من لديه خادمة أن يكون هذا الموقف صعبًا من ظلم أو غيبة أو إهانة أو غير ذلك.

8- بعض الأسر تحرم الخادمات من أكل ما يأكلون، فلا تعطى إلا الساقط أو الباقي، وتحرمها من أن تطبخ مثلاً أكلة بلدها التي تحبها بين حين وآخر!!

9- الحذر من فتح الرسائل والتجسس عليها إلا إذا ظهرت مصلحة بينة.

10- هناك أسر لا تراعي ضعف الخادمة ومرضها وحاجتها إلى العلاج، فيرون أنه يجب أن تعمل دون كلل أو تعب بل دون أن تمرض أو تسقم!!

11- خوفًا من أن يرسل الرجل الخادمة إلى بلادها إذا فعلت معصية أو منكرًا نرى بعض النساء تخفي ذلك المنكر ولا تعلم زوجها به خوفًا من أن يرفض استقدام خادمة أخرى!! والواجب أن تخبره بكل شيء حتى يكون على اطلاع وعلم بما يدور في منزله، فذلك خير من أن تتسع الهوة وتأتي أمورًا لا تحمد عقباها.

12- يتساهل كثير من الأسر في أخذ توقيع الخادمة على استلام راتبها الشهري، فربما أن صاحب المنزل ينسى أو الخادمة أيضًا، ويتسبب ذلك في شقاق ونزاع.

13- انتشرت عادة عند بعض الخادمات وذلك بأخذ إجازة يومي الخميس والجمعة من كفلائهم، وتراها تسرح وتمرح مع من تدعي أنه قريبها أو زوجها أو أخوها، ولذا يجب منعها وعدم الموافقة على شرطها؛ فهي أمانة. وصلاح المجتمع مسئولية الجميع وليست مسئولية فرد دون آخر فإن في خروجها فسادًا لها وللمجتمع.

14- يجتهد كثير في تأخير راتب الخادمة؛ وذلك حتى تكون تحت يدهم وطوع أوامرهم، وفي ذلك ظلم لها ولأهل بيتها وربما يترتب على ذلك ضرر على صغارها أو زوجها، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».

15- عند سفر الخادمة يقوم البعض بتأخير راتب شهر أو أكثر أو راتب الإجازة لضمان عودتها، وفي هذا ظلم لها وإجبارها على أن تعود، وهذا لا يجوز، فتعطى حقها، وإن عادت وإلا فقد أخذت جميع حقوقها في الدنيا قبل أن تأخذها يوم القيامة حسنات!!

16- العقد شريعة المتعاقدين إلا عقدًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً، وكثير من الكفلاء لا يهتم بهذا الأمر عند توقيع العقد ويعتبر الأمر صوريًا، وهو بعد هذا التوقيع مسئول أمام الله - عز وجل - عن كل حق فيه للخادمة لا يخالف الشرع، ومن ذلك عدم إعطائها مثلاً راتب الإجازة الذي يوجد في عقد الكثير من الخدم!!

17- للخادمة طاقة محدودة وقدرات معينة فلماذا لا تحتسب ربة الأسرة وتعين هذه الخادمة على بعض أعمال المنزل وتخفيف بعض الأعباء عن هذه المسكينة؟ وليس معنى الخادمة أن تعمل ليلاً ونهارًا بدون كلل أو ملل.

18- كثير من الأسر تعتمد على الخادمة في أعمال المنزل مع وجود بنات في سن الإعداد والتدريب والاستعداد للزواج، فتنشأ هذه الفتاة دون تربية وتعليم لمهنتها المنزلية التي سوف تستقبلها بعد حين في منزل زوجها، فلا تعرف المطبخ ولا تحسن الطهي ولا تجيد الأعمال الأخرى، وهذه من السلبيات التي قد تدفع ثمنها الفتاة، وربما الأسرة غدًا.

19- لا بد من تعويد الأطفال المشاركة في أعمال المنزل مع الخادمة أو بدونها، ففي ذلك تفريغ لطاقتهم، وتعويدهم على العمل في سن مبكرة، وجعلها يشعرون أنهم قدموا لأسرتهم ومنزلهم شيئًا.

20- لا بد من الخوف والحذر من الخادمة، فهي جسم غريب عن المنزل لا تعرف عاداتها ولا أخلاقها ولا صلاحها وفسادها. فليس مجرد دخولها المنزل أنه انتهى كل شيء؛ فإن في ذلك خطورة على الأب والأم والأبناء والبنات.

وهي كمن أتى بإنسان غير معروف ووضعه في قعر داره، فربما كانت للصلاح أقرب أو للفساد، فلذا يجب الحذر أخلاقيًا ودينيًا.

21- انتشر السحر والسحرة -والعياذ بالله- وما ذاك إلا من قلة الدين. ونسمع بين حين وآخر قصصًا من أعمال الخادمات في المنازل تدمع لها العيون؛ فإن القادمين إلينا من أقل الناس دينًا وعلمًا وخلقًا، أتوا من بلاد جاهلة فقيرة، وبعضها بها انحلال أخلاقي واضح، فكيف نتركهم بهذه المصائب داخل أسرنا وبيوتنا؟!

22- من المناظر المحزنة ما نراه من النساء المتحشمات باللباس الشرعي الكامل فلا يرى منها عين ولا ظفر، ومع ذلك ترى بجوارها في السوق أو في السيارة خادمة كاشفة حاسرة عن رأسها!! ونسألها: من أمرك بالحجاب؟ أليس الذي أمرها هو الله؟! فسبحان الله من اختلال الموازين ومن الالتزام الضعيف!!

23- احرصي أيتها الأخت المسلمة على رعاية هذه الأمانة -الخادمة- ولا تدعيها تغادر هذه البلاد وهي تعرف الطبخات والأكلات الشرقية فحسب. لا، بل اجعليها تعرف العقيدة الصحيحة وأحكام العبادات والمعاملات حتى تكون داعية لأهلها فتفوزي بالأجر والثواب.

24- كثير من النساء لا تراعي مشاعر الخادمة، فتراها تباهي بما لديها من ذهب وحلي أمام تلك المسكينة الضعيفة، وهذا الأمر فيه مدخل من مداخل الشيطان من الكبر والمباهاة، وربما حسد الخادمة لسيدتها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فكم ممن لم يرد خيرًا ولا شرًا حتى رأى غيره، لا سيما إن كان نظيره يفعله ففعله، فإن الناس كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض.


 أسيرة مسكينة

على المسلم أن يعلم حقوق من يتعامل معهم من زوج أو خادم أو غير ذلك؛ حتى لا يخطئ في حقوقهم فيأثم بذلك، كما وأن معرفة حقوق من يتعامل معهم فيه أجر عظيم إذا أدى الحقوق المشروعة كما يريدها الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وسار على النهج الصحيح في التعامل الإسلامي، وتحلى بالخلق الجميل. وللخدم في منازلنا حقوق منها:

1- الرفق وحسن المعاملة: فلا تكلف الخادمة من العمل ما لا تطيق، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكلف من العمل إلا ما يطيق» رواه مسلم.

وإن كانت هناك أعمال فوق طاقتهم فعندها يتعين مساعدتهم امتثالاً لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» رواه البخاري.

وكثير من الناس يظن أن الخادمة لا بد أن تعمل طوال اليوم وليس لها وقت للراحة، وهذا ملاحظ في الأسر الكبيرة التي كل من دخل المنزل أمر الخادمة بعمل وكلفها بأمر يخصه، فتكون المسكينة دائمة العمل لا تعرف الراحة.

2- الصدقة على الخادمة: فإنها مسكينة ما أتت هنا إلا لجمع دريهمات قليلة، ولديها أسرة كبيرة هناك محتاجة إلى طعام وكساء وبناء منزل وغيره، كما أن في هذه الصدقة تعويضًا عن زيادة العمل وسوء معاملة بعض أهل الدار لها وغلظتهم عليها.

3- العفو والصفح عند خطئها غير المتعمد، وكذلك غض الطرف عن إساءتها المحتملة، وإظهار الشكر لها على أعمالها الجيدة، وذكر صفاتها الطيبة، فإن ذلك تثبيت لتلك الخصال الحميدة في نفسها.

وفي توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفاية لمن أراد أن ينجو بنفسه عن الإثم، قال - صلى الله عليه وسلم - في العبيد: «إن أحسنوا فاقبلوا، وإن أساءوا فاعفوا، وإن غلبوكم فبيعوا» رواه البزار.

4- حسن معاملتها ومراعاة ظروفها الصحية والنفسية خاصة في حالات تذكرها لأبنائها وأهلها أو عند إصابتها بمرض أو غيره.

5- توفير السكن المناسب لها خاصة في فصلي الصيف والشتاء، وتوفير ما تحتاجه من الأمور المهمة لكي تهنأ بعيشها ويكون ذلك عونًا لها على العمل والإنتاج.

6- إعطاؤها حقها وعدم التأخر في ذلك: فإنها ما أتت هنا إلا من شدة الحاجة، وقد نبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك فقال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجه والبيهقي.

وبعض الناس يتفنن في المماطلة في راتبها بقوله: لكي لا تهرب. لكي تكون محتاجة لنا. فسبحان الله العظيم من هذا الظلم البين.

7- لا بد من متابعة الخادمة؛ فهي أمانة في أعناقنا يجب المحافظة عليها في سلامة دينها من الشرك والبدع وكذلك من الانحرافات والفساد الأخلاقي وعدم التفريط في ذلك، فإن ذلك من حقوقها علينا.

8- مراعاتها في الأوقات الفاضلة التي ربما تكون فيها مرهقة الجسم كالصيام وغيره، وكذلك عدم إزعاجها وقت العبادة وترك وقت كاف لها عند أداء الصلاة وعدم استعجالها.

9- إدخال السرور على نفسها بسؤالها عن أبنائها، ودفع هدية لصغارها، وإرسال الكتب النافعة لهم.

10- عدم سبها أو ضربها أو إهانتها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه» رواه مسلم.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلامًا لي فسمعت صوتًا من خلفي: «اعلم أبا مسعود» مرتين، «الله أقدر عليك منك عليه»، فالتفت فإذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: هو حر لوجه الله، قال: «أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار» رواه أبو داود والترمذي.

11- حق تعليمها أمور دينها: وحثها على التزود من العلم الشرعي، وجعلها امرأة صالحة في نفسها داعية لقومها إذا عادت، وتوفير الأشرطة والكتب بغلتها، فإن في ذلك خيري الدنيا والآخرة.

12- إطعامها من طعامك وشرابك: ومن الأدب النبوي ما رواه أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين» رواه البخاري.


 أخطار محدقة

الكثير يرى إيجابيات الخدم الظاهرة، إلا أنه يغفل عن سلبياتهم وأضرارهم والتي ربما يدفع لها ثمن راحته وصحته ودينه. ومن أبرز تلك السلبيات:

1- الذنوب التي تحصل من جراء استقدام كافرة أو امرأة بلا محرم، وتحمل وزر ذلك. وهذه السلبية وحدها تجعل كثيرًا من الذين يراعون حدود الله ويخشون عقابه يتورعون عن استقدامها بهاتين الصورتين، إما كافر أو مسلمة بدون محرم؛ لعلمهم ما للذنوب من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة.

2- الخادمة تأتي ومعها ديانتها، فإن كانت كافرة فإنها ذات خطر على العقيدة من جهات كثيرة؛ من أهمها نشر ضلالها ودينها بشكل غير مباشر على مدى سنوات الإقامة في هذا المنزل، ثم إن في مخالطتهم ومعاشرتهم الارتياح لخدمتهم وإقرارهم والرضا بما عندهم من دين باطل.

وهكذا شيئًا فشيئًا يسقط الولاء والبراء وينسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن في التحويلات المادية التي ترسلها دعمًا للكفار من بني جلدتها، وهكذا رويدًا رويدًا حتى تخبو معالم الإيمان في قلوبنا؛ فيصبح الكافر والمسلم في أعيننا سواء بسواء، وتلك طامة كبرى.

3- قد تكون الخادمة مسلمة ولكن بها أمور بدعية ومخالفات شرعية؛ فتنقلها إلى منازلنا، وبعضهن يصل بهن الحال إلى الشرك كدعاء الأموات والاستغاثة بهم. وهكذا تنتشر العقائد الفاسدة في أوساط بيوت أهل التوحيد التي بدأ بعضها يهوي -والعياذ بالله- في البدع والشركيات.

4- هناك تأثير سيئ على عادات وتقاليد هذه البلاد مصدره هذه الحشود التي أدخلناها مساكننا وسلمناها فلذات أكبادنا.

5- انتشار السحر والكهانة والتنجيم في وسط مجتمعنا المحافظ، ونسمع بين الحين والآخر قصصًا يندى لها الجبين.

6- انتقال العدوى بكثير من الأمراض المعدية خاصة الجنسية منها بسبب استعمال الأدوات المشتركة أو قيام بعض العلاقات المحرمة.

7- إفشاء أسرار البيوت والتفريق بين الزوجين وبين الأسر من جراء النميمة.

8- الآثار النفسية التي تصيب الأطفال من سوء تعامل الخدم وما يعانيه الصغير من تغير الخدم في مراحل عمره المبكر وانشغال والدته عنه.

9- ظهور جرائم النصب والسرقة والاغتصاب والقتل مما يسمع به كثير من الناس.

10- الأعباء المالية التي تتحملها الأسرة من جراء استقدام الخدم وتكاليف سفرهم واستقدامهم.

وفي كل واحدة من هذه النقاط ما يكفي لإبراز مساوئ الخدم واستقدامهم ووجوب الحيطة والحذر في التعامل معهم.

قال ابن القيم:

أساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فتيقن حينئذ أن الحسنات من نعمه فتشكره عليها، وتتضرع إليه أن لا يقطعها عنك، وأن السيئات من خذلانه وعقوبته، فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها، ولا يكلك في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك.


 فتاوى الاختلاط مع الخادمات

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله([4]):

 في بيتنا خادمة غير مسلمة، هل يجوز لأهل بيتي من النساء أن يخالطنها في المجلس والنوم والأكل؟

فأجاب: لا حرج في ذلك، ولا يجب على نساء البيت المسلمات أن يحتجبن عنها في أصح قولي العلماء، ولكن يجب ألا يعاملوها معاملة المسلمة بل عليهم أن يبغضوها في الله لقول الله جل وعلا: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4].

وعليهم أن يردوها إلى بلادها إن لم تسلم؛ لأن هذه الجزيرة العربية لا يجوز أن يبقى فيها يهودي ولا نصراني ولا غيرهما من المشركين، لا رجال ولا نساء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بإخراجهم من هذه الجزيرة؛ وفي المسلمين والمسلمات غنى عنهم والحمد لله، ولأن في وجودهم بين المسلمين خطرًا عليهم من جهة إفساد عقيدة المسلم وأخلاقه.

فالواجب على جميع المسلمين في هذه الجزيرة ألا يستقدموا للخدمة لا للأعمال إلا المسلمين؛ تنفيذًا لوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحذرًا مما يترتب على استقدامهم والاختلاط بهم من الأضرار الكثيرة على المسلمين والمسلمات في العقيدة والأخلاق. وأسأل الله أن يوفق المسلمين للاستغناء عنهم والعافية من شرهم إنه جواد كريم.

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين([5]):

 هل يجوز للرجل أن يخالط الشغالة في البيت، وماذا يحل له منها؟

الجواب: إذا تزوجها فلها أن تكشف له ويخالطها وهذا هو الحل، وإلا فلا يحل له منها شيء؛ هي كالمرأة التي في السوق، يجب عليها أن تحتجب، ويتأكد الحجاب في حقها أكثر من غيرها؛ لأنها في البيت وتسهل الخلوة بها، فإذا كشفت وجهها فإن الشيطان يجعل هذا الوجه، وإن كان ليس بذاك، يجعله جميلاً ليفتتن بها -والعياذ بالله.

فيجب على الخادمة أن تحتجب، ويجب على أهل البيت أن يأمروها بذلك لأنها امرأة أجنبية، وإذا أرادوا الحل الذي ذكرت قبل فهو سهل، إذا لم يكن لها زوج يستأذن من الجهات المسئولة أن يتزوجها وتبقى عنده في البيت، لكن فقط أخشى إذا أصبحت زوجة أن تطلب خادمة فيما بعد. هذه مشكلة!!

قال سعيد بن المسيب: ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء.

قال ابن سيرين: إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها.

قال يحيى بن معاذ: ألا إن العاقل المصيب من عمل ثلاثًا: ترك الدنيا قبل أن تتركه وبنى قبره قبل أن يدخله، وأرضى ربه قبل أن يلقاه.


 فتوى في حكم استقدام الخادمة من الخارج بدون محرم

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

س: ما حكم استقدام الخادمة من الخارج بغير محرم إذا كانت مسلمة حيث إن هذا الأمر حاصل عند كثير من الناس حتى ممن يعتبرون من طلاب العلم، ويحتجون بأنهم مضطرون إلى ذلك، وبعضهم يحتج بأن إثم سفرها بغير محرم عليها هي، أو على مكتب الاستقدام؟ أرجو تبيين ذلك، والله يحفظكم ويجزيكم خيرًا.

ج: بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

استقدام الخادمة بدون محرم معصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه صح عنه أنه قال: «لا تسافر امرأة إلا مع المحرم» ولأن قدومها بلا محرم قد يكون سببًا للفتنة منها وبها؛ وأسباب الفتنة ممنوعة، فإن ما أفضى إلى المحرم محرم.

وأما تساهل بعض الناس في ذلك فإنه من المصائب، ولا حجة لهم في قولهم إنه ضرورة لأننا لو قدرنا الضرورة للخادمة فليس من الضرورة أن تأتي بلا محرم، كما أنه لا حجة لقول بعضهم إن إثم سفرها بلا محرم عليها هي أو على مكتب الاستقدام لأن من فتح الباب لفاعل المحرم كان شريكًا له في الإثم لإعانته عليه، وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]. وأمر الله تعالى رسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستقدام الخادمة بلا محرم إقرار للمنكر لا إنكار له.

وأسأل الله تعالى أن يهدينا جميعًا صراطه المستقيم صراط الذي أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

كتبه محمد الصالح العثيمين

30/10/1408هـ


 هؤلاء كانوا خدمًا

قال الله - عز وجل -: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: 32].

فهذه الأرزاق قسمة من الله - عز وجل - لبني آدم، فهو الذي يعطي وهو الذي يمنع. وكان أجدادنا قبل سنوات لا يجدون إلا وجبة واحدة في اليوم، وها نحن نرى اليوم وفودًا من البشر تأتي من أقطار الأرض المختلفة من أقصى الشمال والغرب لخدمتنا ومساعدتنا. فتأمل وفقك الله، خلال سنوات فقط تغيرت حال هذه البلاد من جوع إلى غنى وشبع، فأصبح يأتيها إنسان من آخر الأرض (ليكنس) وينظف شوارعها!!

والخدم ليست فئة محقرة مرذلة، ولكن الميزان في الإسلام أعظم وأشمل ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ ولم يقل - عز وجل - أغناكم، بل المقياس التقوى؛ ففيها التفاضل في الدنيا والآخرة.

وإليك نماذج رائعة من أسماء بعض الخدم:

1- بلال بن رباح: رضي الله عنه، وقد كان عبدًا لأمية بن خلف الذي صب عليه غضبه وناله بتعذيبه عندما علم بإسلامه حتى أعتقه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، وهذا -الخادم الأسود- لو سألت أي مسلم في مشرق الأرض ومغربها: من مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ لأجابك بلا تردد: بلال بن رباح.

2- سالم مولى أبي حذيفة: وقد قال عنه عمر بن الخطاب: «لو كان سالم حيًّا لوليته الأمر من بعدي».

وهناك صورة كثير من هؤلاء الذين تتردد أسماؤهم ويدعى لهم إلى يوم القيامة مع أن أعمالهم في الدنيا أعمال صغيرة وفي أعين الكثير «مهينة».

والكثير اليوم يسرق ويظلم ويشار إليه بالبنان، أما من استعفف بخدمة أو صنعة فإن الألسن تناله استهزاء وتحقيرًا؛ لأن الميزان اختل والنظرات تغيرت إلى مادية بحتة.


 إحصاءات

في دراسة أعدت ووزعت استبيانها على 650 أسرة جاءت الإحصائيات مذهلة ومزعجة فإليك بعضًا من تلك الأرقام([6]).

1- بلغ نسبة عدد الخادمات المسلمات نسبة 45% والبعض يتسمين بالإسلام اسمًا!!

2- بلغ عدد الخادمات النصرانيات 10%.

وبهذا تكون نسبة الكافرات والنصرانية 55%، ونسبة 45% مسلمات (بعضهن ينسبن للإسلام ولا يعرفن حتى الصلاة كما هو مشاهد).

أما جنسيات الخادمات، فإليك إحصائية عنها من واقع 430 استمارة وزعت:

إندونيسيا 424 بنسبة 67%.

سيريلانكا 40 بنسبة 8%.

الهند 45 بنسبة 9%.

سيلان 17 بنسبة 3.5%.

الفلبين 30 بنسبة 6%.

باكستان 10 بنسبة 2%.

مصر 4 بنسبة 0.8%.

ونسبة الشابات المتزوجات 60% وغير المتزوجات 28% والأرامل 6%.

وتؤكد لغة الأرقام (المؤسفة) أن 76% منهن أميات و93% لا يتحدثن اللغة العربية.


 الأطفال

أولى الإسلام عناية خاصة بالأطفال وتربيتهم وتقويمهم وجعلهم من زينة الحياة الدنيا ولا تكتمل هذه الزينة إلا بصلاحهم وبرهم.

وهؤلاء الصغار أمانة في أيدينا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.. » الحديث.

وتظهر أولى مظاهر خطورة الخدم على الأطفال لسرعة تقبلهم وصفاء أنفسهم، فهم كالعجينة التي تتلقفها الأيدي وتصنع بها الشكل الذي تريد، ومن هنا كانت خطورة الخدم عظيمة على عقيدة وسلوك وتعامل الأطفال، فينشأون يتعلمون ويقتبسون حسب دينها وخلقها وتصرفاتها، فإن كانت كافرة فالله المستعان على من يُربى في حضن كافرة، أما إن كانت مسلمة فكما رأينا أن غالبيتهن أميات ومن لم تكن أمية قراءة وكتابة من المربيات فهي أمية بالعلم الشرعي الواجب معرفته من الدين بالضرورة، ولهذا فهي لا ترقى إلى مستوى التربية الإسلامية الصحيحة؛ فيصبح الولدان بهذا مفرطين في تربية أبنائهم، ووالله إن بعض الخدم لا يصلح أن يترك ليرعى الغنم فما بالك بتوليه شئون التربية قليلها أو كثيرها.

ولا ننسى أن الخادمة لا تشعر بعاطفة الأمومة أو القرابة مع الأطفال في منزل مخدوميها، وذلك هي تعاملهم معاملتين مختلفتين؛ إحداهما الوجه الحنون في حضور الوالدين، والوجه العابس الآخر في غيابهما. ولقد سمعنا من القصص ورأينا كيف يعامل الأطفال ما يتفطر له الكبد!!

أما غياب اللغة العربية الصحيحة والنطق بها فحدث ولا حرج، وليس التأثير على الأطفال فحسب بل حتى على الأب والأم أثناء مخاطبتهم للخادمة.

ونستطيع أن نحصر بعض أضرار الخدم فيما يلي:

أولاً: ضعف الوازع الديني والأخلاقي.

ثانيًا: إحداث فجوة بين الأم وولدها نتيجة حرمانه المبكر من حنانها، فيؤدي إلى ضعف تعلق الطفل بأمه، وبالتالي يشعر الطفل بعدم الحاجة لها، لأن الخادمة توفر له جميع احتياجاته.

ثالثًا: غرس قيم وعادات ذميمة، كالتدخين مثلاً أو عدم النظافة.

رابعًا: اتجاه بعض الأطفال إلى العنف، نتيجة شعورهم بالحيرة بين ما تعلمه من الخادمة وما تعلمه من الأم.

خامسًا: تلجأ بعض الخادمات إلى الصراخ وضرب الأطفال في غياب الأبوين، مما يولد لديهم عقدة الخوف، فيصابون بعقد نفسية، وبعدم القدرة على التعبير عما يختلج في نفوسهم، فينشأون ضعفاء مترددين غير قادرين على اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتهم؛ مع فقدان الثقة بالنفس والقدرة على المواجهة.

سادسًا: تربية الخادمة للطفل على عدم الخجل والحياء، فالخادمات الكافرات لهن ثقافتهن المغايرة لما هو شائع في بلادنا وبخاصة من الناحية الأخلاقية.

سابعًا: التكتم على سلوكيات سيئة في الأطفال وعدم إخبار الأم بذلك لأجل كسب محبة الطفل.

ثامنًا: تتدخل الخادمة في أسلوب الأم في توجيه أبنائها، وذلك بمحاولتها تعويد الأم على أسلوبها في التربية، أو بمحاولة فرض الأسلوب الشائع في بلدها أو بين أهل ملتها.

تاسعًا: التدليل الزائد للطفل رغبة في كسب مودته وزيادة تعلقه بها، أو لأنها معتادة على هذا الأسلوب وتجهل ما له من آثار خطيرة بعد ذلك.

عاشرًا: التأثير اللغوي للمربيات مما يؤدي إلى تأخر النطق عند الطفل أو تعلم لغة الخادمة، وليس مستغربًا أن يفتقد الطفل الطلاقة في الكلام إن كان حديثه مع الخادمة، حيث ينحصر الحوار باستخدام مقتطفات من كلمات لا هي بالعربية ولا هي بالأجنبية([7]).

ويزداد الخطر عندما نعرف أن معظم بيوت الأغنياء والكبار في الخليج وسائر دول المنطقة العربية والمسلمة لا تتخلى عن المربيات غير المسلمات حتى كاد ذلك أن يكون جزءًا من حياتها، والملاحظ أن معظم البيوت التي تشغل المناصب العالية لا تخلو من المربيات غير المسلمات، وذاك خطر جسيم يهدد المجتمع بأسره؛ فمعظم هؤلاء المربيات صليبيات أو بوذيات أو هندوسيات، ولا يمكن أن ننسى أنه في مثل هذه الظروف يمكن أن تنتهز الفتيات اليهوديات الفرصة تحت جوازات سفر مزورة، لتربية أبناء الكبار في بعض دول العالم العربي والإسلامي، ثم يسلم هؤلاء الأطفال إلى مدارس البعثات التبشيرية، أو إرسالهم إلى البعثات في الخارج، وهكذا لو تفحصنا الدور الذي تؤديه أولئك المربيات لوجدناه دورًا سياسيًا في المقام الأول؛ إذ أن البعثات التبشيرية والتهويدية قد استغلت تلك الفرصة في إرسال نوعية من أولئك الفتيات المثقفات إلى أبعد الحدود يحملن عقيدة الهيئة التي أرسلتهن([8]).

قال الحسن: إن قومًا ألهتهم أماني المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.


 هل نستطيع أن نتخلص من الخادمة؟

هذا السؤال يؤرق البعض ويظن أنه لا سبيل إلى التخلص من الخادمة، مع أنه ربما بقي في أسعد حال عندما سافرت الخادمة في إجازتها فلم تتغير وجبات طعامه ولا نظافة ملابسه ولا غير ذلك!!

فلماذا الآن التردد والتراجع وتضخيم الأمور وتكبيرها؟! وقد تظن بي بعض النساء، ولكن ما أردت لهن إلا الخير، أو ليس الخير في اتباع سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؟ وإن أتيت بكلام من عندي يخالف أمر الرسول فهو مردود عليَّ ولا كرامة، وأستغفر الله أن أكون ذلك الرجل.

أخي المسلم:

نعم نستطيع التخلص من الخادمة بالوسائل التالية:

1- إخلاص النية لله - عز وجل - والتجرد في عدم استقدامها خاصة بدون محرم، وأن ذلك متابعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد عن الآثام والمعاصي وشؤمها على كل من في البيت.

2- الدعاء والإلحاح والتضرع إلى الله - عز وجل - بالإعانة وأن يعوضكم خيرًا ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾.

3- الالتزام بالهدي النبوي الذي علمه ابنته فاطمة رضي الله عنها عندما أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى وتسألها خادمًا، فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها، فلما جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبرته، قال علي: «فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: «مكانكما» فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: «ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين. فهو خير لكما من خادم» رواه البخاري.

4- تعاون أفراد الأسرة على خدمة أنفسهم وعدم تحمل العبء على الأم وحدها، بل الكل يشارك في أعمال المنزل، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، وهو خير منا جميعًا.

5- الأجهزة الكهربائية حلت محل خادمة أو أكثر، وفي توفيرها تخفيف من حجم العمل وأسرع في الإنجاز، فالاستعانة بها كبديل للخادمة أمر مطلوب.

6- عند الحاجة يمكن الاستعانة بالخادمات المحليات لكي تعمل عندها ساعات محدودة في اليوم، فتقوم بالأعمال التي تتطلب جهدًا ووقتًا مثل تنظيف المنزل وغسل الملابس وكيها. وهذه الخادمة لا تنام عند الأسرة ولا تختلط بها بل لها بيت تنام فيه، ولذا فتأثيرها محدود جدًا، والكثير من الخادمات المحليات مثل أهل هذه البلاد أو مقيمون فيها ولذا فتأثيرهم محدود.

وهذه الخادمة المحلية لا يلحق الأسرة إثم استقدامها بدون محرم مثل الخادمات الأخر، وأجرها قليل مقارنة بالخادمة المستقدمة التي لو حبست أجرة استقدامها وقيمة إقامتها وتذكرة العودة ومرتباتها لوجدت ضعف أجرة الخادمة المحلية.

7- لا بد من احتمال التقصير والنقص عن بعض التأخير في ظل غياب الخادمة، ولا بد أن يوطن الإنسان نفسه على أن مثل هذا أمر وارد؛ فليحتسب ذلك عند الله - عز وجل - ولا يغضب ويصرخ..!!

8- أسوق للأخ الحبيب قول الله - عز وجل -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...﴾ الآية، وأنبهه إلى الحذر والوقوف عند حرمات الله - عز وجل - وعدم مخالفة أمره ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.


 الدعوة إلى الله

أمر الدعوة إلى الله أمر عظيم، فهو من أفضل الأعمال وأجلها؛ يقول الله - عز وجل -: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «بلغوا عني ولو آية» ولو فكرت الأسرة في الأجر العظيم الذي سيصل إليها من هداية هذه الخادمة لسارعت إلى ذلك.

وهذه الخادمة التي في البيت، علينا مسئولية دعوتها إلى هذا الدين وتعليمها أوامره ونواهيه. وطريق دعوتها يتم عبر وسيلتين.

الأولى: التبليغ: وهو دعوتها باللين عبر الحديث معها وإهدائها الكتاب والشريط، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾.

الثاني: القدوة: وهي أمر مهم؛ فإن الخادمة تلحظ المعاملة والتصرفات وتطبعها في ذهنها، قال الله - عز وجل -: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ وانظر ماذا بلغنا عن رسولنا من حسن عشرة وطيب معاملة؟

ولا بد أن تكون طموحاتنا في الدعوة إلى الله عالية لا يحدها حد.. فما المانع أن تخرج بيوتنا داعيات من الخدم؟! فإذا عدن إلى أهلهن كن خير معين على فهم العقيدة الصحيحة.

ومن تلك الوسائل المعينة على ذلك:

1- إهداء الشريط والكتاب بعد معرفة لغتها المحلية؛ ويمكن أخذ هذه الأشرطة من مكاتب الجاليات مجانًا.

2- أخذها ولو مرة كل شهر أو شهرين إلى مكاتب الجاليات النسائية لحضور محاضرة أو تعليمها أمرًا مهمًا أو الرد على استفسارها، ولمن يجد صعوبة في ذلك بإمكانه طلب مكاتب الجاليات هاتفيًا وجعلهم يتحدثون معها عما تريد معرفته.

3- أخذ عناوين أقاربها وإرسال الكتب لهم مع رسالتها التي تبعثها كل شهر.

4- حثها على التزود من الطاعات، وتذكيرها بالمناسبات الدينية كيوم عاشوراء وصيام أيام البيض.

5- المساهمة في إرسال مصاحف إلى أهلها هناك فإنهم في أمس الحاجة.

6- في آخر صفحات هذا الكتيب عناوين مكاتب الجاليات في جميع أنحاء المملكة فبادر بالاتصال بهم لطلب الأشرطة والكتب مجانًا.

والأخ الكريم يخلص العمل في تلك الدعوة إلى الله لا ينسى أن التزامها بتعاليم الإسلام سبب لسعادة أسراته واتقاء لشرها وسوء عملها.


 هذا بعض مما يحدث في بيوتنا

للبيوت أسرار، ومع دخول الخدم للمنازل وهم يحملون صفات الجهل والأمية وقلة الوازع الديني وسوء الخلق نشأ تبعًا لذلك الكثير من الأضرار على الأسر وأفرادها، وبعضها قد ظهر وعلمت به الأسرة، والآخر ربما يظهر بعد رحيل الخادمة ومباشرة أو بعد سنوات من رحيلها.

هناك قصص واقعية يندى لها الجبين ويدمى لها القلب قبل العين. والقراء يعرفون من ذلك الكثير ولكن لا بد من استعراض بعض من تلك الجروح التي تنزف.

1- قصة «هيلة» والخادمة النصرانية «ميوري»([9]):

فـ«هيلة» طفلة صغيرة تنتمي إلى أسرة مسلمة، هذه الأسرة سلمتها إلى الخادمة السيلانية النصرانية «ميوري» لتقلب عقيدتها الفطرية إلى عقيدة «التثليث». إن هذه الأسرة خانت الأمانة وفتحت أبواب التنصير في بيتها لهذه الخادمة والذهاب بطفلتهم إلى الكنيسة.

إنه هجوم سافر بكل ما في الكلمة من معنى؛ فهدفهم الرئيسي هو بيئة المجتمع المسلم.

2- بكى لرحيل الخادمة:

وفي الكتاب نفسه ذكر المؤلف قصة طفل، ظل يبكي حين رحلت عنه خادمته الهندية أو السيرلانكية أو الفلبينية حتى أصيب بإغماء!!

3- مسلمة تعلق الصليب في رقبتها:

فتاة شوهدت، وقد علقت في رقبتها الصليب، وعندما سئلت عن ذلك أجابت: إنه هدية من الخادمة التي عندهم. ثم ذكر قائلاً: وفوق هذا فلا عجب أن منهن (أي الخادمات) من لها اتصال «بالبابا».

4- عبد وصلى للشمعة:

جاءت الأم من عملها مبكرة على غير العادة لتجد طفلها الصغير أمام الشمعة، فحاولت أن تكلمه مرارًا فلم يجبها، وبعد انقضاء فترة زمنية معينة أجابها، فلما سئل عن السبب، أجاب بأنه يصلي كما علمته الخادمة المجوسية.

فسبحان الله!! هذا هدم لـ«لا إله إلا الله» هدم للتوحيد وإحلال الوثنية محلها.

5- الإيذاء بوضع الدبوس في رؤوس الأطفال:

تقول إحدى الخادمات: أنني أعرف من الخادمات من غرز الدبابيس في رؤوس الأطفال!

وجاء في كتاب استخدام الخادمة الواقعة الآتية:

«نقل لي أحد الأصدقاء، أن أحد الأشخاص استقدام خادمة لزوجته من إحدى البلدان في أول حياتهما الزوجية، فظن أنه قدم لزوجته هدية سوف تشكره عليها ما امتدت بها الحياة، ولم يعلم أن هذه قنبلة سوف تنفجر في أي لحظة من اللحظات، لقد تحول هذا المنزل إلى أحزان وأوهام، لقد رزق الله الزوجة بمولود وحمد الله على ذلك، ولكن بعد أيام مرض الطفل مرضًا شديدًا، فذهب به إلى الطبيب، وبعد الكشف عليه تبين أنه لا يوجد أي شيء على جسم الطفل ظاهرًا، ثم وصف علاجًا له حسب العادة المتبعة، وبعد أيام توفي الطفل وحزنا عليه أشد الحزن، وقالوا: إنه قضاء الله وقدره، وبعد فترة من الزمن أكرمهما الله بمولود آخر، وفرحا به أشد من الأول، وحافظا عليه أكثر من محافظتهما على أنفسهما، فأصابه من المرض ما أصاب أخاه وكانت النتيجة هي الوفاة، فكانت التساؤلات تدور بخلد الأب والأم، وشاء الله - عز وجل - أن يتجاورا مع إحدى الأسر، وكانت هذه الأسرة لديها خادمة، فتمت الزيارات بين الأسرتين، وتقابلت الخادمتان، فرأت الخادمة الأولى أن الخادمة الثانية يكون الأطفال في حجرتها وفوق ظهرها، يلعبون ويسرحون، فسألت الخادمة الأولى: كيف تسمحين لنفسك بمثل هذه الضوضاء والتعب وعدم الراحة؟ فقالت لها الخادمة: أنا مرتاحة لذلك، وهنا اتضح أن الخادمة الأولى لا تستسيغ صراخ الأطفال، ولقد تخلصت من الطفلين السابقين بطريقة بشعة مخيفة، لا يقبلها دين ولا عرف، وتتمثل هذه الطريقة بأن تمسك دبوسًا أو إبرة فتضعها في وسط رأس الطفل، لأن هناك منطقة ضعيفة شفافة تعرفها الأمهات، فتدخل هذه الآلة إلى آخرها حتى تستقر في المخ ثم تنزعها فتكون النهاية المؤلمة

 فضل القيام على إعانة الزوجة وخدمة أهله

أخي المسلم:

هذا هو بيتك وتلك زوجتك وهؤلاء أبناؤك، فلماذا نراك تتأخر عن مساعدتهم في أعمال المنزل وتدخل السرور على زوجتك؟ أليس لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة ومثل أعلى؟ لا تقل ليس لدي وقت فراغ!! فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان قاد أمة ومعلم البشرية وله من الأعمال التي يقوم بها ما يعلمه القاصي والداني.

تأمل في حسن سيرته ودماثة خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وليكن لك ذلك نبراسًا يضيء دربك في حياة زوجية سعيدة.

روى إبراهيم عن الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله -تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة».

وقالت عائشة رضي الله عنها: «ما كان إلا بشرًا من البشر يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه».

ولأحمد من رواية عروة عنها: «يخيط ثوبه، ويخصف نعله» وزاد ابن حبان: «ويرقع دلوه».

وبعض الناس اليوم لا يقوم لإحضار شربة ماء لنفسه، بل يصرخ وينفخ حتى يجاب طلبه!!


 الخاتمة

قال الله - عز وجل -: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أو من شيء، فليتحلله من اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» رواه البخاري.



([1]) انظر: خطر المربيات غير المسلمات، خالد الشنتوت، 22.

([2]) الزهد للإمام أحمد، ص260.

([3]) الزهد للإمام أحمد، ص459.

([4]) كتاب الدعوة من فتاوى الشيخ ابن باز، جـ2، ص227.

([5]) اللقاء الشهري، جـ3، سؤال 55.

([6]) انظر: الخادمات وأثرهن على الأسرة والمجتمع، د. محمد الخميس.

([7]) الخادمات وأثرهن على الأسرة، محمد الخميس.

([8]) مجلة المجتمع، العدد 810.

([9]) هيلة والخادمة النصرانية ميوري، أحمد الحصين.