لمحات في تربية البنات
التصنيفات
- فقه >> الأسرة >> شؤون الطفل >> تربية الأولاد
المصادر
الوصف المفصل
لمحات في تربية البنات
د. عبد الملك القاسم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على نبينا محمد، وعلى آله و صحبه أجمعين، وبعد:
فلا يزال الأب الموفق والأم المسددة يحرصان على تربية بناتهم التربية الإسلامية التي تبرأ بها الذمة، وعندها تكون الابنة قريرة العين والوالدان يرفلان في سعادة الدنيا والآخرة؛ فإن البنات حبات القلوب ومهج النفوس.
ولقلة ما كتب من أمر تربيتهن مع أهميته ساق قلمي مستنيرًَا بالكتاب والسنة مجموعة من الوصايا المختصرة وباقة من التوجيهات والملاحظات السريعة لعل الله أن ينفع بها.
ولغة الخطاب في هذه النقاط موجهة إلى الأب والأم على حد سواء وكل بحسبه ومقدرته.
أسأل الله - عز وجل - أن يصلح نياتنا و ذرياتنا.
عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن القاسم
مدخل
روى مسلم عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عال - أي قام عليهما في المؤونة والتربية - جاريتين - أي بنتين - حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين» وضم أصابعه.
قال ابن بطال: «حقٌّ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك».
وروى البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها - قالت: دخلت عليَّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فلم فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا فأخبرته فقال : «مَنْ ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار».
وفي رواية لمسلم قال: «إن الله قد أوجب لها الجنة أو أعتقها بها من النار» .
قال ابن حجر: «ختلف في المراد بالابتلاء، هل هو نفس وجودهن؟ أو ابتلي بما يصدر منهن؟».
وقال الإمام النووي: «إنما سماه ابتلاءً لأن الناس يكرهون البنات في العادة، فجاء الشرع بزجرهم عن ذلك، ورغب في إبقائهن، وترك قتلهن بما ذكر من الثواب الموعود به من أحسن إليهن، وجاهد نفسه في الصبر عليهن».
وروى أبو داود والترمذي عن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فله الجنة».
وفي رواية أبى داود قال: «من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو أختين أو بنتين، فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة».
وفي رواية: «من كان له ثلاث بنات أو أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن وصبر عليهن واتقى الله فيهن دخل الجنة».
وروى الإمام أحمد عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وعلى ضرائهن دخل الجنة».
وفي رواية: فقال رجل: يا رسول الله، واثنتين؟ قال: «واثنتين»، قال: يا رسول الله، وواحدة؟ قال: «وواحدة».
وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابًا من النار يوم القيامة».
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمَّا بعد:
فإنَّ نعم الله -عز وجل- لا تحصى، وعطاياه لا ُتعد، ومن تلك النعم العظيمة وأجلها نعمةُ الأولاد، قال الله -تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف:46 ]
ولا يَعرفُ عِظَم هذه النعمة إلا من حُرِم منها، فتراه ينفق ماله ووقته في سبيل البحث عن علاجٍ لما أصابه.
وهذه النعمة العظيمة هي أمانةٌٌ ومسئوليةٌٌ، ُيسأل عنها الوالدان يوم القيامة، أحَفِظا أم ضيَّعا؟ وزينة الذرية لا يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين وحسن الخُلق، و إلا كانت وبالاً على الوالدين في الدنيا والآخرة.
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته:فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته» [متفق عليه].
وهذه الرعية أمانةٌ، حذر الله –عز وجل- من إضاعتها والتفريط في القيام بحقها، قال – تعالى-﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً﴾ [الأحزاب:72].
وقال- تعالى-:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6].
قال ابن القيم- رحمه الله -: «فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدًى، فقد أساء غاية الإساءة؛ وأكثر الأولاد إنَّما جاء فسادهم من قِبَلِ الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وُسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً».
وقد سارع الأنبياء إلى تربية أبنائهم وتفقد أحوالهم، هذا يعقوب -عليه السلام- وقد اقترب أجله يسأل بنيه ليطمئن على سيرهم على التوحيد بعد موته: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾ وقرت عينه عندما أجابوا: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾[البقرة: 133].
وهذا إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام- يدعوان الله عز وجل: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ الآية.[ البقرة: 128]، وهذا الدعاء من إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام- كما أخبر الله عن عباده:﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان:74].
قال ابن كثير - رحمه الله -: «وهذا القدر مرغوب فيه شرعًا فمن تمام محبة الله أن يحب أن يكون من صلبه من يعبد الله وحده لا شريك له».
واشتد حرص السلف على مباشرة تربية أبنائهم والقيام بهذه المهمة العظيمة ومن ذلك ما ذكر عن الخليفة العباسي المنصور أنه بعث إلى من في السجن من بنى أمية يقول لهم: «ما أشد ما مر بكم في هذا السجن؟» قالوا: «ما فقدنا من تربية أبنائنا».
ومع الأسف أن بعض من حرص على أمر التربية جعلها للأبناء دون البنات ونسي أن الأمانة واحدة و السؤال عن الجميع، وغفل عن أن ابنته اليوم هي أم المستقبل التي تنجب بإذن الله من يرفع الله بهم الإسلام، وفى إهمال تربية البنت توجيه ضربة قاصمة للمجتمع المسلم.
ولحاجتنا كآباء وأمهات إلى منارات نستنير بها في أمر التربية أسوق بعضًا منها:
أولاً:شكر الله على عطيته:سواء أكانت ذكرًا أم أنثى، فإن الله -عز وجل – يهب الذكور والإناث والإنسان لا يعلم أين الخير والنفع ، فعلى الوالدين شكر الله وعدم متابعة أهل الجاهلية في كرههم للبنات، فقد ذمهم الله -عز وجل- بقوله:﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾[النحل: 58، 59].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كره لكم ثلاثًا: عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات»[رواه الطبراني].
روى الإمام أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تكْرَهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات».
وروى البخاري عن ابن عمر أن رجلاً عنده بنات، فتمنى موتهن، فغضب ابن عمر، فقال: «أنت ترزقهن؟».
قال أحد الحاكمين: ﴿للهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير﴾[الشورى: 49، 50].
قال إسحاق بن بشر: «نزلت هذه الآية في الأنبياء ثم عمت، فلوط - عليه السلام - أبو البنات لم يولد له ذكر، وإبراهيم -عليه السلام- ضده، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ولد له الصنفان، ويحيى بن زكريا -عليه السلام عقيم».
قال ابن القيم -رحمه الله- في كتابه أحكام المولود: «فقسم الله سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل عليها الوجود، وأخبر أن ما قدره بينهما من الولد فقد وهبهما إياه، وكفى بالعبد تعرضًا لمقته أن يتسخط ما وهبه، وبدأ سبحانه بذكر الإناث: فقيل جبرًا لهن لأجل استثقال الوالدين لمكانهن...».
وقال صالح بن أحمد: كان أبي إذا ولد له ابنة يقول: «الأنبياء كانوا آباء بنات» ويقول: «قد جاء في البنات ما قد علمت».
وقال يعقوب بن بختان: ولد لي سبع بنات فكنت كلما ولد لي ابنة دخلت على أحمد بن حنبل فيقول لي: «يا أبا يوسف الأنبياء آباء بنات» فكان يذهب قوله همي.
وقال عبيد الله السعدي: أنه بلغه: أن الله يحب البنات، وكان لوط - صلى الله عليه وسلم - ذا بنات، وكان شعيب - صلى الله عليه وسلم - ذا بنات، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذا بنات [رواه ابن أبي الدنيا].
ورحب أحد العقلاء بابنته فقال: «أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون».
ومن تأمل حوله وجد أن البعض له ابنة واحدة قرت بها عينه وامتلأت نفسه بالسعادة والرضى، وآخر له من البنين العدد ومع ذلك فهم في واد وهو في واد آخر لم ير إلا الشقاء والعناء منهم.
ثانيًا: الأصل في تربية النشء إقامة عبودية الله -عز وجل- في قلوبهم، وغرسها في نفوسهم وتعاهدها، ومن نعم الله علينا أن المولود يولد على دين الإسلام، دين الفطرة، فلا يحتاج إلا إلى رعايته، ومداومة العناية به؛ حتى لا ينحرف أو يضل وهنا يكون للوالدين أجر الدلالة على الخير كما قال - صلى الله عليه وسلم - : «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم].
فهؤلاء الأولاد ومن يأتي من ذريتهم في ميزان حسنات الوالدين إذا وفقا إلى التربية الإسلامية الصحيحة فإن الفرع تابع للأصل.
ثالثًا: الأب والأم في عبادة لله -عز وجل- حين التربية، والإنفاق، والسهر، والمتابعة، والتعليم، بل وحتى إدخال السرور عليهم وممازحتهم إذا احتسبوا ذلك، فالأصل تعبد الله -عز وجل-: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
والنفقة عليهم عبادة كما قال -عليه الصلاة والسلام-: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك» [رواه مسلم].
وقال -عليه الصلاة والسلام-: «إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة» [متفق عليه].
سأل رجل الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- السؤال التالي: إن لدي أربعة أطفال وأريد أن أكتفي بهم وأتفرغ للعبادة والطاعة فما رأيكم؟
فأجاب رحمه الله: «تربيتك لأبنائك التربية الصالحة عبادة».
وقد كان أحد السلف متعبدًا متفرغًا للمناجاة فقال لصاحب الأولاد الذي كان يغبطه على ما هو فيه من العبادة: «لروعة منك بسبب العيال خير مما أنا فيه».
رابعًا: لا بد من الإخلاص لله -عز وجل- في أمر التربية، فإن أراد المربي الدنيا فقد انثلم إخلاصه، وترى البعض يحرص على تعليم أبنائه؛ لكي يحوزوا على المناصب والشهادات، ولا شك أن الخير في تعليمهم ابتغاء ثواب الله -عز وجل- وما عداه فهو تابع له، ولهذا يركز من يريد الدنيا على التعليم الدنيوي المجرد من خدمة الإسلام والمسلمين، والآخر الموفق يسعى لكسب ابنته شهادة في التعليم مثلاً، لتعليم المسلمات، فهذا له أجر، وذاك ليس له أجر، والنية في هذا الأمر عظيمة، وهي من أسباب صلاح الأبناء وحسن تربيتهم، فما كان لله فهو ينمو ويكبر، وما كان للدنيا فهو يقل ويضمحل. وبعض من الآباء يبر والديه؛ لكي يراه صغاره فيعاملونه إذا كبر وشاخ بمثل ذلك. وهذا فيه حب الدنيا وحظوظ النفس، ولكن المؤمن يخلص لله في بر والديه رغبة في ما عند الله -عز وجل- وطاعة لأمره في بر الوالدين، لا للدنيا والمعاملة بالمثل.
ولهذا يحرص الأب والأم على تربية البنت على حسن معاملة الوالدين واحترامهما وخدمتهما والبر بهما والاستجابة إلى طلباتهما، ويعلمانها أن ذلك عبادة وقربة.
خامسًا: على المربي استصحاب النية في جميع الأمور التربوية؛ حتى يؤجر. فهو يلزم النية في تعليمهم، وفي النفقة عليهم، وفي ممازحتهم وملاعبتهم، وإدخال السرور عليهم، والصبر حال مرضهم ويعود نفسه على ذلك، ويجدد النية كل حين.
سادسًا: الدعاء هو العبادة، وقد دعا الأنبياء والمرسلون لأبنائهم وزوجاتهم ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ [الفرقان: 74]، ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: 35] وغيرها في القرآن كثير. وكم من دعوة اهتدى بسببها ضال، وكم من دعوة اختصرت مسافات التربية. وتحر أوقات الإجابة، وابتعد عن موانعها، وتضرع إلى الله -عز وجل- وانكسر بين يديه أن يهدي ذريتك، وأن يجنبها الشيطان، فأنت ضعيف بجهدك قليل بعملك.
ومن أعظم الأخطاء: الدعاء على الأبناء بالويل والثبور وعظائم الأمور فربما وجدت بابًا مفتوحًا فتقع، وعلى الوالدين عدم الدعاء على الأبناء بل الدعاء لهم.
سابعًا: على الوالد الحرص على الكسب الحلال، وتجنب الشبه، حتى لا يقع في الحرام؛ فإنه صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به» ولا يظن الأب أو الأم أن الحرام في الربا، والسرقة، والرشوة. فحسب، بل حتى في إضاعة وقت العمل وإدخال مال حرام دون مقابل.. فكثير من الموظفين والمدرسين يتهاونون في أعمالهم، ويتأخرون عن مواعيد عملهم بضع دقائق.. لو جمعت إذا بها ساعات تضيع في الحديث مع الزملاء، وقراءة المجلات والجرائد، والمكالمات الهاتفية. وهذه الأموال التي يأخذها مقابل هذه الأوقات سحت؛ لأنها أخذ مال بدون وجه حق. وكذلك أكل أموال الناس بالباطل وهضم حقوقهم، فاحذر أخي المسلم أن يدخل جوفك وجوف ذريتك مال حرام، وتحر الحلال على قلته؛ فإن فيه بركة عظيمة.
ثامنًا: لا بد أن يكون في البيت المسلم جلسة إيمانية بين الحين والآخر، إما بعد صلاة العصر أو بعد العشاء يقرأ فيها الأبناء كتابًا في التفسير ومرة في الحديث وثالثة في السيرة، وتحرص الأم على غرس النماذج الحية المتميزة من المسلمات المؤمنات من أمهات المؤمنين والصحابيات والصالحات في كل زمان في قلب ابنتها حتى تتشوق إليهم وتنبذ عنها ما يمجده الإعلام الفاسد من الكافرات والفاجرات.
وأول محاضن التعليم للصغيرة هو حضن الأم التي تسمع صغيرتها ذكر الله -عز وجل- وحمده والثناء عليه!
تاسعًا: القدوة الحسنة من ضروريات التربية، فكيف تحرص البنت على الصلاة وهي ترى والدتها أو والدها مضيعًا لها؟! وكيف تبتعد عن الأغاني والمجون وهي ترى والدتها ملازمة لسماعها؟! مع ملاحظة الابتعاد عن الغيبة والنميمة والكذب فإنها تقع من بعض القدوات، ثم في صلاح الوالدين حفظ لأولادهما في حياتهما، وبعد مماتهما، وتأملا في قول الله -تعالى-: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [الكهف: 82] فصلاح الأب هذا عم أبناءه بعد موته بسنوات. وليكن لك أجر غرس الإسلام في نفس طفلك وحرصه على أداء شعائره فإن «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده.. » الحديث.
ومما ابتليت به بعض الأمهات كثرة الخروج والتجول في الأسواق بل وكثرة الزيارات والمناسبات، وبالإمكان التقلل منها قدر المستطاع والتفرغ لأمر الزوج والأبناء، وإن ابتليت الأم بكثرة الخروج فلا بد أن تحتاط لابنتها في البيت فقد سمعنا ما يندى له الجبين من الإهمال في هذا الجانب وجعل الثقة في غير موضعها!
والأمهات إذا ما كن في سفه | ||||
فاحكم على الجيل بأن النقص حاديه | ||||
عاشرًا: وجه بعضًا من حرصك على أمور الدنيا ومعرفتها وكشف دقائقها إلى معرقة أفضل السبل في أمر التربية، واستشر من ترى فيه الصلاح، وابحث عن الأشرطة والكتب التي تتحدث عن التربية الإسلامية للطفل المسلم. ولا يكن شراء سيارة أو جهاز كهربائي أهم من تربية ابنتك. فأنت تسأل عن السيارة والجهاز كل من تراه! ثم تهمل فلذة قلبك وثمرة فؤادك ولا تتلمس الطريق السوي لتربيتها!
ومن الحكمة والنباهة: أن الأم إذا رأت أسرة تحسن تربية بناتها أن تسارع إلى سؤالهم عن وسائل التربية وطرقها وكيف هي؟ ولها أن تسأل عما أشكل عليها في أمر التربية.
الحادي عشر: الصبر.. غفل عنه البعض وهو من أهم عوامل نجاح التربية. فعليكما به، واصبرا على صراخ الصغير ولا تغضبا، واصبرا على مرضه واحتسبا، واصبرا على توجيهه ولا تملا، وليصبر الأب على مسافات بعيدة ليذهب بابنته لمدرسة ناجحة، وفيها المدرسات الأكفاء، واصبر على أن تنتظر ابنتك لتعود بها من المدرسة، وأبشر؛ فإنك في طريق جهاد: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: 69] وأنتما مأموران بالتربية، أما الهداية فهي من الله -عز وجل-، فابذلا السبب واصبرا، وستريا من الخير ما يسركما ويؤانس طريقكما.
وفي هذا الجانب يحذر الوالدان خلوة السائق بالبنت في السيارة فإن ذلك يجر على الفتاة ويلات كثيرة من السائق ومن الشباب الطائش في الطرق. ولتحذر الأم من ذلك، وقد رأيت في أحد المحلات التجارية سيارة بها خادمة وطفلة، وإذا بالسائق قد دخل بالبنت إلى المحل التجاري وجعلها بين يديه وعمرها تجاوز السابعة! قلت لها: هذا والدك؟ قالت: لا قلت: كيف تسمحين له بذلك؟ وفي ظني أن الوالدين قد أرسلا السائق ومعه زوجته ولكن انظروا ماذا حصل في المحل التجاري! فكيف بالأماكن الأخرى!
ولتحذر الأم من أن تدفع بابنتها إلى خادمة لا تصلي وتعصي الله -عز وجل-، وقد نشأ أناس على لوثة عقدية ووقوع في المعاصي تشربنها من أيدي الخادمات!
وأذكر من باب القدوة أن أحد الأساتذة في الجامعة وقد كبر سنه وأحيل للتقاعد يأتي مع السائق كل صباح وظهر لإيصال ابنته إلى الكلية! ووالله لا زلت أترحم عليه كلما تذكرت صبره ومحافظته على ابنته!
الثاني عشر: الصلاة، الصلاة، فهي الفريضة العظيمة والركيزة الثانية من فرائض الإسلام بعد الشهادتين، فاحرصا عليها، ولتشعر ابنتكما بأهميتها وعظم قدرها. وهي يسيرة على من يسرها الله عليه. والتزما الأدب النبوي في تربية الأطفال، فقد قال -عليه الصلاة والسلام- كما روى ذلك الإمام أحمد: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر». ومن طبق هذا الحديث فإنه لا يرى مشقة ولا تعبًا في أمر الصلاة؛ والأب الفطن والأم الفطنة تبحث عن المكافأة والتشجيع في المراحل الأولى فتضع مثلاً حلوى أو ريالاً في سجادة الصلاة وتدعو الابنة للصلاة وأن الله سوف يرزقها، فتسر الصغيرة بذلك، ومن ذلك شراء سجادة لها وحثها على العناية بها، ومن وسائل التعويد أن يوكل إلى الابنة مراعاة أوقات الصلاة فالأم تسأل دائمًا الابنة هل أذن المؤذن؟ كم بقي على الأذان؟ حتى يكون قلب الابنة معلق بالصلاة.
قال ابن تيمية رحمه الله: «ومن كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويعزر الكبير على ذلك تعزيرًا بليغًا؛ لأنه عصى الله ورسوله».
وتعجب أننا نستطيع أن نرتب أنفسنا أيام الاختبارات المدرسية بالنوم مبكرًا وعدم السهر! لأجل الاستيقاظ مبكرًا؛ ونتساهل في أمر الاستعداد لصلاة الفجر!
الثالث عشر: لا بد من مراعاة الملكات الخاصة والفوارق الفردية بين الأطفال، والعدل معهم في المعاملة، وبعض الآباء يهمل ملكات عظيمة لدى صغيره تضيع سدى. فتجد بعض الصغار يحفظ الأناشيد والدعايات وغيرها مما لا فائدة منه، ولا يحفظ كتاب الله -عز وجل- ولا يوجه لذلك. ولو تأملت في حياة علماء الأمة لوجدت الكثير يملكون مثل إمكاناتهم وقوة حفظهم، ولكنهم وجهوا هذه الثروة إلى غير فائدة، فهذا عالم الأمة ومفتي الديار، وذاك يحفظ الشعر والقصص وقد برز من النساء من لهن صوت في تاريخ الأمة وسجل ناصع أبيض، فمن العالمات: فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وعائشة، وحفصة، وأسماء رضي الله عنهن، ومن الأديبات: الخنساء وأروى بنت عبد المطلب.
وبعض الفتيات ممن التحقن في دور تحفيظ القرآن الكريم تجاوزن مرحلة الفراغ وأصبحت حياتهن جادة منضبطة لا تسمع إلا دوي القرآن في غرفتها، ومهما كانت ملكة الحفظ لديها ضعيفة إلا أنها لا تعدم أن تحفظ آيات من كتاب الله -عز وجل- كل يوم.
الرابع عشر : اغرس في نفوس صغارك تعظيم الله -عز وجل- ومحبته وتوحيده، ونبههم إلى الأخطاء العقدية التي تراها، وحذرهم من الوقوع فيها واحرص على غرس العقيدة بين الحين والآخر في نفوسهم وقد ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يعلمون أبناءهم علامات الساعة وهذا من الإيمان بالغيب، عدا أن وقوع المغيبات على النحو الذي حدثت به الأخبار ينبت الإيمان به ويقويه ويوجب الاستعداد لقيام الساعة بالتوبة النصوح والعمل الصالح. وأبعدهم عن تعليق التمائم والحروز وقراءة الكف مثلاً واغرس عقيدة الولاء والبراء في قلوبهم؛ فإن ذلك تحصين لهم، واحرص على أن تعودهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشجعهم عليه؛ فإن ذلك من دواعي ثباتهم على هذا الدين، ولما في ذلك من الوجوب والأجر العظيم.
ولا يظن الوالدان أن الصغير لا يدرك ولا يعي فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول للحسن بن علي -رضي الله عنهما- وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه وهو طفل صغير.. يقول له - صلى الله عليه وسلم - مربيًا ومعلمًا: «كخ كخ» ليطرحها، ثم قال: «أما شعر أنا -يعني آل محمد- لا نأكل الصدقة؟» [رواه مسلم].
الخامس عشر: احرصا على كتم الغضب والانفعال، وتعوذا من الشيطان إذا داهمكما، ولقد جعل الإسلام للعقوبة حدًا. فجعل ضرب الطفل لا يتجاوز العشر ضربات، وأن يكون عمر الصغير فوق السنوات العشر، وأن يضرب بمسواك أو عصا صغيرة، ويتجنب الوجه والعورة، واحرص على التسمية عليه حال الضرب، ولا تضرب وأنت غضبان هائج، وإن استبدلت بالضرب التشجيع أو الحرمان فهو خير لك ولابنتك.
السادس عشر: نحن في زمن انتشرت فيه الفتن من كل جانب؛ فكن كمن هو قائم يذب عن صغاره السهام، ويحوطهم من الأذى، واحرصا على ذلك أشد الحرص، وكلما اشتدت الفتن لا بد أن يضاعف الوالدان جهودهما في التربية ولو أن زمنًا انتشرت فيه سرقة الأموال فإن ذلك يدفع أصحاب الأموال إلى وضع أموالهم في أماكن آمنة والاحتياط لذلك، وهكذا الأبناء. ومن المؤسف في هذا الجانب أن البعض ظلموا فلذات أكبادهم.. رحموهم في الدنيا بأن أطلقوا لهم العقال وتركوهم يقعون في المحرمات ولم يرحموهم من نار الآخرة وحرها وسمومها، وليكن لكما حسن توجيه في اختيار رفيقات ابنتكم وجليساتها؛ فإن الصاحب ساحب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» [رواه أحمد].
وتأملا في أثر الصحبة والخلط فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : «السكينة في أهل الغنم، وإن الكبر والرياء والفخر في أهل الفدادين (أهل الوبر وأهل الخيل)»! فسبحان الله العظيم كيف أثر الحيوان على سلوك الإنسان. فما بالك بصديقة لصديقتها؟ إما أنها من الخيِّرات العابدات القانتات فهنيئًا للأب والأم بصديقة ابنتهما وقد كفتهما نصف المؤونة! وربما أن تكون من السيئات خلقًا ودينًا فتلك وبالاً على ابنتهما وشرًا، إنما هي كنافخ الكير.
واحذرا أن تصحباها إلى محلات ضياع الأوقات وإلى أماكن فيها منكرات. وكونا لابنتكما الصاحب والصديق، واغرسا في نفوس بناتكما الحياء والعفة، وذلك عبر اللباس والتوجيه والمحاكاة، ولا تتساهلا في خروجهن من المنزل إلا برفقة أحد الأبوين، ولا تظنا أن من دواعي التحضر أن تلقيا تعاليم الإسلام جانبًا، واحذرا أن يخرج من صلبكما من يحارب الله -عز وجل- قولاً وفعلاً.
السابع عشر: الحياء والحشمة علامة بارزة على حسن التربية وطيب المنبت، وكلما زاد حياء وحشمة الفتاة كلما زاد علوها ومقدارها، ومما يعين على زرع الحياة في قلب الصغيرة أن ترى حياة والديها يكسوها الأدب والحياء، فتنشأ على ذلك بعيدة عن صفيقات الوجه، بذيئات اللسان المتفسخات من الحياء والحشمة!
وتأملا في حال من تربت في بيت النبوة! قالت فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - لأسماء بنت عميس: «إني أستقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها»، تقصد إذا ماتت ووضعت في نعشها، قالت: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئًا رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: «ما أحسن هذا وأجمله إذا مت فغسليني أنت وعلي، ولا يدخل عليَّ أحد».
ومما يؤسف له أن ترى الأب وعليه سمات الخير والالتزام، والأم بكامل سترها وقفازها يغطي يديها ثم ترى فإذا الابنة قاربت العاشرة أو دون ذلك وهي تلبس البنطال أو الثوب العاري أمام الرجال الأجانب سواء في الأسواق أو غيرها!
الثامن عشر: أفعال الخير تنشأ الصغيرة وهي تراها فتكتسب فيها مهارة وقبولاً وتميزًا إذا كبرت، ها هي في جانب الصدقة بجوارها حصالة صغيرة تضع فيها كل حين ما تيسر من النقود حتى يذهب الشح من نفسها، وفي الجهة الأخرى تسارع إلى نوافل العبادات من صلاة وقيام وغيرها، فترضع محبة الخير مع ثدي أمها ويرتفع علو كعبها في فعل الخير وخدمة الدين والدعوة إليه، ها هي تنشر عبير الخير في أرجاء المكان، همها ماذا تقدم لهذا الدين؟ وماذا تفعل له؟ وكيف تصل بالدعوة إلى الجيران والزميلات؟ بل وكيف تحث والديها على أعمال ترفع درجاتهم في الجنة؟ وقد ذكرت معلمة أنها فقدت إحدى طالباتها في ساعة الفسحة فلما تحسست أين هي، فإذا بها في مصلى المدرسة تصلي صلاة الضحى!
التاسع عشر: غالب الآباء والأمهات في بيوتهم هم الذين يتحدثون ويتكلمون، ولا يدعون فرصة للبنت أن تتحدث. وفي فتح باب الحوار والنقاش إشباع لرغبة الحديث ثم معرفة ما يدور في خلدها والمرحلة التالية بعد الاستماع توجيهها على ضوء ما تسمعا منها، وكلما كانت الابنة متحدثة كلما ساقها ذلك إلى تربية نفسها عبر توجيه غير مباشر من والديها، مع ما في ذلك كله من ربط البنت بأسرتها بدلاً من الحديث مع الصديقات أو ربما ينجر إلى الحديث مع شاب أجنبي والعياذ بالله..
وفي هذا الجانب يرى تخفيف العتاب للأبنة بحكم حسها المرهف والصغيرة منهن أولى بذلك، والإكثار من التشجيع والثناء الحق فيه دفع للابنة وإرواء لعطشها العاطفي مع زيادة الود والمحبة بينها وبين والديها.
العشرون: الكتاب والشريط مادة دسمة وذات فوائد شهية فيها من العلم الشرعي ومن أسلوب الخطاب وجمال العبارة الكثير، ويغنيان عن زميلة وصديقة ودعوة يومية، فليحرص الآباء والأمهات على مد الفتاة بكل ما هو مفيد، مع تلمس جوانب النقص فيها ومحاولة جلب الكتب والأشرطة التي تعالج جوانب الخلل لديها.
الحادي والعشرون: أيها الأب.. وقتك طويل ولديك ساعات كثيرة بعد نهاية عملك فما نصيب أبنائك منها؟ فإن كنت مفرطًا في حقهم فتدارك ما فات، واجعل لهم النصيب الأكبر، وإن كنت ممن حفظ هذا الوقت وجعله لهم فهنيئًا لك، ولا تغفل أن يكون بيتك ومملكتك الصغيرة واحة إيمانية، تقرأ عليهم فيها من سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وتجعل فيها المسابقات الثقافية والإسلامية والعلمية، واجعل لمن حفظ القرآن جوائز قيمة، واحرص على تلمس سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسن تعامله وتواضعه وممازحته للصغار.
وما أحسن قول الشاعر:
ليس اليتيم من انتهى أبواه | ||||
من هم الحياة وخلفاه ذليلا | ||||
إنما اليتيم من تلق له | ||||
أمًا تخلت وأبًا مشغولا | ||||
الثاني والعشرون: إشعار البنت بالأبوة والحنان وقد تكون أكثر من الولد حاجة إلى ذلك؛ فعلى الوالدين العناية بالجانب العاطفي للابنة وإشباعه قدر المستطاع.
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقبل ابنته فاطمة ويمشي لها وكان إذا رآها رحب بها وقال: «مرحبًا بابنتي»، ثم يجلسها عن يمينه أو شماله [رواه مسلم].
وكان -صلى الله عليه وسلم-: «إذا دخلت عليه فاطمة ابنته قام إليها فأخذ بيدها فقبلها، وأجلسها مجلسه...» [رواه أبو داود والترمذي].
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يدخل على ابنته أسماء ويقبلها ويسأل عن حالها. قال البراء - رضي الله عنه -: «... فدخلت مع أبي بكر على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حُمي، فرأيت أباها يقبل خدها، وقال: «كيف أنت يا بنية» [رواه البخاري].
وأذكر أن أحد الآباء بكى ليلة زفاف ابنته وقال: لم أجلس معها وهي في بيتي ولم أمنحها وقتًا كافيًا ولم أسمع صوتها وهي تقرأ القرآن، الآن أصبحت لغيري فمتى أسعد بها! وإن رأيتها بعد اليوم فمرة في الأسبوع لمدة دقائق.
فلا تكن أيها الأب وأيتها الأم ممن يتحسرون مثل هذا الرجل. فإن من جمال الدنيا وسعادتها قرب الأب والأم من أبنائهم.
وليت كل أب وأم جعلا جلسة عاطفية مع البنت فيها الدعابة والطرفة والثناء المحق على بعض صفاتها وعلى الأم أن تكثر من ضم ابنتها وتقبيلها بين الحين والآخر بمناسبة وبدون مناسبة فإن لها أثرًا عجيبًا!
الثالث والعشرون: الهاتف والانترنت والشاشة كلها سلاح ذو حدين، وقد رأينا تأثيرها على كبار وكبيرات السن فما بالكما بالابنة الصغيرة أو التي شبت عن الطوق ودخلت مرحلة المراهقة؟ لا بد من الملاحظة والمتابعة وحسن التوجيه فإن الأمر خطير وربما جر إلى فساد في الأخلاق والعقائد والدين، وهذه الأجهزة بمثابة جلساء للفتاة فلننظر ماذا تتلقف منهم الفتاة! بل والله أشد خطرًا من الصديقة للفتاة! فالصديقة تحاورها وتناقشها، وهذه الأجهزة تلقن وتلقي في القلوب الشبه وفي الحواس الشهوات والفتن، وصدق من نادى الآباء بقوله: «إياكم وإدخال اللصوص إلى بيوتكم فإنهم يسرقون منكم ما هو أغلى من الذهب والفضة! يسلبون الدين والخلق والعفة والحشمة!».
وصدق آخر حينما قال: «إن الأب الذي أهدى الدش إلى أبنائه إنما هو الذي أهدى أبناءه إلى الدش ليربيهم ويوجههم وفق ما يريد!».
وفي إحصاء سريع قام به بعض الإخوة ظهر له أن أكثر من 50% من نزلاء السجون شاهدوا أفلام الغرام والجريمة. فانظر النهاية والبداية وكن فظنًا.
الرابع والعشرون: اختيار الزوج الكفء للابنة والمبادرة بتزويجها في سن مبكرة صيانة لها عن الانحراف؛ فإن من أعظم الإحسان إلى البنت إسعادها بزوج صالح.
قال الشعبي: «من زوج ابنته فاسقًا فقد قطع رحمه».
ومن جملة السعي إلى تزويجها: عرضها على الأخيار من الأزواج سواء أكان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر كأن يوحي إلى من يثق فيه بذكر ابنته لذلك الشاب. وقد فعل ذلك أبو بكر وعمر وغيرهما -رضي الله عنهما- وما ذاك إلا حرصًا على بناتهم والرغبة في البحث عن الزوج الصالح، لأنه يعين زوجته على الصلاح والخير.
مع ملاحظة عدم الإسراف في مناسبة الزواج أو جلب المنكرات من موسيقى وغناء فاحش أو رؤية الرجال للنساء في ذلك اليوم؛ وإن خير ما تبدأ به الابنة حياتها الجديدة طاعة رب العالمين ليزيدها توفيقًا وسعادة.
الخامس والعشرون: من أعظم أنواع التربية التي تبرأ بها الذمة إبعاد الابنة عن مواطن الشبه والمنكرات، فلا يذهب بها الأب أو الأم إلى الأماكن المختلطة ولا أماكن يعصى الله -عز وجل- فيها من موسيقا أو تبرج أو غير ذلك.
وتحاول الأم قدر المستطاع أن لا يكون السوق الشغل الشاغل لابنتهم بل تعلمها بأن الذهاب إلى أماكن التسوق إنما هو للضرورة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - عن الأسواق: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» [رواه مسلم].
وإن ذهبت فبستر وحشمة وعجلة من الأمر، فما عهدنا الفتيات يخرجن من بيوتهن للأسواق إلا في الأزمنة المتأخرة.
السادس والعشرون: الزوج يحب الزوجة المدبرة الحكيمة التي تقوم على شؤون بيتها وتحيطه بالرعاية، وفتاة اليوم هي أم المستقبل، ومما تحتاجه لمواجهة الحياة تعلم فن الطبخ والقيام بالمنزل. والأم الموفقة تحث ابنتها على القيام بأعمال المنزل وتدربها على ذلك حتى تكون زوجة صالحة تقوم برعاية منزلها حق الرعاية وهذا شرف لها وموطن استقرارها، وقد كانت بنات الأنبياء يقمن بذلك فقد كانت فاطمة -رضي الله عنها- تخدم في بيت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -؛ حتى أتعبها الرحى وشق عليها كثرة العمل.
السابع والعشرون: كلما داهمكما الهم والحزن وطال بكما أمد التربية تذكرا ما أعد الله -عز وجل- لكما من الجزاء على حسن التربية والتقويم والدعوة والتوجيه.
سئل: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- السؤال التالي:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن وسقاهن وكساهن كن له حجابًا من النار» هل يكن حجابًا من النار لوالدهن فقط أم حتى الأم شريكة في ذلك؟ وأنا عندي ولله الحمد ثلاث بنات؟
فأجاب: الحديث عام للأب والأم بقوله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له ابنتان فأحسن إليهما كن له سترًا من النار» وهكذا لو كان له أخوات أو عمات أو خالات أو نحوهن فأحسن إليهن فإنا نرجو له بذلك الجنة، فإنه متى أحسن إليهن فإنه بذلك يستحق الأجر العظيم ويحجب من النار ويحال بينه وبين النار لعمله الطيب، وهذا يختص بالمسلمين، فالمسلم إذا عمل هذه الخيرات ابتغاء وجه الله يكون قد تسبب في نجاته من النار، والنجاة من النار والدخول في الجنة لها أسباب كثيرة، فينبغي للمؤمن أن يستكثر منها، والإسلام نفسه هو الأصل الوحيد وهو السبب الأساسي لدخول الجنة والنجاة من النار.
وهناك أعمال إذا عملها المسلم دخل بها الجنة ونجا من النار، مثل من رزق بنات أو أخوات فأحسن إليهن كن له سترًا من النار، وهكذا من مات له ثلاثة أفراط لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابًا من النار، قالوا: يا رسول الله، واثنان؟ قال: «واثنان» ولم يسألوا عن الواحد.
وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يقول الله -عز وجل- ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» [رواه البخاري] فبين سبحانه وتعالى أن ليس للعبد المؤمن عنده جزاء إذا أخذ صفيه -أي محبوبه- من أهل الدنيا فصبر واحتسب إلا الجنة، فالواحد من أفراطنا يدخل في هذا الحديث إذا أخذه الله وقبضه إليه فصبر أبوه أو أمه أو كلاهما واحتسبا فلهما الجنة وهذا فضل من الله عظيم، وهكذا الزوج والزوجة وسائر الأقرباء والأصدقاء إذا صبروا واحتسبوا دخلوا في هذا الحديث مع مراعاة سلامتهم مما قد يمنع ذلك من الموت على شيء من كبائر الذنوب، نسأل الله السلامة.
وسئل: رحمه الله: ما هو هذا الإحسان المذكور في الحديث؟
فأجاب: الإحسان للبنات ونحوهن يكون بتربيتهن التربية الإسلامية، وتعليمهن وتنشئتهن على الحق والحرص على عفتهن وبعدهن عمَّا حرم الله من التبرج وغيره، وهكذا تربية الأخوات والأولاد الذكور إلى غير ذلك من وجوه الإحسان، حتى يتربى الجميع على طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والبعد عن محارم الله والقيام بحق الله -سبحانه وتعالى- وبذلك يعلم أنه ليس المقصود مجرد الإحسان بالأكل والشرب والكسوة فقط، بل المراد ما هو أعم من ذلك من الإحسان إليهن في عمل الدين والدنيا([1]).
الثامن والعشرون: منزلكما هو الدوحة التي يستظل بها الأولاد ويجدون فيها الراحة والسكينة ومن أعظم وسائل السعادة إبعاد المنكرات عن المنزل وعدم إدخالها إليه فإنها تفسد القلوب، والمعاصي تجلب النقم وتبعد النعم.
والحرص على عدم ذهابهن إلى أماكن اللهو والعبث والمنكرات فإن في ذلك إثمًا وتعويدًا على المعصية وتقليلاً لشأنها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا بموجب شرعي، مثل أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو دنياه لا بد فيه من حضوره، أو يكون مكرهًا».
ويحسن بالأم أن تتفقد غرفة ابنتها، ولها أن تفتح حقيبة ابنتها المدرسية وترى ما بها، والعلماء يجوزون هذا الفعل شرعًا وأنه ليس من التجسس المنهي عنه، وهو من باب رعاية الأبناء. وإن وجدت الأم ما يسوء من صور أو أشرطة، أو غيرها فلتعالج الأمر بحكمة وروية. وللأم حفظ الأسرار وعدم البوح بها وهتك أسرار البنت دون فائدة تُرجى!
التاسع والعشرون: من مهمة الأم والأب تعليم الابنة تعاليم الشرع خاصة أحكام الطهارة والحيض وما يتعلق بأمور النساء، لأن الفتاة قد تخجل عن السؤال، وبالإمكان التمهيد لذلك قبل مرحلة البلوغ أو إهداؤها مجموعة من الكتب بها تلك الأحكام والفتاوى، وكلما كانت الأم قريبة إلى ابنتها كان التعليم وطرح الأسئلة أسهل للفتاة، خاصة إذا كبرت سنها وبدت عليها علامات البلوغ فإنها أحق بصداقة أمها ورفقتها.
الثلاثون: المساواة بين الذكر والأنثى وعدم المفاضلة بينهما فإن بعض الآباء إذا رزقه الله -عز وجل- الذكور يميل إليهم دون الإناث ويفضلهم في المعاملة والحديث، وقد جاء الإسلام بالعدل والمساواة بينهما؛ حتى جعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحد أسباب دخول الجنة وذلك في عدم إيثار الصبي على البنت، وإنما هم في الحب سواء وفي العطاء سواء، وفي تقديم الهدايا والمال سواء، وفي التثقيف وطلب العلم سواء، وفي المعاملة سواء، حتى في القُبلة سواء بسواء.
وفي قصة النعمان بن بشير - رضي الله عنه - خير عبرة وعظة عندما أراد أن يهب لأحد أبنائه جزءًا من ماله دون بقية إخوته، فأراد أن يشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : «ألك ولد غيره؟» فقال النعمان: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «هل آتيت كل واحد مثل الذي آتيت له هذا؟» قال النعمان: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له: «فإني لا أشهد على هذا، هذا جور، اعدلوا بين أولادكم في النحل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف» [رواه البيهقي في السنن].
البزار عن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء ابن له فقبَّله وأجلسه على فخذه وجاءت بنية له فأجلسها بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ألا سويت بينهما؟!».
وفي أمر التفرقة بين الأولاد زرع للحقد والكراهية بينهم، وبعض الآباء توفي ولديه أبناء بينهم كفاءة في الملكات والقدرات ومع هذا لم يشعر أحد منهم بتمييز والده له! ومن تأمل في قصة يوسف -عليه السلام- وجد الأمر واضحًا جليًا.
ومهمة الوالدين تقريب الأبناء إلى بعضهم البعض وتحبيبهم لبعض وزرع الاحترام والتقدير والإيمان والمساعدة بينهم حتى تنمو شجرة المحبة والألفة بين الإخوة.
الحادي والثلاثون: انتشرت ولله الحمد في مناطق عدة مدارس تحفيظ القرآن الكريم وحري بكل أب وأم أن يسارعا إلى إدخال ابنتهما في هذه المدارس التي تقرأ فيها البنت القرآن كل يوم، وتنشأ وتتربى على أيدي معلمات داعيات، ومن لم يتيسر له ذلك صباحًا فلا أقل من إلحاقهن بمدارس التحفيظ المسائية التي جعل الله فيها خيرًا كثيرًا، ففيها تحضر الابنة مجالس القرآن وتتربى على القرآن وتسير على نهجه وتعاليمه وهنيئًا لها الصحبة الطيبة في تلك المدارس.
الثاني والثلاثون: تميزت المرأة المسلمة بلباس ساتر لا تبرز فيه المرأة مفاتنها ولا يرى الرجال منها خصلة شعر! ولما ضعف الدين وانهزم الكثير وركز الإعلام على إفساد المراة انتشرت ألبسة ليست من لباس المسلمات!
وتنشأ الصغيرة -مع الأسف- على العري والتفسخ وقلة الحياء والتعود على إبراز الصدر والنحر والساق حتى إذا كبرت كان الأمر عاديًا لديها لأنها نشأت وتربت عليه!
قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المشهور عند مسلم: «ونساء كاسيات عاريات» وذكر أنهن لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إن الكاسية العارية إما لرقة ثوبها، أو لقصره، أو لضيقه».
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن لبس الصغيرات الملابس القصيرة: «ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن، فيقع بذلك المحذور والفتنة التي وقع فيها الكبيرات من النساء».
وقد أرسل عمر - رضي الله عنه - إلى جنوده في بلاد فارس: «إياكم وزي أهل الشرك» وما نراه من عري وتفسخ إنما هو من أولئك وليس من لباس المسلمات!
ومما يندى له الجبين في المظهر ما استشرى من قصات شعر محرمة تقصها الفتاة المسلمة متشبهة بالكافرات مثل القصة الفرنسية أو قصة ديانا أو غير ذلك!
الثالث والثلاثون: ما نقوم به من عمل تربوي هو من أعمال العبادة لله -عز وجل- وفيه براءة للذمة، ولا بد أن نعلم أن الهادي هو الله -عز وجل- ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 28].
ولدينا ولله الحمد وسائل لتطبيق ما ذكر سواء بالترغيب أو التشجيع أو الترهيب وكلها قد وردت في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .
وكل أب وأم لديهم من الذكاء والفطنة الكثير، ويبقى تحمل الأمانة، فنحن نرى أن الابنة إذا رفضت الذهاب إلى المدرسة أجلبنا بخيلنا: نسأل ما السبب؟ ونحاول أن نعالج الأمر بشتى السبل والوسائل حتى ينتهي الأمر!
فما بال أمر الآخرة أرخص وأقل ثمنًا من الدنيا!
وقد ذكرت مدرسة عن تجربتها بين التعليم والتربية فقالت: تأتي إلينا والدة الطالبة حريصة قلقة على ضياع نصف درجة في إحدى المواد، ولا تسأل عن خلق ابنتها وأدبها أو من تصاحب، وهل صديقاتها صالحات أم طالحات، أو هل عليها ملاحظات سلوكية؟! لم تسألني أم مثلاً هل ابنتي تحترم المعلمة أم لا؟ وهل ابنتي مثالية في تعاملها؟! ما بال نصف درجة أقلقت الأم وأقضت مضجعها فأتت مهرولة مشكورة! وما لها تخاف على ابنتها حال الدنيا ولا تخاف عليها من نار الآخرة!
أسأل الله الكريم بمنه وجوده وكرمه أن يصلح نياتنا وذرياتنا، وأن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين، وأن يجمعنا مع والدينا وذرياتنا في جنات النعيم كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ [الطور: 21].