نونية القحطاني
التصنيفات
الوصف المفصل
نونية القحطاني
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَه وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَه.
أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ قَصِيدَةُ الإِمَامِ الْعَالِمِ الرَّبَّانِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّد الأَنْدَلُسِي الْقَحْطَانِي الْمَالِكِي
هَذِهِ الْقَصِيدَةُ صَغِيرَةُ الْحَجْمِ غَزِيرَةُ الْعِلْمِ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى الأُصُولِ الدِّينِيَّةِ وَالْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ وَالنَّصَائِحِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُوَحِّدٍ الاِتَّسَامُ بِهَدْيِهَا، وَأَنْ يُعَدَّ مِنْ بَنِي وُدِّهَا.
فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَتَشَرَّفَ بِالْقِيَامِ بِضَبْطِهَا وَذَلِكَ بَعْدَمَا بَحَثْنَا عَنْهَا مَضْبُوطَةً
فَلَمْ نَجِدْهَا كَذَلِكَ.
وَاعْتَمَدنا عَلَى الْمَطْبُوعِ في نَصِّهَا
فَيَسَّرَ اللهُ تَعَالَى لِنَا هَذَا الأَمَرَ فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّة.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم
وَكَتَبَهُ
عَدِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغُبَارِي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا مُنْزِلَ الآيَاتِ وَالْفُرْقَانِ | بَيْنِي وَبَيْنَكَ حُرْمَةُ الْقُرْآنِ |
اِشْرَحْ بِهِ صَدْرِي لِمَعْرِفَةِ الْهُدَى | وَاعْصِمْ بِهِ قَلْبِي مِنَ الشَّيْطَانِ |
يَسِّرْ بِهِ أَمْرِي وَأَقْضِ مَآرِبِي | وَأَجِرْ بِهِ جَسَدِي مِنَ النِّيرَانِ |
وَاحْطُطْ بِهِ وِزْرِي وَأَخْلِصْ نِيَّتِي | وَاشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَصْلِحْ شَانِي |
وَاكْشِفْ بِهِ ضُرِّي وَحَقِّقْ تَوْبَتِي | وَارْبِحْ بِهِ بَيْعِي بِلاَ خُسْرَانِ |
طَهِّرْ بِهِ قَلْبِي وَصَفِّ سَرِيرَتِي | أَجْمِلْ بِهِ ذِكْرِي وَأَعْلِ مَكَانِي |
وَاقْطَعْ بِهِ طَمَعِي وَشَرِّفْ هِمَّتِي | كَثِّرْ بِهِ وَرَعِي وَأَحْيِ جَنَانِي |
أَسْهِرْ بِهِ لَيْلِي وَأَظْمِ جَوَارِحِي | أَسْبِلْ بِفَيْضِ دُمُوعِهَا أَجْفَانِي |
اِمْزِجْهُ يَا رَبِّي بِلَحْمِي مَعْ دَمِي | وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِي مِنَ الأَضْغَانِ |
أَنْتَ الَّذِي صَوَّرْتَنِي وَخَلَقْتَنِي | وَهَدَيْتَنِي لِشَرَائِعِ الإِيمَانِ |
أَنْتَ الَّذِي عَلَّمْتَنِي وَرَحِمْتَنِي | وَجَعَلْتَ صَدْرِي وَاعِيَ الْقُرْآنِ |
أَنْتَ الَّذِي أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي | مِنْ غَيْرِ كَسْبِ يَدٍ وَلاَ دُكَّانِ |
وَجَبَرْتَنِي وَسَتَرْتَنِي وَنَصَرْتَنِي | وَغَمَرْتَنِي بِالْفَضْلِ وَالإِحْسَانِ |
أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَنِي وَحَبَوْتَنِي | وَهَدَيْتَنِي مِنْ حَيْرَةِ الْخِذْلاَنِ |
وَزَرَعْتَ لِي بَيْنَ الْقُلُوبِ مَوَدَّةً | وَعَطَفْتَ مِنْكَ بِرَحْمَةٍ وَحَنَانِ |
وَنَشَرْتَ لِي في الْعَالَمِينَ مَحَاسِنًا | وَسَتَرْتَ عَنْ أَبْصَارِهِمْ عِصْيَانِي |
وَجَعَلْتَ ذِكْرِي في الْبَرِيَّةِ شَائِعًا | حَتَّى جَعَلْتَ جَمِيعَهُمْ إِخْوَانِي |
وَاللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي | لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي |
وَلأَعْرَضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي | وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ |
لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي | وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَانِي |
فَلَكَ الْمَحَامِدُ وَالْمَدَائِحُ كُلُّهَا | بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي |
وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ | مَا لِي بَشُكْرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ |
فَوَحَقِّ حِكْمَتِكَ الَّتِي آتَيْتَنِي | حَتَّى شَدَدتَّ بِنُورِهَا بُرْهَانِي |
لَئِنِ اجْتَبَتْنِي مِنْ رِضَاكَ مَعُونَةٌ | حَتَّى تُقَوِّيَ أَيْدُهَا إِيمَانِي |
لأُسَبِّحَنَّكَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً | وَلَتَخْدُمَنَّكَ في الدُّجَى أَرْكَانِي |
وَلأَذْكُرَنَّكَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا | وَلأَشْكُرَنَّكَ سَائِرَ الأَحْيَانِ |
وَلأَكْتُمَنَّ عَنِ الْبَرِيَّةِ خَلَّتِي | وَلأَشْكُوَنَّ إِلَيْكَ جَهْدَ زَمَانِي |
وَلأَقْصِدَنَّكَ في جَمِيعِ حَوَائِجِي | مِنْ دُونِ قَصْدِ فُلاَنَةٍ وَفُلاَنِ |
وَلأَحْسُمَنَّ عَنِ الأَنَامِ مَطَامِعِي | بِحُسَامِ يَأْسٍ لَمْ تَشُبْهُ بَنَانِي |
وَلأَجْعَلَنَّ رِضَاكَ أَكْبَرَ هِمَّتِي | وَلأَضْرِبَنَّ مِنَ الْهَوَى شَيْطَانِي |
وَلأَكْسُوَنَّ عُيُوبَ نَفْسِي بِالتُّقَى | وَلأَقْبِضَنَّ عَنِ الْفُجُورِ عِنَانِي |
وَلأَمْنَعَنَّ النَّفْسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا | وَلأَجْعَلَنَّ الزُّهْدَ مِنْ أَعْوَانِي |
وَلأَتْلُوَنَّ حُرُوفَ وَحْيِكَ في الدُّجَى | وَلأُحْرِقَنَّ بِنُورِهِ شَيْطَانِي |
أَنْتَ الَّذِي يَا رَبِّ قُلْتَ حُرُوفَهُ | وَوَصَفْتَهُ بِالْوَعْظِ وَالتِّبْيَانِ |
وَنَظَمْتَهُ بِبَلاَغَةٍ أَزَلِيَّةٍ | تَكْيِيفُهَا يَخْفَى عَلَى الأَذْهَانِ |
وَكَتَبْتَ في اللَّوْحِ الْحَفِيظِ حُرُوفَهُ | مِنْ قَبْلِ خَلْقِ الْخَلْقِ في أَزْمَانِ |
فَاللهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا | حَقًّا إِذَا مَا شَاءَ ذُو إِحْسَانِ |
نَادَى بِصَوْتٍ حِينَ كَلَّمَ عَبْدَهُ | مُوسَى فَأَسْمَعَهُ بِلاَ كِتْمَانِ |
وَكَذَا يُنَادِي في الْقِيَامَةِ رَبُّنَا | جَهْرًا فَيَسْمَعُ صَوْتَهُ الثَّقَلاَنِ |
أَنْ يَا عِبَادِي أَنْصِتُوا لِي وَاسْمَعُوا | قَوْلَ الإِلَهِ الْمَالِكِ الدَّيَّانِ |
هَذَا حَدِيثُ نَبِيِّنَا عَنْ رَبِّهِ | صِدْقًا بِلاَ كَذِبٍ وَلاَ بُهْتَانِ |
لَسْنَا نُشَبِّهُ صَوْتَهُ بِكَلاَمِنَا | إِذْ لَيْسَ يُدْرَكُ وَصْفُهُ بِعِيَانِ |
لاَ تَحْصُرُ الأَوْهَامُ مَبْلَغَ ذَاتِهِ | أَبَدًا وَلاَ يَحْوِيهِ قُطْرُ مَكَانِ |
وَهُوَ الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ | مِنْ غَيْرِ إِغْفَالٍ وَلاَ نِسْيَانِ |
مَنْ ذَا يُكَيِّفُ ذَاتَهُ وَصَفَاتِهِ | وَهُوَ الْقَدِيمُ مُكَوِّنُ الأَكْوَانِ |
سُبْحَانَهُ مَلِكًا عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى | وَحَوَى جَمِيعَ الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ |
وَكَلاَمُهُ الْقُرْآنُ أَنْزَلَ آيَهُ | وَحْيًا عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ عَدْنَانِ |
صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ خَيْرَ صَلاَتِهِ | مَا لاَحَ في فَلَكَيْهِمَا الْقَمَرَانِ |
هُوَ جَاءَ بِالْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ الَّذِي | لاَ تَعْتَرِيهِ نَوَائِبُ الْحَدَثَانِ |
تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَحْيُهُ | بِشَهَادَةِ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ |
وَكَلاَمُ رَبِّي لاَ يَجِيءُ بِمِثْلِهِ | أَحَدٌ وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ الثَّقَلاَنِ |
وَهُوَ الْمَصُونُ مِنَ الأَبَاطِلِ كُلِّهَا | وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ |
مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنْ يُبَارِيَ نَظْمَهُ | وَيَرَاهُ مِثْلَ الشِّعْرِ وَالْهَذَيَانِ |
فَلْيَأْتِ مِنْهُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ | فَإِذَا رَأَى النَّظْمَيْنِ يَشْتَبِهَانِ |
فَلْيَنْفَرِدْ بِاسْمِ الأُلُوهَةِ وَلْيَكُنْ | رَبَّ الْبَرِيَّةِ وَلْيَقُلْ سُبْحَانِي |
فَإِذَا تَنَاقَضَ نَظْمُهُ فَلْيَلْبَسَنْ | ثَوْبَ النَّقِيصَةِ صَاغِرًا بِهَوَانِ |
أَوْ فَلْيُقِرَّ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُ مَنْ | سَمَّاهُ في نَصِّ الْكِتَابِ مَثَانِي |
لاَ رَيْبَ فِيهِ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُهُ | وَبِدَايَةُ التَّنْزِيلِ في رَمَضَانِ |
اللهُ فَصَّلَهُ وَأَحْكَمَ آيَهُ | وَتَلاَهُ تَنْزِيلاً بِلاَ أَلْحَانِ |
هُوَ قَوْلُهُ وَكَلاَمُهُ وَخِطَابُهُ | بِفَصَاحَةٍ وَبَلاَغَةٍ وَبَيَانِ |
هُوَ حُكْمُهُ هُوَ عِلْمُهُ هُوَ نُورُهُ | وَصِرَاطُهُ الْهَادِي إِلَى الرِّضْوَانِ |
جَمَعَ الْعُلُومَ دَقِيقَهَا وَجَلِيلَهَا | فَبِهِ يَصُولُ الْعَالِمُ الرَّبَّانِي |
كَلِمَاتُهُ مَنْظُومَةٌ وَحُرُوفُهُ | بِتَمَامِ أَلْفَاظٍ وَحُسْنِ مَعَانِي |
قَصَصٌ عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ قَصَّهُ | رَبِّي فَأَحْسَنَ أَيَّمَا إِحْسَانِ |
وَأَبَانَ فِيهِ حَلاَلَهُ وَحَرَامَهُ | وَنَهَى عَنِ الآثَامِ وَالْعِصْيَانِ |
مَنْ قَالَ إِنَّ اللهَ خَالِقُ قَوْلِهِ | فَقَدِ اسْتَحَلَّ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ |
مَنْ قَالَ فِيهِ عِبَارَةٌ وَحِكَايَةٌ | فَغَدًا يُجَرَّعُ مِنْ حَمِيمٍ آنِ |
مَنْ قَالَ إِنَّ حُرُوفَهُ مَخْلُوقَةٌ | فَالْعَنْهُ ثُمَّ اهْجُرْهُ كُلَّ أَوَانِ |
لاَ تَلْقَ مُبْتَدِعًا وَلاَ مُتَزَنْدِقًا | إِلاَّ بِعَبْسَةِ مَالِكِ الْغَضْبَانِ |
وَالْوَقْفُ في الْقُرْآنِ خُبْثٌ بَاطِلٌ | وَخِدَاعُ كُلِّ مُذَبْذَبٍ حَيْرَانِ |
قُلْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَلاَمُ إِلَهِنَا | وَاعْجَلْ وَلاَ تَكُ في الإِجَابَةِ وَانِي |
أَهْلُ الشَّرِيعَةِ أَيْقَنُوا بِنُزُولِهِ | وَالْقَائِلُونَ بِخَلْقِهِ شَكْلاَنِ |
وَتَجَنَّبِ اللَّفْظَيْنِ إِنَّ كِلَيْهِمَا | وَمَقَالَ جَهْمٍ عِنْدَنَا سِيَّانِ |
يَا أَيُّهَا السُّنِّيُّ خُذْ بِوَصِيَّتِي | وَاخْصُصْ بِذَلِكَ جُمْلَةَ الإِخْوَانِ |
وَاقْبَلْ وَصِيَّةَ مُشْفِقٍ مُتَوَدِّدٍ | وَاسْمَعْ بِفَهْمٍ حَاضِرٍ يَقْظَانِ |
كُنْ في أُمُورِكَ كُلِّهَا مُتَوَسِّطًا | عَدْلاً بِلاَ نَقْصٍ وَلاَ رُجْحَانِ |
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ رَبٌّ وَاحِدٌ | مُتَنَزِّهٌ عَنْ ثَالِثٍ أَوْ ثَانِ |
الأَوَّلُ الْمُبْدِي بِغَيْرِ بِدَايَةٍ | وَالآخِرُ الْمُفْنِي وَلَيْسَ بِفَانِ |
وَكَلاَمُهُ صِفَةٌ لَهُ وَجَلاَلَةٌ | مِنْهُ بِلاَ أَمَدٍ وَلاَ حِدْثَانِ |
رُكْنُ الدِّيَانَةِ أَنْ تُصَدِّقَ بِالْقَضَا | لاَ خَيْرَ في بَيْتٍ بِلاَ أَرْكَانِ |
اللهُ قَدْ عَلِمَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَا | وَهُمَا وَمَنْزِلَتَاهُمَا ضِدَّانِ |
لاَ يَمْلِكُ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ لِنَفْسِهِ | رُشْدًا وَلاَ يَقْدِرْ عَلَى خِذْلاَنِ |
سُبْحَانَ مَنْ يُجْرِي الأُمُورَ بِحِكْمَةٍ | في الْخَلْقِ بِالأَرْزَاقِ وَالْحِرْمَانِ |
نَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ بِسَابِقِ عِلْمِهِ | في خَلْقِهِ عَدْلاً بِلاَ عُدْوَانِ |
وَالْكُلُّ في أُمِّ الْكِتَابِ مُسَطَّرٌ | مِنْ غَيْرِ إِغْفَالٍ وَلاَ نُقْصَانِ |
فَاقْصِدْ هُدِيتَ وَلاَ تَكُنْ مُتَغَالِيًا | إِنَّ الْقُدُورَ تَفُورُ بِالْغَلَيَانِ |
دِنْ بِالشَّرِيعَةِ وَالْكِتَابِ كِلَيْهِمَا | فَكِلاَهُمَا لِلدِّينِ وَاسِطَتَانِ |
وَكَذَا الشَّرِيعَةُ وَالْكِتَابُ كِلاَهُمَا | بِجَمِيعِ مَا تَأْتِيهِ مُحْتَفِظَانِ |
وَلِكُلِّ عَبْدٍ حَافِظَانِ لِكُلِّ مَا | يَقَعُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ مَخْلُوقَانِ |
أُمِرَا بِكَتْبِ كَلاَمِهِ وَفِعَالِهِ | وَهُمَا لأَمْرِ اللهِ مُؤْتَمِرَانِ |
وَاللهُ صِدْقٌ وَعْدُهُ وَوَعِيدُهُ | مِمَّا يُعَايِنُ شَخْصَهُ الْعَيْنَانِ |
وَاللهُ أَكْبَرُ أَنْ تُحَدَّ صِفَاتُهُ | أَوْ أَنْ يُقَاسَ بِجُمْلَةِ الأَعْيَانِ |
وَحَيَاتُنَا في الْقَبْرِ بَعْدَ مَمَاتِنَا | حَقٌّ وَيَسْأَلُنَا بِهِ الْمَلَكَانِ |
وَالْقَبْرُ صَحَّ نَعِيمُهُ وَعَذَابُهُ | وَكِلاَهُمَا لِلنَّاسِ مُدَّخَرَانِ |
وَالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعْدٌ صَادِقٌ | بِإِعَادَةِ الأَرْوَاحِ في الأَبْدَانِ |
وَصِرَاطُنَا حَقٌّ وَحَوْضُ نَبِيِّنَا | صِدْقٌ لَهُ عَدَدُ النُّجُومِ أَوَانِي |
يُسْقَى بِهَا السُّنِّيُّ أَعْذَبَ شَرْبَةٍ | وَيُذَادُ كُلُّ مُخَالِفٍ فَتَّانِ |
وَكَذَلِكَ الأَعْمَالُ يَوْمَئِذٍ تُرَى | مَوْضُوعَةً في كَِفَّةِ الْمِيزَانِ |
وَالْكُتْبُ يَوْمَئِذٍ تَطَايَرُ في الْوَرَى | بِشَمَائِلِ الأَيْدِي وَبِالأَيْمَانِ |
وَاللهُ يَوْمَئِذٍ يَجِيءُ لِعَرْضِنَا | مَعَ أَنَّهُ في كُلِّ وَقْتٍ دَانِ |
وَالأَشْعَرِيُّ يَقُولُ يَأْتِي أَمْرُهُ | وَيَعِيبُ وَصْفَ اللهِ بِالإِتْيَانِ |
وَاللهُ في الْقُرْآنِ أَخْبَرَ أَنَّهُ | يَأْتِي بِغَيْرِ تَنَقُّلٍ وَتَدَانِ |
وَعَلَيْهِ عَرْضُ الْخَلْقِ يَوْمَ مَعَادِهِمْ | لِلْحُكْمِ كَيْ يَتَنَاصَفَ الْخَصْمَانِ |
وَاللهُ يَوْمَئِذٍ نَرَاهُ كَمَا نَرَى | قَمَرًا بَدَا لِلسِّتِّ بَعْدَ ثَمَانِ |
يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ | لَفَرَرْتَ مِنْ أَهْلٍ وَمِنْ أَوْطَانِ |
يَوْمٌ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَوْلِهِ | وَتَشِيبُ فِيهِ مَفَارِقُ الْوِلْدَانِ |
يَوْمٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِيرٌ شَرُّهُ | في الْخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيمُ الشَّانِ |
وَالْجَنَّةُ الْعُلْيَا وَنَارُ جَهَنَّمٍ | دَارَانِ لِلْخَصْمَيْنِ دَائِمَتَانِ |
يَوْمٌ يَجِيءُ الْمُتَّقُونَ لِرَبِّهِمْ | وَفْدًا عَلَى نُجُبٍ مِنَ الْعِقْيَانِ |
وَيَجِيءُ فِيهِ الْمُجْرِمُونَ إِلَى لَظَى | يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُّظَ الْعَطْشَانِ |
وَدُخُولُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ جَهَنَّمٍ | بِكَبَائِرِ الآثَامِ وَالطُّغْيَانِ |
وَاللهُ يَرْحَمُهُمْ بِصِحَّةِ عَقْدِهِمْ | وَيُبَدَّلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ |
وَشَفِيعُهُمْ عِنْدَ الْخُرُوجِ مُحَمَّدٌ | وَطُهُورُهُمْ في شَاطِئِ الْحَيَوَانِ |
حَتَّى إِذَا طَهُرُوا هُنَالِكَ أُدْخِلُوا | جَنَّاتِ عَدْنٍ وَهْيَ خَيْرُ جِنَانِ |
فَاللهُ يَجْمَعُنَا وَإِيَّاهُمْ بِهَا | مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ وَغَيْرِ هَوَانِ |
وَإِذَا دُعِيتَ إِلَى أَدَاءِ فَرِيضَةٍ | فَانْشَطْ وَلاَ تَكُ في الإِجَابَةِ وَانِي |
قُمْ بِالصَّلاَةِ الْخَمْسِ وَاعْرِفْ قَدْرَهَا | فَلَهُنَّ عِنْدَ اللهِ أَعْظَمُ شَانِ |
لاَ تَمْنَعَنَّ زَكَاةَ مَالِكَ ظَالِمًا | فَصَلاَتُنَا وَزَكَاتُنَا أُخْتَانِ |
وَالوَِتْرُ بَعْدَ الْفَرْضِ آكَدُ سُنَّةٍ | وَالْجُمْعَةُ الزَّهْرَاءِ وَالْعِيدَانِ |
مَعَ كُلِّ بَرٍّ صَلِّهَا أَوْ فَاجِرٍ | مَا لَمْ يَكُنْ في دِينِهِ بِمُشَانِ |
وَصِيَامُنَا رَمَضَانَ فَرْضٌ وَاجِبٌ | وَقِيَامُنَا الْمَسْنُونُ في رَمَضَانِ |
صَلَّى النَّبِيُّ بِهِ ثَلاَثًا رَغْبَةً | وَرَوَى الْجَمَاعَةُ أَنَّهَا ثِنْتَانِ |
إِنَّ التَّرَاوِحَ رَاحَةٌ في لَيْلِهِ | وَنَشَاطُ كُلِّ عُوَيْجِزٍ كَسْلاَنِ |
وَاللهِ مَا جَعَلَ التَّرَاوِحَ مُنْكَرًا | إِلاَّ الْمَجُوسُ وَشِيعَةُ الصُّلْبَانِ |
وَالْحَجُّ مْفْتَرَضٌ عَلَيْكَ وَشَرْطُهُ | أَمْنُ الطَّرِيقِ وَصِحَّةُ الأَبْدَانِ |
كَبِّرْ هُدِيتَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا | وَاسْأَلْ لَهَا بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ |
إِنَّ الصَّلاَةَ عَلَى الْجَنَائِزِ عِنْدَنَا | فَرْضُ الْكِفَايَةِ لاَ عَلَى الأَعْيَانِ |
إِنَّ الأَهِلَّةَ لِلأَنَامِ مَوَاقِتٌ | وَبِهَا يَقُومُ حِسَابُ كُلِّ زَمَانِ |
لاَ تُفْطِرَنَّ وَلاَ تَصُمْ حَتَّى يَرَى | شَخْصَ الْهِلاَلِ مِنَ الْوَرَى إِثْنَانِ |
مُتَثَبِّتَانِ عَلَى الَّذِي يَرَيَانِهِ | حُرَّانِ في نَقْلَيْهِمَا ثِقَتَانِ |
لاَ تَقْصِدَنَّ لِيَوْمِ شَكٍّ عَامِدًا | فَتَصُومَهُ وَتَقُولَ مِنْ رَمَضَانِ |
لاَ تَعْتَقِدْ دِينَ الرَّوَافِضِ إِنَّهُمْ | أَهْلُ الْمُحَالِ وَحِزْبَةُ الشَّيْطَانِ |
جَعَلُوا الشُّهُورَ عَلَى قِيَاسِ حِسَابِهِمْ | وَلَرُبَّمَا كَمَلاَ لَنَا شَهْرَانِ |
وَلَرُبَّمَا نَقََصَ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ | وَافٍ وَأَوْفَى صَاحِبُ النُّقْصَانِ |
إِنَّ الرَّوَافِضَ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الْحَصَا | مِنْ كُلِّ إِنْسٍ نَاطِقٍ أَوْ جَانِ |
مَدَحُوا النَّبِيَّ وَخَوَّنُوا أَصْحَابَهُ | وَرَمَوْهُمُ بِالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ |
حَبُّوا قَرَابَتَهُ وَسَبُّوا صَحْبَهُ | جَدَلاَنِ عِنْدَ اللهِ مُنْتَقِضَانِ |
فَكَأَنَّمَا آلُ النَّبِيِّ وَصَحْبُهُ | رُوحٌ يَضُمُّ جَمِيعَهَا جَسَدَانِ |
فِئَتَانِ عَقْدُهُمَا شَرِيعَةُ أَحْمَدٍ | بِأَبِي وَأُمِّي ذَانِكَ الْفِئَتَانِ |
فِئَتَانِ سَالِكَتَانِ في سُبُلِ الْهُدَى | وَهُمَا بِدِينِ اللهِ قَائِمَتَانِ |
قُلْ إِنَّ خَيْرَ الأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٌ | وَأَجَلَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى الْكُثْبَانِ |
وَأَجَلَّ صَحْبِ الرُّسْلِ صَحْبُ مُحَمَّدٍ | وَكَذَاكَ أَفْضَلُ صَحْبِهِ الْعُمَرَانِ |
رَجُلاَنِ قَدْ خُلِقَا لِنَصْرِ مُحَمَّدٍ | بِدَمِي وَنَفْسِي ذَانِكَ الرَّجُلاَنِ |
فَهُمَا اللَّذَانِ تَظَاهَرَا لِنَبِيِّنَا | في نَصْرِهِ وَهُمَا لَهُ صِهْرَانِ |
بِنْتَاهُمَا أَسْنَى نِسَاءِ نَبِيِّنَا | وَهُمَا لَهُ بِالْوَحْيِ صَاحِبَتَانِ |
أَبَوَاهُمَا أَسْنَى صَحَابَةِ أَحْمَدٍ | يَا حَبَّذَا الأَبَوَانِ وَالْبِنْتَانِ |
وَهُمَا وَزِيرَاهُ اللَّذَانِ هُمَا هُمَا | لِفَضَائِلِ الأَعْمَالِ مُسْتَبِقَانِ |
وَهُمَا لأَحْمَدَ نَاظِرَاهُ وَسَمْعُهُ | وَبِقُرْبِهِ في الْقَبْرِ مُضْطَجِعَانِ |
كَانَا عَلَى الإِسْلاَمِ أَشْفَقَ أَهْلِهِ | وَهُمَا لِدِينِ مُحَمَّدٍ جَبَلاَنِ |
أَصْفَاهُمَا أَقْوَاهُمَا أَخْشَاهُمَا | أَتْقَاهُمَا في السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ |
أَسْنَاهُمَا أَزْكَاهُمَا أَعْلاَهُمَا | أَوْفَاهُمَا في الْوَزْنِ وَالرُّجْحَانِ |
صِدِّيقُ أَحْمَدَ صَاحِبُ الْغَارِ الَّذِي | هُوَ في الْمَغَارَةِ وَالنَّبِيُّ اثْنَانِ |
أَعْنِي أَبَا بَكْرِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِفْ | مِنْ شَرْعِنَا في فَضْلِهِ رَجُلاَنِ |
هُوَ شَيْخُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَخَيْرُهُمْ | وَإِمَامُهُمْ حَقًّا بِلاَ بُطْلاَنِ |
وَأَبُو الْمُطَهَّرِةِ الَّتِي تَنْزِيهُهَا | قَدْ جَاءَنَا في النُّورِ وَالْفُرْقَانِ |
أَكْرِمْ بِعَائِشَةَ الرِّضَا مِنْ حُرَّةٍ | بِكْرٍ مُطَهَّرَةِ الإِزَارِ حَصَانِ |
هِيَ زَوْجُ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ وَبِكْرُهُ | وَعَرُوسُهُ مِنْ جُمْلَةِ النِّسْوَانِ |
هِيَ عِرْسُهُ هِيَ أُنْسُهُ هِيَ إِلْفُهُ | هِيَ حِبُّهُ صِدْقًا بِلاَ إِدْهَانِ |
أَوَلَيْسَ وَالِدُهَا يُصَافِي بَعْلَهَا | وَهُمَا بِرُوحِ اللهِ مُؤْتَلِفَانِ |
لَمَّا قَضَى صِدِّيقُ أَحْمَدَ نَحْبَهُ | دَفَعَ الْخِلاَفَةَ لِلإِمَامِ الثَّانِي |
أَعْنِي بِهِ الْفَارُوقَ فَرَّقَ عَنْوَةً | بِالسَّيْفِ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِيمَانِ |
هُوَ أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ بَعْدَ خَفَائِهِ | وَمَحَا الظَّلاَمَ وَبَاحَ بِالْكِتْمَانِ |
وَمَضَى وَخَلَّى الأَمْرَ شُورَى بَيْنَهُمْ | في الأَمْرِ فَاجْتَمَعُوا عَلَى عُثْمَانِ |
مَنْ كَانَ يَسْهَرُ لَيْلَهُ في رَكْعَةٍ | وِتْرًا فَيُكْمِلُ خَتْمَةَ الْقُرْآنِ |
وَلِيَ الْخِلاَفَةَ صِهْرُ أَحْمَدَ بَعْدَهُ | أَعْنِي عَلِيَّ الْعَالِمَ الرَّبَّانِي |
زَوْجَ الْبَتُولِ أَخَا الرَّسُولِ وَرُكْنَهُ | لَيْثَ الْحُرُوْبِ مُنَازِلَ الأَقْرَانِ |
سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الْخِلاَفَةَ رُتْبَةً | وَبَنَى الإِمَامَةَ أَيَّمَا بُنْيَانِ |
وَاسْتَخْلَفَ الأَصْحَابَ كَيْ لاَ يَدَّعِي | مِنْ بَعْدِ أَحْمَدَ في النُّبُوَّةِ ثَانِي |
أَكْرِمْ بِفَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَبَعْلِهَا | وَبِمَنْ هُمَا لِمُحَمَّدٍ سِبْطَانِ |
غُصْنَانِ أَصْلُهُمَا بِرَوْضَةِ أَحْمَدٍ | للهِ دَرُّ الأَصْلِ وَالْغُصْنَانِ |
أَكْرِمْ بِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِهِمْ | وَسَعِيدِهِمْ وَبِعَابِدِ الرَّحْمَنِ |
وَأَبِي عُبَيْدَةَ ذِي الدِّيَانَةِ وَالتُّقَى | وَامْدَحْ جَمَاعَةَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ |
قُلْ خَيْرَ قَوْلٍ في صَحَابَةِ أَحْمَدٍ | وَامْدَحْ جَمِيعَ الآلِ وَالنِّسْوَانِ |
دَعْ مَا جَرَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ في الْوَغَى | بِسُيُوفِهِمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ |
فَقَتِيلُهُمْ مِنْهُمْ وَقَاتِلُهُمْ لَهُمْ | وَكِلاَهُمَا في الْحَشْرِ مَرْحُومَانِ |
وَاللهُ يَوْمَ الْحَشْرِ يَنْزَعُ كُلَّ مَا | تَحْوِي صُدُورُهُمُ مِنَ الأَضْغَانِ |
وَالْوَيْلُ لِلرَّكْبِ الَّذِيْنَ سَعَوا إِلَى | عُثْمَانَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الْعِصْيَانِ |
وَيْلٌ لِمَنْ قَتَلَ الْحُسَيْنَ فَإِنَّهُ | قَدْ بَاءَ مِنْ مَوْلاَهُ بِالْخُسْرَانِ |
لَسْنَا نُكَفِّرُ مُسْلِمًا بِكَبِيرَةٍ | فَاللهُ ذُو عَفْوٍ وَذُو غُفْرَانِ |
لاَ تَقْبَلَنَّ مِنَ التَّوَارِخَ كُلَّ مَا | جَمَعَ الرُّوَاةُ وَخَطَّ كُلُّ بَنَانِ |
اِرْوِ الْحَدِيثَ الْمُنْتَقَى عَنْ أَهْلِهِ | سِيمَا ذَوِي الأَحْلاَمِ وَالأَسْنَانِ |
كَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْعَلاَءِ وَمَالِكٍ | وَاللَّيْثِ وَالزُّهْرِيِّ أَوْ سُفْيَانِ |
وَاحْفَظْ رِوَايَةَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ | فَمَكَانُهُ فِيهَا أَجَلُّ مَكَانِ |
وَاحْفَظْ لأَهْلِ الْبَيْتِ وَاجِبَ حَقِّهِمْ | وَاعْرِفْ عَلِيًّا أَيَّمَا عِرْفَانِ |
لاَ تَنْتَقِصْهُ وَلاَ تَزِدْ في قَدْرِهِ | فَعَلَيْهِ تَصْلَى النَّارَ طَائِفَتَانِ |
إِحْدَاهُمَا لاَ تَرْتَضِيهِ خَلِيفَةً | وَتَنُصُّهُ الأُخْرَى إِلَهًا ثَانِي |
وَالْعَنْ زَنَادِقَةَ الرَّوَافِضِ إِنَّهُمْ | أَعْنَاقُهُمْ غُلَّتْ إِلَى الأَذْقَانِ |
جَحَدُوا الشَّرَائِعَ وَالنُّبُوَّةَ وَاقْتَدَوا | بِفَسَادِ مِلَّةِ صَاحِبِ الإِيوَانِ |
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الرَّوَافِضِ إِنَّهُمْ | شَتَمُوا الصَّحَابَةَ دُونَمَا بُرْهَانِ |
لُعِنُوا كَمَا بَغَضُوا صَحَابَةَ أَحْمَدٍ | وَوِدَادُهُمْ فَرْضٌ عَلَى الإِنْسَانِ |
حُبُّ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ سُنَّةٌ | أَلْقَى بِهَا رَبِي إِذَا أَحْيَانِي |
اِحْذَرْ عِقَابَ اللهِ وَارْجُ ثَوَابَهُ | حَتَّى تَكُونَ كَمَنْ لَهُ قَلْبَانِ |
إِيمَانُنَا بِاللهِ بَيْنَ ثَلاَثَةٍ | عَمَلٍ وَقَوْلٍ وَاعْتِقَادِ جَنَانِ |
وَيَزِيدُ بِالتَّقْوَى وَيَنْقُصُ بِالرَّدَى | وَكِلاَهُمَا في الْقَلْبِ يَعْتَلِجَانِ |
وَإِذَا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ في ظُلْمَةٍ | وَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ إِلَى الطُّغْيَانِ |
فَاسْتَحْيِ مِنْ نَظَرِ الإِلَهِ وَقُلْ لَهَا | إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلاَمَ يَرَانِي |
كُنْ طَالِبًا لِلْعِلْمِ وَاعْمَلْ صَالِحًا | فَهُمَا إِلَى سُبُلِ الْهُدَى سَبَبَانِ |
لاَ تَتَّبِعْ عِلْمَ النَّجُومِ فَإِنَّهُ | مُتَعَلِّقٌ بِزَخَارِفِ الْكُهَّانِ |
عِلْمُ النُّجُومِ وَعِلْمُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ | في قَلْبِ عَبْدٍ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ |
لَوْ كَانَ عِلْمٌ لِلْكَوَاكِبِ أَوْ قَضَا | لَمْ يَهْبِطِ الْمِرِّيخُ في السَّرَطَانِ |
وَالشَّمْسُ في الْحَمْلِ الْمُضِيءِ سَرِيعَةٌ | وَهُبُوطُهَا في كَوْكَبِ الْمِيزَانِ |
وَالشَّمْسُ مُحْرِقَةٌ لِسِتَّةِ أَنْجُمٍ | لَكِنَّهَا وَالْبَدْرُ يَنْخَسِفَانِ |
وَلَرُبَّمَا اسْوَدَّا وَغَابَ ضِيَاهُمَا | وَهُمَا لِخَوْفِ اللهِ يَرْتَعِدَانِ |
اُرْدُدْ عَلَى مَنْ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمَا | وَيَظُنُّ أَنَّ كِلَيْهِمَا رَبَّانِ |
يَا مَنْ يُحِبُّ الْمُشْتَرِي وَعُطَارِدًا | وَيَظُنُّ أَنَّهُمَا لَهُ سَعْدَانِ |
لِمَ يَهْبِطَانِ وَيَعْلُوَانِ تَشَرُّفًا | وَبِوَهْجِ حَرِّ الشَّمْسِ يَحْتَرِقَانِ |
أَتَخَافُ مِنْ زُحَلٍ وَتَرْجُو الْمُشْتَرِي | وَكِلاَهُمَا عَبْدَانِ مَمْلُوكَانِ |
وَاللهِ لَوْ مَلَكَا حَيَاةً أَوْ فَنَا | لَسَجَدتُّ نَحْوَهُمَا لِيَصْطَنِعَانِ |
وَلِيَفْسِحَا في مُدَّتِي وَيُوَسِّعَا | رِزْقِي وَبِالإِحْسَانِ يَكْتَنِفَانِي |
بَلْ كُلُّ ذَلِكَ في يَدِ اللهِ الَّذِي | ذَلَّتْ لِعِزَّةِ وَجْهِهِ الثَّقَلاَنِ |
فَقَدِ اسْتَوَى زُحَلٌ وَنَجْمُ الْمُشْتَرِي | وَالرَّأْسُ وَالذَّنَبُ الْعَظِيمُ الشَّانِ |
وَالزُّهْرَةُ الْغَرَّاءُ مَعْ مِرِّيخِهَا | وَعُطَارِدُ الْوَقَّادُ مَعْ كَيْوَانِ |
إِنْ قَابَلَتْ وَتَرَبَّعَتْ وَتَثَلَّثَتْ | وَتَسَدَّسَتْ وَتَلاَحَقَتْ بِقِرَانِ |
أَلَهَا دَلِيلُ سَعَادَةٍ أَوْ شِقْوَةٍ | لاَ وَالَّذِي بَرَأَ الْوَرَى وَبَرَانِي |
مَنْ قَالَ بِالتَّأْثِيرِ فَهْوُ مُعَطِّلٌ | لِلشَّرْعِ مُتَّبِعٌ لِقَوْلٍ ثَانِ |
إِنَّ النُّجُومَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ | فَاسْمَعْ مَقَالَ النَّاقِدِ الدَّهْقَانِ |
بَعْضُ النُّجُومِ خُلِقْنَ زِينَةَ لِلسَّمَا | كَالدُّرِّ فَوْقَ تَرَائِبِ النِّسْوَانِ |
وَكَوَاكِبٌ تَهْدِي الْمُسَافِرَ في السُّرَى | وَرُجُومُ كُلِّ مُثَابِرٍ شَيْطَانِ |
لاَ يَعْلَمُ الإِنْسَانُ مَا يُقْضَى غَدًا | إِذْ كُلَّ يَوْمٍ رَبُّنَا في شَانِ |
وَاللهُ يُمْطِرُنَا الْغُيُوثَ بِفَضْلِهِ | لاَ نَوْءَ عَوَّاءٍ وَلاَ دَبَرَانِ |
مَنْ قَالَ إِنَّ الْغَيْثَ جَاءَ بِهَنْعَةٍ | أَوْ صَرْفَةٍ أَوْ كَوْكَبِ الْمِيزَانِ |
فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا وَبُهْتَانًا وَلَمْ | يُنْزِلْ بِهِ الرَّحْمَنُ مِنْ سُلْطَانِ |
وَكَذَا الطَّبِيعَةُ لِلشَّرِيعَةِ ضِدُّهَا | وَلَقَلَّمَا يَتَجَمَّعُ الضِّدَّانِ |
وَإِذَا طَلَبْتَ طَبَائِعًا مُسْتَسْلِمًا | فَاطْلُبْ شُوَاظَ النَّارِ في الْغُدْرَانِ |
عِلْمُ الْفَلاَسِفَةِ الْغُوَاةِ طَبِيعَةٌ | وَمَعَادُ أَرْوَاحٍ بِلاَ أَبْدَانِ |
لَوْلاَ الطَّبِيعَةُ عِنْدَهُمْ وَفِعَالُهَا | لَمْ يَمْشِ فَوْقَ الأَرْضِ مِنْ حَيَوَانِ |
وَالْبَحْرُ عُنْصُرُ كُلِّ مَاءٍ عِنْدَهُمْ | وَالشَّمْسُ أَوَّلُ عُنْصُرِ النِّيرَانِ |
وَالْغَيْثُ أَبْخِرَةٌ تَصَاعَدَ كُلَّمَا | دَامَتْ بِهَطْلِ الْوَابِلِ الْهَتَّانِ |
وَالرَّعْدُ عِنْدَ الْفَيْلَسُوفِ بِزَعْمِهِ | صَوْتُ اصْطِكَاكِ السُّحْبِ في الأَعْنَانِ |
وَالْبَرْقُ عِنْدَهُمُ شُوَاظٌ خَارِجٌ | بَيْنَ السَّحَابِ يُضِيءُ في الأَحْيَانِ |
كَذَبَ أَرِسْطَالِيسُهُمْ في قَوْلِهِ | هَذَا وَأَسْرَفَ أَيَّمَا هَذَيَانِ |
الْغَيْثُ يُفْرَغُ في السَّحَابِ مِنَ السَّمَا | وَيَكِيلُهُ مِيكَالُ بِالْمِيزَانِ |
لاَ قَطْرَةٌ إِلاَّ وَيَنْزِلُ نَحْوَهَا | مَلَكٌ إِلَى الآكَامِ وَالْفَيَضَانِ |
وَالرَّعْدُ صَيْحَةُ مَالِكٍ وَهْوَ اسْمُهُ | يُزْجِي السَّحَابَ كَسَائِقِ الأَظْعَانِ |
وَالْبَرْقُ شَوْظُ النَّارِ يَزْجُرُهَا بِهِ | زَجْرَ الْحُدَاةِ الْعِيسِ بِالْقُضْبَانِ |
أَفَكَانَ يَعْلَمُ ذَا أَرِسْطَالِيسُهُمْ | تَدْبِيرَ مَا انْفَرَدَتْ بِهِ الْجِهَتَانِ |
أَمْ غَابَ تَحْتَ الأَرْضَ أَمْ صَعَدَ السَّمَا | فَرَأَى بِهَا الْمَلَكُوتَ رَأْيَ عِيَانِ |
أَمْ كَانَ دَبَّرَ لَيْلَهَا وَنَهَارَهَا | أَمْ كَانَ يَعْلَمُ كَيْفَ يَخْتَلِفَانِ |
أَمْ سَارَ بَطْلِيمُوسُ بَيْنَ نُجُومِهَا | حَتَّى رَأَى السَّيَّارَ وَالْمُتَوَانِي |
أَمْ كَانَ أَطْلَعَ شَمْسَهَا وَهِلاَلَهَا | أَمْ هَلْ تَبَصَّرَ كَيْفَ يَعْتَقِبَانِ |
أَمْ كَانَ أَرْسَلَ رِيحَهَا وَسَحَابَهَا | بِالْغَيْثِ يُهْمِلُ أَيَّمَا هَمَلاَنِ |
بَلْ كَانَ ذَلِكَ حِكْمَةَ اللهِ الَّذِي | بِقَضَائِهِ مُتَصَرَّفُ الأَزْمَانِ |
لاَ تَسْتَمِعْ قَوْلَ الضَّوَارِبِ بِالْحَصَا | وَالزَّاجِرِينَ الطَّيْرَ بِالطَّيَرَانِ |
فَالْفِرْقَتَانِ كَذُوبَتَانِ عَلَى الْقَضَا | وَبِعِلْمِ غَيْبِ اللهِ جَاهِلَتَانِ |
كَذَبَ الْمُهَنْدِسُ وَالْمُنَجِّمُ مِثْلُهُ | فَهُمَا لِعِلْمِ اللهِ مُدَّعِيَانِ |
الأَرْضُ عِنْدَ كِلَيْهِمَا كُرَوِيَّةٌ | وَهُمَا بِهَذَا الْقَوْلِ مُقْتَرِنَانِ |
وَالأَرْضُ عِنْدَ أُولِي النُّهَى لَسَطِيحَةٌ | بِدَلِيلِ صِدْقٍ وَاضِحِ الْقُرْآنِ |
وَاللهُ صَيَّرَهَا فِرَاشًا لِلْوَرَى | وَبَنَى السَّمَاءَ بِأَحْسَنِ الْبُنْيَانِ |
وَاللهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مَسْطُوحَةٌ | وَأَبَانَ ذَلِكَ أَيَّمَا تِبْيَانِ |
أَأَحَاطَ بَالأَرْضِ الْمُحِيطَةِ عِلْمُهُمْ | أَمْ بِالْجِبَالِ الشُّمَّخِ الأَكْنَانِ |
أَمْ يُخْبِرُونَ بِطُولِهَا وَبِعَرْضِهَا | أَمْ هَلْ هُمَا في الْقَدْرِ مُسْتَوِيَانِ |
أَمْ فَجَّرُوا أَنْهَارَهَا وَعُيُونَهَا | مَاءً بِهِ يُرْوَى صَدَى الْعَطْشَانِ |
أَمْ أَخْرَجُوا أَثْمَارَهَا وَنَبَاتَهَا | وَالنَّخْلَ ذَاتَ الطَّلْعِ وَالْقِنْوَانِ |
أَمْ هَلْ لَهُمْ عِلْمٌ بِعَدِّ ثِمَارِهَا | أَمْ بِاخْتِلاَفِ الطَّعْمِ وَالأَلْوَانِ |
اللهُ أَحْكَمَ خَلْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ | صُنْعًا وَأَتْقَنَ أَيَّمَا إِتْقَانِ |
قُلْ لِلطَّبِيبِ الْفَيْلَسُوفِ بِزَعْمِهِ | إِنَّ الطَّبِيعَةَ عِلْمُهَا بُرْهَانِ |
أَيْنَ الطَّبِيعَةُ عِنْدَ كُوْنِكَ نُطْفَةً | في الْبَطْنِ إِذْ مُشِجَتْ بِهِ الْمَاآنِ |
أَيْنَ الطَّبِيعَةُ حِينَ عُدتَّ عُلَيْقَةً | في أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِينَ تَوَانِي |
أَيْنَ الطَّبِيعَةُ عِنْدَ كَوْنِكَ مُضْغَةً | في أَرْبَعِينَ وَقَدْ مَضَى الْعَدَدَانِ |
أَتُرَى الطَّبِيْعَةَ صَوَّرَتْكَ مُصَوَّرًا | بِمَسَامِعٍ وَنَوَاظِرٍ وَبَنَانِ |
أَتُرَى الطَّبِيعَةَ أَخْرَجَتْكَ مُنَكَّسًا | مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ وَاهِيَ الأَرْكَانِ |
أَمْ فَجَّرَتْ لَكَ بِاللِّبَانِي ثَدْيَهَا | فَرَضَعْتَهَا حَتَّى مَضَى الْحَوْلاَنِ |
أَمْ صَيَّرَتْ في وَالِدَيْكَ مَحَبَّةً | فَهُمَا بِمَا يُرْضِيكَ مُغْتَبِطَانِ |
يَا فَيْلَسُوفُ لَقَدْ شُغِلْتَ عَنِ الْهُدَى | بِالْمَنْطِقِ الرُّومِيِّ وَالْيُونَانِي |
وَشَرِيعَةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ شِرْعَةٍ | دِينُ النَّبِيِّ الصَّادِقِ الْعَدْنَانِ |
هُوَ دِينُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَشَرْعُهُ | وَهُوَ الْقَدِيمُ وَسَيِّدُ الأَدْيَانِ |
هُوَ دِينُ آدَمَ وَالْمَلاَئِكِ قَبْلَهُ | هُوَ دِينُ نُوحٍ صَاحِبِ الطُّوْفَانِ |
وَلَهُ دَعَا هُودُ النَّبِيُّ وَصَالِحٌ | وَهُمَا لِدِينِ اللهِ مُعْتَقِدَانِ |
وَبِهِ أَتَى لُوطٌ وَصَاحِبُ مَدْيَنٍ | فَكِلاَهُمَا في الدِّينِ مُجْتَهِدَانِ |
هُوَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنَيْهِ مَعًا | وَبِهِ نَجَا مِنْ نَفْحَةِ النِّيرَانِ |
وَبِهِ حَمَى اللهُ الذَّبِيحَ مِنَ الْبَلاَ | لَمَّا فَدَاهُ بِأَعْظَمِ الْقُرْبَانِ |
هُوَ دِينُ يَعْقُوبَ النَّبِيِّ وَيُونُسٍ | وَكِلاَهُمَا في اللهِ مُبْتَلَيَانِ |
هُوَ دِينُ دَاوُودَ الْخَلِيفَةِ وَابْنِهِ | وَبِهِ أَذَلَّ لَهُ مُلُوكَ الْجَانِ |
هُوَ دِينُ يَحْيَى مَعْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ | نِعْمَ الصَّبِيُّ وَحَبَّذَا الشَّيْخَانِ |
وَلَهُ دَعَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمٍ قَوْمَهُ | لَمْ يَدْعُهُمْ لِعِبَادَةِ الصُّلْبَانِ |
وَاللهُ أَنْطَقَهُ صَبِيًّا بِالْهُدَى | في الْمَهْدِ ثُمَّ سَمَا عَلَى الصِّبْيَانِ |
وَكَمَالُ دِينِ اللهِ شَرْعُ مُحَمَّدٍ | صَلَّى عَلَيْهِ مُنَزِّلُ الْقُرْآنِ |
الطَّيِّبُ الزَّاكِي الَّذِي لَمْ يَجْتَمِعْ | يَوْمًا عَلَى زَلَلٍ لَهُ أَبَوَانِ |
الطَّاهِرُ النِّسْوَانِ وَالْوُلْدِ الَّذِي | مِنْ ظَهْرِهِ الزَّهْرَاءُ وَالْحَسَنَانِ |
وَأُولُو النُّبُوَّةِ وَالْهُدَى مَا مِنْهُمُ | أَحَدٌ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِي |
بَلْ مُسْلِمُونَ وَمُؤْمِنُونَ بِرَبِّهْمِ | حُنَفَاءُ في الإِسْرَارِ وَالإِعْلاَنِ |
وَلِمِلَّةِ الإِسْلاَمِ خَمْسُ عَقَائِدٍ | وَاللهُ أَنْطَقَنِي بِهَا وَهَدَانِي |
لاَ تَعْصِ رَبَّكَ قَائِلاً أَوْ فَاعِلاً | فَكِلاَهُمَا في الصُّحْفِ مَكْتُوبَانِ |
جَمِّلْ زَمَانَكَ بِالسُّكُوتِ فَإِنَّهُ | زَيْنُ الْحَلِيمِ وَسُتْرَةُ الْحَيْرَانِ |
كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ إِنْ سَمِعْتَ بِفِتْنَةٍ | وَتَوَقَّ كُلَّ مُنَافِقٍ فَتَّانِ |
أَدِّ الْفَرَائِضَ لاَ تَكُنْ مُتَوَانِيًا | فَتَكُونَ عِنْدَ اللهِ شَرَّ مُهَانِ |
أَدِمِ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ | مُرْضِي الإِلَهِ مُطَهِّرُ الأَسْنَانِ |
سَمِّ الإِلَهَ لَدَى الْوُضُوءِ بِنِيَّةٍ | ثُمَّ اسْتَعِذْ مِنْ فِتْنَةِ الْوَلْهَانِ |
فَأَسَاسُ أَعْمَالِ الْوَرَى نِيَّاتُهُمْ | وَعَلَى الأَسَاسِ قَوَاعِدُ الْبُنْيَانِ |
أَسْبِغْ وُضُوءَكَ لاَ تُفَرِّقْ شَمْلَهُ | فَالْفَوْرُ وَالإِسْبَاغُ مُفْتَرَضَانِ |
فَإِذَا انْتَشَقْتَ فَلاَ تُبَالِغْ جَيِّدًا | لَكِنَّهُ شَمٌّ بِلاَ إِمْعَانِ |
وَعَلَيْكَ فَرْضًا غَسْلُ وَجْهِكَ كُلِّهِ | وَالْمَاءُ مُتَّبِعٌ بِهِ الْجَفْنَانِ |
وَاغْسِلْ يَدَيْكَ إِلَى الْمَرَافِقِ مُسْبِغًا | فَكِلاَهُمَا في الْغَسْلِ مَدْخُولاَنِ |
وَامْسَحْ بِرَأْسِكَ كُلِّهِ مُسْتَوْفِيًا | وَالْمَاءُ مَمْسُوحٌ بِهِ الأُذُنَانِ |
وَكَذَا التَّمَضْمُضُ في وُضُوئِكَ سُنَّةٌ | بِالْمَاءِ ثُمَّ تَمُجُّهُ الشَّفَتَانِ |
وَالْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ غَسْلُ كِلَيْهِمَا | فَرْضٌ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا الْعَظْمَانِ |
غَسْلُ الْيَدَيْنِ لَدَى الْوُضُوءِ نَظَافَةٌ | أَمَرَ النَّبِيُّ بِهَا عَلَى اسْتِحْسَانِ |
سِيمَا إِذَا مَا قُمْتَ في غَسَقِ الدُّجَى | وَاسْتَيْقَظَتْ مِنْ نَوْمِكَ الْعَيْنَانِ |
وَكَذَلِكَ الرِّجْلاَنِ غَسْلُهُمَا مَعًا | فَرْضٌ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا الْكَعْبَانِ |
لاَ تَسْتَمِعْ قَوْلَ الرَّوَافِضِ إِنَّهُمْ | مِنْ رَأْيِهِمْ أَنْ تُمْسَحَ الرِّجْلاَنِ |
يَتَأَوَّلُونَ قِرَاءَةً مَنْسُوخَةً | بِقِرَاءَةٍ وَهُمَا مُنَزَّلَتَانِ |
إِحْدَاهُمَا نَزَلَتْ لِتَنْسَخَ أُخْتَهَا | لَكِنْ هُمَا في الصُّحْفِ مُثْبَتَتَانِ |
غَسَلَ النَّبِيُّ وَصَحْبُهُ أَقْدَامَهُمْ | لَمْ يَخْتَلِفْ في غَسْلِهِمْ رَجُلاَنِ |
وَالسُّنَّةُ الْبَيْضَاءُ عِنْدَ أُوْلِي النُّهَى | في الْحُكْمِ قَاضِيَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ |
فَإِذَا اسْتَوَتْ رِجْلاَكَ في خُفَّيْهِمَا | وَهُمَا مِنَ الأَحْدَاثِ طَاهِرَتَانِ |
وَأَرَدتَّ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ مُحْدِثًا | فَتَمَامُهَا أَنْ يُمْسَحَ الْخُفَّانِ |
وَإِذَا أَرَدتَّ طَهَارَةً لِجَنَابَةٍ | فَلْتُخْلَعَا وَلْتُغْسَلِ الْقَدَمَانِ |
غُسْلُ الْجَنَابَةِ في الرِّقَابِ أَمَانَةٌ | فَأَدَاؤُهَا مِنْ أَكْمَلِ الإِيمَانِ |
فَإِذَا ابْتُلِيتَ فَبَادِرَنَّ بِغُسْلِهَا | لاَ خَيْرَ في مُتَثَبِّطٍ كَسْلاَنِ |
وَإِذَا اغْتَسَلْتَ فَكُنْ لِجِسْمِكَ دَالِكًا | حَتَّى يَعُمَّ جَمِيعَهُ الْكَفَّانِ |
وَإِذَا عَدِمْتَ الْمَاءَ كُنْ مُتَيَمِّمًا | مِنْ طِيبِ تُرْبِ الأَرْضِ وَالْجُدْرَانِ |
مُتَيَمِّمًا صَلَّيْتَ أَوْ مُتَوَضِّئًا | فَكِلاَهُمَا في الشَّرْعِ مُجْزِيَتَانِ |
وَالْغُسْلُ فَرْضٌ وَالتَّدَلُّكُ سُنَّةٌ | وَهُمَا بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فَرْضَانِ |
وَالْمَاءُ مَا لَمْ تَسْتَحِلْ أَوْصَافُهُ | بِنَجَاسَةٍ أَوْ سَائِرِ الأَدْهَانِ |
فَإِذَا صَفَى في لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ | مَعَ رِيحِهِ مِنْ جُمْلَةِ الأَضْغَانِ |
فَهُنَاكَ سُمِّيَ طَاهِرًا وَمُطَهِّرًا | هَذَانِ أَبْلَغُ وَصْفِهِ هَذَانِ |
فَإِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ | مِنْ حَمْأَةِ الآبَارِ وَالْغُدْرَانِ |
جَازَ الْوُضُوءُ لَنَا بِهِ وَطُهُورُنَا | فَاسْمَعْ بِقَلْبٍ حَاضِرٍ يَقْظَانِ |
وَمَتَى تَمُتْ في الْمَاءِ نَفْسٌ لَمْ يَجُزْ | مِنْهُ الطُّهُورُ لِعِلَّةِ السَّيَلاَنِ |
إِلاَّ إِذَا كَانَ الْغَدِيرُ مُرَجْرِجًا | غَدَقًا بِلاَ كَيْلٍ وَلاَ مِيزَانِ |
أَوْ كَانَتِ الْمَيْتَاتُ مِمَّا لَمْ تَسِلْ | وَالْمَا قَلِيلٌ طَابَ لِلْغُسْلاَنِ |
وَالْبَحْرُ أَجْمَعُهُ طَهُورٌ مَاؤُهُ | وَتَحِلُّ مَيْتَتُهُ مِنَ الْحِيتَانِ |
إِيَّاكَ نَفْسَكَ وَالْعَدُوَّ وَكَيْدَهُ | فَكِلاَهُمَا لأَذَاكَ مُبْتَدِيَانِ |
وَاحْذَرْ وُضُوءَكَ مُفْرِطًا وَمُفَرِّطًا | فَكِلاَهُمَا في الْعِلْمِ مَحْذُورَانِ |
فَقَلِيلُ مَائِكَ في وُضُوءِكَ خَدْعَةٌ | لِتَعُودَ صِحَّتُهُ إِلَى الْبُطْلاَنِ |
وَتَعُودَ مَغْسُولاَتُهُ مُمْسُوحَةً | فَاحْذَرْ غُرُورَ الْمَارِدِ الْخَوَّانِ |
وَكَثِيرُ مَائِكَ في وُضُوئِكَ بِدْعَةٌ | يَدْعُو إِلَى الْوَسْوَاسِ وَالْهَمَلاَنِ |
لاَ تُكْثِرَنَّ وَلاَ تُقَلِّلْ وَاقْتَصِدْ | فَالْقَصْدُ وَالتَّوْفِيقُ مُصْطَحِبَانِ |
وَإِذَا اسْتَطَبْتَ فَفِي الْحَدِيثِ ثَلاَثَةٌ | لَمْ يُجْزِنَا حَجَرٌ وَلاَ حَجَرَانِ |
مِنْ أَجْلِ أَنَّ لِكُلِّ مَخْرَجِ غَائِطٍ | شَرَجًا تَضُمُّ عَلَيْهِ نَاحِيَتَانِ |
وَإِذَا الأَذَى قَدْ جَازَ مَوْضِعَ عَادَةٍ | لَمْ يُجْزِ إِلاَّ الْمَاءُ بِالإِمْعَانِ |
نَقْضُ الْوُضُوءِ بِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسَةٍ | أَوْ طُولِ نَوْمٍ أَوْ بِمَسِّ خِتَانِ |
أَوْ بَوْلَةٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ نَوْمَةٍ | أَوْ نَفْخَةٍ في السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ |
وَمِنَ الْمَذِيِّ أَوِ الْوَدِيِّ كِلَيْهِمَا | مِنْ حَيْثُ يَبْدُو الْبَوْلُ يَنْحَدِرَانِ |
وَلَرُبَّمَا نَفَخَ الْخَبِيثُ بِمَكْرِهِ | حَتَّى يَضُمَّ لِنَفْخِهِ الْفَخِذَانِ |
وَبَيَانُ ذَلِكَ صَوْتُهُ أَوْ رِيحُهُ | هَاتَانِ بَيِّنَتَانِ صَادِقَتَانِ |
وَالْغُسْلُ فَرْضٌ مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ | دَفْقِ الْمَنِيِّ وَحَيْضَةِ النِّسْوَانِ |
إِنْزَالِهِ في نَوْمَةٍ أَوْ يَقْظَةٍ | حَالاَنِ لِلتَّطْهِيرِ مُوجِبَتَانِ |
وَتَطَهُّرُ الزَّوْجَيْنِ فَرْضٌ وَاجِبٌ | عِنْدَ الْجِمَاعِ إِذَا الْتَقَى الْفَرْجَانِ |
فَكِلاَهُمَا إِنْ أَنْزَلاَ أَوْ أَكْسَلاَ | فَهُمَا بِحُكْمِ الشَّرْعِ يَغْتَسِلاَنِ |
وَاغْسِلْ إِذَا أَمْذَيْتَ فَرْجَكَ كُلَّهُ | وَالأُنْثَيَانِ فَلَيْسَ يُفْتَرَضَانِ |
وَالْحَيْضُ وَالنُّفَسَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ | عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِّ يَغْتَسِلاَنِ |
وَإِذَا أَعَادَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ الدِّمَا | تِلْكَ اسْتِحَاضَةُ بَعْدَ ذِي الشَّهْرَانِ |
فَلْتَغْتَسِلْ لِصَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا | وَالْمُسْتَحَاضَةُ دَهْرُهَا نِصْفَانِ |
فَالنِّصْفُ تَتْرُكُ صَوْمَهَا وَصَلاَتَهَا | وَدَمُ الْمَحِيضِ وَغَيْرُهُ لَوْنَانِ |
وَإِذَا صَفَا مِنْهَا وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ | فَصَلاَتُهَا وَالصَّوْمُ مُفْتَرَضَانِ |
تَقْضِي الصِّيَامَ وَلاَ تُعِيدُ صَلاَتَهَا | إِنَّ الصَّلاَةَ تَعُودُ كُلَّ زَمَانِ |
فَالشَّرْعُ وَالْقُرْآنُ قَدْ حَكَمَا بِهِ | بَيْنَ النِّسَاءِ فَلَيْسَ يُطَّرَحَانِ |
وَمَتَى تَرَى النُّفَسَاءُ طُهْرًا تَغْتَسِلْ | أَوْ لاَ فَغَايَةُ طُهْرِهَا شَهْرَانِ |
مَسُّ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ مُحَرَّمٌ | حَرْثُ السِّبَاخِ خَسَارَةُ الْحِرْثَانِ |
لاَ تَلْقَ رَبَّكَ سَارِقًا أَوْ خَائِنًا | أَوْ شَارِبًا أَوْ ظَالِمًا أَوْ زَانِي |
قُلْ إِنَّ رَجْمَ الزَّانِيَيْنِ كِلَيْهِمَا | فَرْضٌ إِذَا زَنَيَا عَلَى الإِحْصَانِ |
وَالرَّجْمُ في الْقُرْآنِ فَرْضٌ لاَزِمٌ | لِلْمُحْصَنَيْنِ وَيُجْلَدُ الْبِكْرَانِ |
وَالْخَمْرُ يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا | سِيَّانِ ذَلِكَ عِنْدَنَا سِيَّانِ |
في الشَّرْعِ وَالْقُرْآنِ حُرِّمَ شُرْبُهَا | وَكِلاَهُمَا لاَ شَكَّ مُتَّبَعَانِ |
أَيْقِنْ بِأَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ كُلِّهَا | وَاسْمَعْ هُدِيتَ نَصِيحَتِي وَبَيَانِي |
كَالشَّمْسِ تَطْلُعُ مِنْ مَكَانِ غُرُوبِهَا | وَخُرُوجِ دَجَّالٍ وَهَوْلِ دُخَانِ |
وَخُرُوجِ يِأْجُوجٍ وَمَأْجُوجٍ مَعًا | مِنْ كُلِّ صَقْعٍ شَاسِعٍ وَمَكَانِ |
وَنُزُولِ عِيسَى قَاتِلاً دَجَّالَهُمْ | يَقْضِي بِحُكْمِ الْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ |
وَاذْكُرْ خُرُوجَ فَصِيلِ نَاقَةِ صَالِحٍ | يَسِمُ الْوَرَى بِالْكُفْرِ وَالإِيمَانِ |
وَالْوَحْيُ يُرْفَعُ وَالصَّلاَةُ مِنَ الْوَرَى | وَهُمَا لِعِقْدِ الدِّيْنِ وَاسِطَتَانِ |
صَلِّ الصَّلاَةَ الْخَمْسَ أَوَّلَ وَقْتِهَا | إِذْ كُلُّ وَاحِدَةٍ لَهَا وَقْتَانِ |
قَصْرُ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ وَاجِبٌ | وَأَقَلُّ حَدِّ الْقَصْرِ مَرْحَلَتَانِ |
كِلْتَاهُمَا في أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ | خَمْسُونَ مِيلاً نَقْصُهَا مِيلاَنِ |
وَإِذَا الْمُسَافِرُ غَابَ عَنْ أَبْيَاتِهِ | فَالْقَصْرُ وَالإِفْطَارُ مَفْعُولاَنِ |
وَصَلاَةُ مَغْرِبِ شَمْسِنَا وَصَبَاحِنَا | في الْحَضْرِ وَالأَسْفَارِ كَامِلَتَانِ |
وَالشَّمْسُ حِينَ تَزُولُ مِنْ كَبِدِ السَّمَا | فَالظُّهْرُ ثُمَّ الْعَصْرُ وَاجِبَتَانِ |
وَالظُّهْرُ آخِرُ وَقْتِهَا مُتَعَلِّقٌ | بِالْعَصْرِ وَالْوَقْتَانِ مُشْتَبِكَانِ |
لاَ تَلْتَفِتْ مَا دُمْتَ فِيهَا قَائِمًا | وَاخْشَعْ بِقَلْبٍ خَائِفٍ رَهْبَانِ |
وَكَذَا الصَّلاَةُ غُرُوبَ شَمْسِ نَهَارِنَا | وَعِشَاؤُنَا وَقْتَانِ مُتَّصِلاَنِ |
وَالصُّبْحُ مُنْفَرِدٌ بِوَقْتٍ مُفْرَدٍ | لَكِنْ لَهَا وَقْتَانِ مَفْرُودَانِ |
فَجْرٌ وَإِسْفَارٌ وَبَيْنَ كِلَيْهِمَا | وَقْتٌ لِكُلِّ مُطَوِّلٍ مُتَوَانِ |
وَارْقُبْ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَاسْتَيْقِنْ بِهِ | فَالْفَجْرُ عِنْدَ شُيُوخِنَا فَجْرَانِ |
فَجْرٌ كَذُوبٌ ثُمَّ فَجْرٌ صَادِقٌ | وَلَرُبَّمَا في الْعَيْنِ يَشْتَبِهَانِ |
وَالظِّلُّ في الأَزْمَانِ مُخْتَلِفٌ كَمَا | زَمَنُ الشِّتَا وَالصَّيْفِ مُخْتَلِفَانِ |
فَاقْرَأْ إِذَا قَرَأَ الإِمَامُ مُخَافِتًا | وَاسْكُتْ إِذَا مَا كَانَ ذَا إِعْلاَنِ |
وَلِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ فَصَلِّهَا | قَبْلَ السَّلاَمِ وَبَعْدَهُ قَوْلاَنِ |
سُنَنُ الصَّلاَةِ مُبَيَّنَهْ وَفُرُوضُهَا | فَاسْأَلْ شُيُوخَ الْفِقْهِ وَالإِحْسَانِ |
فَرْضُ الصَّلاَةِ رُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا | مَا إِنْ تَخَالَفَ فِيهِمَا رَجُلاَنِ |
تَحْرِيمُهَا تَكْبِيرُهَا وَحَلاَلُهَا | تَسْلِيمُهَا وَكِلاَهُمَا فَرْضَانِ |
وَالْحَمْدُ فَرْضٌ في الصَّلاَةِ قِرَاتُهَا | آيَاتُهَا سَبْعٌ وَهُنَّ مَثَانِي |
في كُلِّ رَكْعَاتِ الصَّلاَةِ مُعَادَةٌ | فِيهَا بِبَسْمَلَةٍ فَخُذْ تِبْيَانِي |
وَإِذَا نَسِيتَ قِرَاتَهَا في رَكْعَةٍ | فَاسْتَوْفِ رَكْعَتَهَا بِغَيْرِ تَوَانِ |
اِتْبَعْ إِمَامَكَ خَافِضًا أَوْ رَافِعًا | فَكِلاَهُمَا فِعْلاَنِ مَحْمُودَانِ |
لاَ تَرْفَعَنْ قَبْلَ الإِمَامِ وَلاَ تَضَعْ | فَكِلاَهُمَا أَمْرَانِ مَذْمُومَانِ |
إِنَّ الشَّرِيعَةَ سُنَّةٌ وَفَرِيضَةٌ | وَهُمَا لِدِينِ مُحَمَّدٍ عِقْدَانِ |
لَكِنْ أَذَانُ الصُّبْحِ عِنْدَ شُيُوخِنَا | مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرَانِ |
هِيَ رُخْصَةٌ في الصُّبْحِ لاَ في غَيْرِهِ | مِنْ أَجْلِ يَقْظَةِ غَافِلٍ وَسْنَانِ |
أَحْسِنْ صَلاَتَكَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا | بِتَطَمُّنٍ وَتَرَفُّقٍ وَتَدَانِ |
لاَ تَدْخُلَنَّ إِلَى صَلاَتِكَ حَاقِنًا | فَالإِحْتِقَانُ يُخِلُّ بِالأَرْكَانِ |
بَيِّتْ مِنَ اللَّيْلِ الصِّيَامَ بِنِيَّةٍ | مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَيَّزَ الْخَيْطَانِ |
يُجْزِيكَ في رَمَضَانَ نِيَّةُ لَيْلَةٍ | إِذْ لَيْسَ مُخْتَلِطًا بِعَقْدٍ ثَانِ |
رَمَضَانُ شَهْرٌ كَامِلٌ في عَقْدِنَا | مَا حَلَّهُ يَوْمٌ وَلاَ يَوْمَانِ |
إِلاَّ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ فَقَدْ أَتَى | تَأْخِيرُ صَوْمِهِمَا لِوَقْتٍ ثَانِ |
وَكَذَاكَ حَمْلٌ وَالرَّضَاعُ كِلاَهُمَا | في فِطْرِهِ لِنِسَائِنَا عُذْرَانِ |
عَجِّلْ بِفِطْرِكَ وَالسُّحُورُ مُؤَخَّرٌ | فَكِلاَهُمَا أَمْرَانِ مَرْغُوبَانِ |
حَصِّنْ صِيَامَكَ بِالسُّكُوتِ عَنِ الْخَنَا | أَطْبِقْ عَلَى عَيْنَيْكَ بِالأَجْفَانِ |
لاَ تَمْشِ ذَا وَجْهَيْنِ مِنْ بَيْنِ الْوَرَى | شَرُّ الْبَرِيَّةِ مَنْ لَهُ وَجْهَانِ |
لاَ تَحْسُدَنْ أَحَدًا عَلَى نَعْمَائِهِ | إِنَّ الْحَسُودَ لِحُكْمِ رَبِّكَ شَانِي |
لاَ تَسْعَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ نَمِيمَةً | فَلأَجْلِهَا يَتَبَاغَضُ الْخِلاَّنِ |
وَالْعَيْنُ حَقٌّ غَيْرُ سَابِقَةٍ لِمَا | يُقْضَى مِنَ الأَرْزَاقِ وَالْحِرْمَانِ |
وَالسِّحْرُ كُفْرٌ فِعْلُهُ لاَ عِلْمُهُ | مِنْ هَهُنَا يَتَفَرَّقُ الْحُكْمَانِ |
وَالْقَتْلُ حَدُّ السَّاحِرِينَ إِذَا هُمُ | عَمِلُوا بِهِ لِلْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ |
وَتَحَرَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّهُ | فَرْضٌ عَلَيْكَ وَطَاعَةَ السُّلْطَانِ |
لاَ تَخْرُجَنَّ عَلَى الإِمَامِ مُحَارِبًا | وَلَوَ انَّهُ رَجُلٌ مِنَ الْحُبْشَانِ |
وَمَتَى أُمِرْتَ بِبِدْعَةٍ أَوْ زَلَّةٍ | فَاهْرُبْ بِدِينِكَ آخِرَ الْبُلْدَانِ |
الدِّينُ رَأْسُ الْمَالِ فَاسْتَمْسِكْ بِهِ | فَضَيَاعُهُ مِنْ أَعْظَمِ الْخُسْرَانِ |
لاَ تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَدَيْكَ بِرِيبَةٍ | لَوْ كُنْتَ في النُّسَّاكِ مِثْلَ بَنَانِ |
إِنَّ الرِّجَالَ النَّاظِرِينَ إِلَى النِّسَا | مِثْلُ الْكِلاَبِ تَطُوفُ بِاللُّحْمَانِ |
إِنْ لَمْ تَصُنْ تِلْكَ اللُّحُومَ أُسُودُهَا | أُكِلَتْ بِلاَ عِوَضٍ وَلاَ أَثْمَانِ |
لاَ تَقْبَلَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَوَدَّةً | فَقُلُوبُهُنَّ سَرِيعَةُ الْمَيَلاَنِ |
لاَ تَتْرُكَنْ أَحَدًا بِأَهْلِكَ خَالِيًا | فَعَلَى النِّسَاءِ تَقَاتَلَ الأَخَوَانِ |
وَاغْضُضْ جُفُونَكَ عَنْ مُلاَحَظَةِ النِّسَا | وَمَحَاسِنِ الأَحْدَاثِ وَالصِّبْيَانِ |
لاَ تَجْعَلَنَّ طَلاَقَ أَهْلِكَ عُرْضَةً | إِنَّ الطَّلاَقَ لأَخْبَثُ الأَيْمَانِ |
إِنَّ الطَّلاَقَ مَعَ الْعِتَاقِ كِلاَهُمَا | قَسَمَانِ عِنْدَ اللهِ مَمْقُوتَانِ |
وَاحْفِرْ لِسِرِّكَ في فُُؤَادِكَ مَلْحَدًا | وَادْفِنْهُ في الأَحْشَاءِ أَيَّ دِفَانِ |
إِنَّ الصَّدِيقَ مَعَ الْعَدُوِّ كِلاَهُمَا | في السِّرِّ عِنْدَ أُولِي النُّهَى شَكْلاَنِ |
لاَ يَبْدُ مِنْكَ إِلَى صَدِيقِكَ زَلَّةٌ | وَاجْعَلْ فَُؤَادَكَ أَوْثَقَ الْخِلاَّنِ |
لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ صِغَارَهَا | فَالْقَطْرُ مِنْهُ تَدَفُّقُ الْخِلْجَانِ |
وَإِذَا نَذَرْتَ فَكُنْ بِنَذْرِكَ مُوفِيًا | فَالنَّذْرُ مِثْلُ الْعَهْدِ مَسْئُولاَنِ |
لاَ تُشْغَلَنَّ بِعَيْبِ غَيْرِكَ غَافِلاً | عَنْ عَيْبِ نَفْسِكَ إِنَّهُ عَيْبَانِ |
لاَ تُفْنِ عُمْرَكَ في الْجِدَالِ مُخَاصِمًا | إِنَّ الْجِدَالَ يُخِلُّ بِالأَدْيَانِ |
وَاحْذَرْ مُجَادَلَةَ الرِّجَالِ فَإِنَّهَا | تَدْعُو إِلَى الشَّحْنَاءِ وَالشَّنَآنِ |
وَإِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى الْجِدَالِ وَلَمْ تَجِدْ | لَكَ مَهْرَبًا وَتَلاَقَتِ الصَّفَّانِ |
فَاجْعَلْ كِتَابَ اللهِ دِرْعًا سَابِغًا | وَالشَّرْعَ سَيْفَكَ وَابْدُ في الْمَيْدَانِ |
وَالسُّنَّةَ الْبَيْضَاءَ دُونَكَ جُنَّةً | وَارْكَبْ جَوَادَ الْعَزْمِ في الْجَوَلاَنِ |
وَاثْبُتْ بِصَبْرِكَ تَحْتَ أَلْوِيَةِ الْهُدَى | فَالصَّبْرُ أَوْثَقُ عُدَّةِ الإِنْسَانِ |
وَاطْعَنْ بِرُمْحِ الْحَقِّ كُلَّ مُعَانِدٍ | للهِ دَرُّ الْفَارِسِ الطَّعَّانِ |
وَاحْمِلْ بِسَيْفِ الصِّدْقِ حَمْلَةَ مُخْلِصٍ | مُتَجَرِّدٍ للهِ غَيْرِ جَبَانِ |
وَاحْذَرْ بِجُهْدِكَ مَكْرَ خَصْمِكَ إِنَّهُ | كَالثَّعْلَبِ الْبَرِّيِّ في الرَّوَغَانِ |
أَصْلُ الْجِدَالِ مِنَ السُّؤَالِ وَفَرْعُهُ | حُسْنُ الْجَوَابِ بِأَحْسَنِ التِّبْيَانِ |
لاَ تَلْتَفِتْ عِنْدَ السُّؤَالِ وَلاَ تُعِدْ | لَفْظَ السُّؤَالِ كِلاَهُمَا عَيْبَانِ |
وَإِذَا غَلَبْتَ الْخَصْمَ لاَ تَهْزَأْ بِهِ | فَالْعُجْبُ يُخْمِدُ جَمْرَةَ الإِحْسَانِ |
فَلَرُبَّمَا انْهَزَمَ الْمُحَارِبُ عَامِدًا | ثُمَّ انْثَنَى فَسَطَا عَلَى الْفُرْسَانِ |
وَاسْكُتْ إِذَا وَقَعَ الْخُصُومُ وَقَعْقَعُوا | فَلَرُبَّمَا أَلْقَوْكَ في بَحْرَانِ |
وَلَرُبَّمَا ضَحِكَ الْخُصُومُ لِدَهْشَةٍ | فَاثْبُتْ وَلاَ تَنْكَلْ عَنِ الْبُرْهَانِ |
فَإِذَا أَطَالُوا في الْكَلاَمِ فَقُلْ لَهُمْ | إِنَّ الْبَلاَغَةَ لُجِّمَتْ بِبَيَانِ |
لاَ تَغْضَبَنَّ إِذَا سُئِلْتَ وَلاَ تَصِحْ | فَكِلاَهُمَا خُلُقَانِ مَذْمُومَانِ |
وَإِذَا انْقَلَبْتَ عَنِ السُّؤَالِ مُجَاوِبًا | فَكِلاَهُمَا لاَ شَكَّ مُنْقَطِعَانِ |
وَاحْذَرْ مُنَاظَرَةً بِمَجْلِسِ خِيفَةٍ | حَتَّى تُبَدَّلَ خِيفَةً بِأَمَانِ |
نَاظِرْ أَدِيبًا مُنْصِفًا لَكَ عَاقِلاً | وَانْصِفْهُ أَنْتَ بِحَسْبِ مَا تَرَيَانِ |
وَيَكُونُ بَيْنَكُمَا حَكِيمٌ حَاكِمًا | عَدْلاً إِذَا جِئْتَاهُ تَحْتَكِمَانِ |
كُنْ طُولَ دَهْرِكَ سَاكِتًا مُتَوَاضِعًا | فَهُمَا لِكُلِّ فَضِيلَةٍ بَابَانِ |
وَاخْلَعْ رِدَاءَ الْكِبْرِ عَنْكَ فَإِنَّهُ | لاَ يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ الْكَتِفَانِ |
كُنْ فَاعِلاً لِلْخَيْرِ قَوَّالاً لَهُ | فَالْقَوْلُ مِثْلُ الْفِعْلِ مُقْتَرِنَانِ |
مِنْ غَوْثِ مَلْهُوفٍ وَشِبْعَةِ جَائِعٍ | وِدِثَارِ عُرْيَانٍ وَفِدْيَةِ عَانِ |
فَإِذَا عَمِلْتَ الْخَيْرَ لاَ تَمْنُنْ بِهِ | لاَ خَيْرَ في مُتَمَدِّحٍ مَنَّانِ |
اُشْكُرْ عَلَى النَّعْمَاءِ وَاصْبِرْ لِلْبَلاَ | فَكِلاَهُمَا خُلُقَانِ مَمْدُوحَانِ |
لاَ تَشْكُوَنَّ بِعِلَّةٍ أَوْ قِلَّةٍ | فَهُمَا لِعِرْضِ الْمَرْءِ فَاضِحَتَانِ |
صُنْ حُرَّ وَجْهِكَ بِالْقَنَاعَةِ إِنَّمَا | صَوْنُ الْوُجُوهِ مُرُوءَةُ الْفِتْيَانِ |
بِاللهِ ثِقْ وَلَهُ أَنِبْ وَبِهِ اسْتَعِنْ | فَإِذَا فَعَلْتَ فَأَنْتَ خَيْرُ مُعَانِ |
وَإِذَا عَصَيْتَ فَتُبْ لِرَبِّكَ مُسْرِعًا | حَذَرَ الْمَمَاتِ وَلاَ تَقُلْ لَمْ يَانِ |
وَإِذَا ابْتُلِيتَ بِعُسْرَةٍ فَاصْبِرْ لَهَا | فَالْعُسْرُ فَرْدٌ بَعْدَهُ يُسْرَانِ |
لاَ تَحْشُ بَطْنَكَ بِالطَّعَامِ تَسَمُّنًا | فَجُسُومُ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ سِمَانِ |
لاَ تَتَّبِعْ شَهَوَاتِ نَفْسِكَ مُسْرِفًا | فَاللهُ يُبْغِضُ عَابِدًا شَهْوَانِي |
أَقْلِلْ طَعَامَكَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهُ | نَفْعُ الْجُسُومِ وَصِحَّةُ الأَبْدَانِ |
وَامْلِكْ هَوَاكَ بِضَبْطِ بَطْنِكَ إِنَّهُ | شَرُّ الرِّجَالِ الْعَاجِزُ الْبَطْنَانِي |
وَمَنِ اسْتَذَلَّ لِفَرْجِهِ وَلِبَطْنِهِ | فَهُمَا لَهُ مَعَ ذَا الْهَوَى بَطْنَانِ |
حِصْنُ التَّدَاوِيِّ الْمَجَاعَةُ وَالظَّمَا | وَهُمَا لِفَكِّ نُفُوسِنَا قَيْدَانِ |
أَظْمِئْ نَهَارَكَ تُرْوَ في دَارِ الْعُلاَ | يَوْمًا يَطُولُ تَلَهُّفُ الْعَطْشَانِ |
حُسْنُ الْغِذَاءِ يَنُوبُ عَنْ شُرْبِ الدَّوَا | سِيمَا مَعَ التَّقْلِيلِ وَالإِدْمَانِ |
إِيَّاكَ وَالْغَضَبَ الشَّدِيدَ عَلَى الدَّوَا | فَلَرُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْخِذْلاَنِ |
دَبِّرْ دَوَاءَكَ قَبْلَ شُرْبِكَ وَلْيَكُنْ | مُتَآلِفَ الأَجْزَاءِ وَالأَوْزَانِ |
وَتَدَاوَ بِالْعَسَلِ الْمُصَفَّى وَاحْتَجِمْ | فَهُمَا لِدَائِكَ كُلِّهِ بُرْآنِ |
لاَ تَدْخُلِ الْحَمَامَ شَبْعَانَ الْحَشَا | لاَ خَيْرَ في الْحَمَّامِ لِلشَّبْعَانِ |
وَالنَّوْمُ فَوْقَ السَّطْحِ مِنْ تَحْتِ السَّمَا | يُفْنِي وَيُذْهِبُ نُضْرَةَ الأَبْدَانِ |
لاَ تُفْنِ عُمْرَكَ في الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ | يَكْسُو الْوُجُوهَ بِحُلَّةِ الْيَرَقَانِ |
أُحْذِرْكَ مِنْ نَفَسِ الْعَجُوزِ وَبُضْعِهَا | فَهُمَا لِجِسْمِ ضَجِيعِهَا سُقْمَانِ |
عَانِقْ مِنَ النِّسْوَانِ كُلَّ فَتِيَّةٍ | أَنْفَاسُهَا كَرَوَائِحِ الرَّيْحَانِ |
لاَ خَيْرَ في صُوَرِ الْمَعَازِفِ كُلِّهَا | وَالرَّقْصِ وَالإِيقَاعِ في الْقُضْبَانِ |
إِنَّ التَّقِيَّ لِرَبِّهِ مُتَنَزِّهٌ | عَنْ صَوْتِ أَوْتَارٍ وَسَمْعِ أَغَانِي |
وَتِلاَوَةُ الْقُرْآنِ مِنْ أَهْلِ التُّقَى | سِيمَا بِحُسْنِ شَجًا وَحُسْنِ بَيَانِ |
أَشْهَى وَأَوْفَى لِلنُّفُوسِ حَلاَوَةً | مِنْ صَوْتِ مِزْمَارٍ وَنَقْرِ مَثَانِ |
وَحَنِينُهُ في اللَّيْلِ أَطْيَبُ مَسْمَعٍ | مِنْ نَغْمَةِ النَّايَاتِ وَالْعِيدَانِ |
أَعْرِضْ عَنِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ زَاهِدًا | فَالزُّهْدُ عِنْدَ أُولِي النُّهَى زُهْدَانِ |
زُهْدٌ عَنِ الدُّنْيَا وَزُهْدٌ في الثَّنَا | طُوبَى لِمَنْ أَمْسَى لَهُ الزُّهْدَانِ |
لاَ تَنْتَهِبْ مَالَ الْيَتَامَى ظَالِمًا | وَدَعِ الرِّبَا فَكِلاَهُمَا فِسْقَانِ |
وَاحْفَظْ لِجَارِكَ حَقَّهُ وَذِمَامَهُ | وَلِكُلِّ جَارٍ مُسْلِمٍ حَقَّانِ |
وَاضْحَكْ لِضَيْفِكَ حِينَ يُنْزِلُ رَحْلَهُ | إِنَّ الْكَرِيمَ يُسَرُّ بِالضِّيفَانِ |
وَاصِلْ ذَوِي الأَرْحَامِ مِنْكَ وَإِنْ جَفَوا | فَوِصَالُهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْهِجْرَانِ |
وَاصْدُقْ وَلاَ تَحْلِفْ بِرَبِّكَ كَاذِبًا | وَتَحَرَّ في كَفَّارَةِ الأَيْمَانِ |
وَتَوَقَّ أَيْمَانَ الْغَمُوسِ فَإنِّهَا | تَدَعُ الدِّيَارَ بَلاَقِعَ الْحِيطَانِ |
حَدُّ النِّكَاحِ مِنَ الْحَرَائِرِ أَرْبَعٌ | فَاطْلُبْ ذَوَاتِ الدِّينِ وَالإِحْصَانِ |
لاَ تَنْكِحَنَّ مُحِدَّةً في عِدَّةٍ | فَنِكَاحُهَا وَزِنَاؤُهَا شِبْهَانِ |
عِدَدُ النِّسَاءِ لَهَا فَرَائِضُ أَرْبَعٌ | لَكِنْ يَضُمُّ جَمِيعَهَا أَصْلاَنِ |
تَطْلِيقُ زَوْجٍ دَاخِلٍ أَوْ مَوْتُهِ | قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ سِيَّانِ |
وَحُدُودُهُنَّ عَلَى ثَلاَثَةٍ أَقْرُءٍ | أَوْ أَشْهُرٍ وَكِلاَهُمَا جِسْرَانِ |
وَكَذَاكَ عِدَّةُ مَنْ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا | سَبْعُونَ يَوْمًا بَعْدَهَا شَهْرَانِ |
عِدَدُ الْحَوَامِلِ مِنْ طَلاَقٍ أَوْ فَنَا | وَضْعُ الأَجِنَّةِ صَارِخًا أَوْ فَانِي |
وَكَذَاكَ حُكْمُ السِّقْطِ في إِسْقَاطِهِ | حُكْمُ التَّمَامِ كِلاَهُمَا وَضْعَانِ |
مَنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ مَنْ تَقَلَّصَ حَيْضُهَا | قَدْ صَحَّ في كِلْتَيْهِمَا الْعَدَدَانِ |
كِلْتَاهُمَا تَبْقَى ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ | حُكْمَاهُمَا في النَّصِّ مُسْتَوِيَانِ |
عِدَدُ الْجَوَارِ مِنَ الطَّلاَقِ بِحَيْضَةٍ | وَمِنَ الْوَفَاةِ الْخَمْسُ وَالشَّهْرَانِ |
فَبِطَلْقَتَيْنِ تَبِينُ مِنْ زَوْجٍ لَهَا | لاَ رَدَّ إِلاَّ بَعْدَ زَوْجٍ ثَانِي |
وَكَذَا الْحَرَائِرُ فَالثَّلاَثُ تَبِينُهَا | فَيُحِلُّ تِلْكَ وَهَذِهِ زَوْجَانِ |
فَلْتَنْكِحَا زَوْجَيْهِمَا عَنْ غِبْطَةٍ | وَرِضًا بِلاَ دَلْسٍ وَلاَ عِصْيَانِ |
حَتَّى إِذَا امْتَزَجَ النِّكَاحُ بِدَلْسَةٍ | فَهُمَا مَعَ الزَّوْجَيْنِ زَانِيَتَانِ |
إِيَّاكَ وَالتَّيْسَ الْمُحَلِّلَ إِنَّهُ | وَالْمُسْتَحِلُّ لِرَدِّهَا تَيْسَانِ |
لَعَنَ النَّبِيُّ مُحِلِّلاً وَمُحَلَّلاً | فَكِلاَهُمَا في الشَّرْعِ مَلْعُونَانِ |
لاَ تَضْرِبَنْ أَمَةً وَلاَ عَبْدًا جَنَى | فَكِلاَهُمَا بِيَدَيْكَ مَأْسُورَانِ |
أَعْرِضْ عَنِ النِّسْوَانِ جُهْدَكَ وَانْتَدِبْ | لِعِنَاقِ خَيْرَاتٍ هُنَاكَ حِسَانِ |
في جَنَّةٍ طَابَتْ وَطَابَ نَعِيمُهَا | مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ بِهَا زَوْجَانِ |
أَنْهَارُهَا تَجْرِي لَهُمْ مِنْ تَحْتِهِمْ | مَحْفُوفَةً بِالنَّخْلِ وَالرُّمَّانِ |
غُرُفَاتُهَا مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ | وَقُصُورُهَا مِنْ خَالِصِ الْعِقْيَانِ |
قُصِرَتْ بِهَا لِلْمُتَّقِينَ كَوَاعِبًا | شُبِّهْنَ بِالْيَاقُوتِ وَالْمَرْجَانِ |
بِيضُ الْوُجُوهِ شُعُورُهُنَّ حَوَالِكٌ | حُمْرُ الْخُدُودِ عَوَاتِقُ الأَجْفَانِ |
فُلْجُ الثُّغُورِ إِذَا ابْتَسَمْنَ ضَوَاحِكًا | هِيفُ الْخُصُورِ نَوَاعِمُ الأَبْدَانِ |
خُضْرُ الثِّيَابِ ثُدِيُّهُنَّ نَوَاهِدٌ | صُفْرُ الْحُلِيِّ عَوَاطِرُ الأَرْدَانِ |
طُوبَى لِقَوْمٍ هُنَّ أَزْوَاجٌ لَهُمْ | في دَارِ عَدْنٍ في مَحَلِّ أَمَانِ |
يُسْقَوْنَ مِنْ خَمْرٍ لَذِيذٍ شُرْبُهَا | بِأَنَامِلِ الْخُدَّامِ وَالْوِلْدَانِ |
لَوْ تَنْظُرِ الْحَوْرَاءَ عِنْدَ وَلِيِّهَا | وَهُمَا فُوَيْقَ الْفُرْشِ مُتَّكِئَانِ |
يَتَنَازَعَانِ الْكَأْسَ في أَيْدِيهِمَا | وَهُمَا بِلَذَّةِ شُرْبِهَا فَرِحَانِ |
وَلَرُبَّمَا تَسْقِيهِ كَأْسًا ثَانِيًا | وَكِلاَهُمَا بِرُضَابِهَا حُلْوَانِ |
يَتَحَدَّثَانِ عَلَى الأَرَائِكِ خَلْوَةً | وَهُمَا بِثَوْبِ الْوَصْلِ مُشْتَمِلاَنِ |
أَكْرِمْ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ وَأَهْلِهَا | إِخْوَانُ صِدْقٍ أَيُّمَا إِخْوَانِ |
جِيرَانُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحِزْبُهُ | أَكْرِمْ بِهِمْ في صَفْوَةِ الْجِيرَانِ |
هُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَهُ وَيَرَوْنَهُ | وَالْمُقْلَتَانِ إِلَيْهِ نَاظِرَتَانِ |
وَعَلَيْهِمُ فِيهِا مَلاَبِسُ سُنْدُسٍ | وَعَلَى الْمَفَارِقِ أَحْسَنُ التِّيجَانِ |
تِيجَانُهُمْ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ | أَوْ فِضَّةٍ مِنْ خَالِصِ الْعِقْيَانِ |
وَخَوَاتِمٌ مِنْ عَسْجَدٍ وَأَسَاوِرٌ | مِنْ فِضَّةٍ كُسِيَتْ بِهَا الزَّنْدَانِ |
وَطَعَامُهُمْ مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ نَاعِمٍ | كَالْبُخْتِ يُطْعَمُ سَائِرُ الأَلْوَانِ |
وَصِحَافُهُمْ ذَهَبٌ وَدُرٌّ فَائِقٌ | سَبْعُونَ أَلْفًا فَوْقَ أَلْفِ خِوَانِ |
إِنْ كُنْتَ مُشْتَاقًا لَهَا كَلِفًا بِهَا | شَوْقَ الْغَرِيبِ لِرُؤْيَةِ الأَوْطَانِ |
كُنْ مُحْسِنًا فِيمَا اسْتَطَعْتَ فَرُبَّمَا | تُجْزَى عَنِ الإِحْسَانِ بِالإِحْسَانِ |
وَاعْمَلْ لِجَنَّاتِ النَّعِيمِ وَطِيبِهَا | فَنَعِيمُهَا يَبْقَى وَلَيْسَ بِفَانِ |
أَدِمِ الصِّيَامَ مَعَ الْقِيَامِ تَعَبُّدًا | فَكِلاَهُمَا عَمَلاَنِ مَقْبُولاَنِ |
قُمْ في الدُّجَى وَاتْلُ الْكِتَابَ وَلاَ تَنَمْ | إِلاَّ كَنَوْمَةِ حَائِرٍ وَلْهَانِ |
فَلَرُبَّمَا تَأْتِي الْمَنِيَّةُ بَغْتَةً | فَتُسَاقُ مِنْ فُرُشٍ إِلَى الأَكْفَانِ |
يَا حَبَّذَا عَيْنَانِ في غَسَقِ الدُّجَى | مِنْ خَشْيَةِ الرَّحْمَنِ بَاكِيَتَانِ |
لاَ تَقْذِفَنَّ الْمُحْصَنَاتِ وَلاَ تَقُلْ | مَا لَيْسَ تَعْلَمُهُ مِنَ الْبُهْتَانِ |
لاَ تَدْخُلَنَّ بُيُوتَ قَوْمٍ حُضَّرٍ | إِلاَّ بِنَحْنَحَةٍ أَوِ اسْتِئْذَانِ |
لاَ تَجْزَعَنَّ إِذَا دَهَتْكَ مُصِيبَةٌ | إِنَّ الصَّبُورَ ثَوَابُهُ ضِعْفَانِ |
فَإِذَا ابْتُلِيتَ بِنَكْبَةٍ فَاصْبِرْ لَهَا | اللهُ حَسْبِي وَحْدَهُ وَكَفَانِي |
وَعَلَيْكَ بِالْفِقْهِ الْمُبَيِّنِ شَرْعَنَا | وَفَرَائِضِ الْمِيرَاثِ وَالْقُرْآنِ |
عِلْمُ الْحِسَابِ وَعِلْمُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ | عِلْمَانِ مَطْلُوبَانِ مُتَّبَعَانِ |
لَوْلاَ الْفَرَائِضُ ضَاعَ مِيرَاثُ الْوَرَى | وَجَرَى خِصَامُ الْوُلْدِ وَالشِّيبَانِ |
لَوْلاَ الْحِسَابُ وَضَرْبُهُ وَكُسُورُهُ | لَمْ يَنْقَسِمْ سَهْمٌ وَلاَ سَهْمَانِ |
لاَ تَلْتَمِسْ عِلْمَ الْكَلاَمِ فَإِنَّهُ | يَدْعُو إِلَى التَّعْطِيلِ وَالْهَيَمَانِ |
لاَ يَصْحَبُ الْبِدْعِيَّ إِلاَّ مِثْلُهُ | تَحْتَ الدُّخَانِ تَأَجُّجُ النِّيرَانِ |
عِلْمُ الْكَلاَمِ وَعِلْمُ شَرْعِ مُحَمَّدٍ | يَتَغَايَرَانِ وَلَيَسْ يَشْتَبِهَانِ |
أَخَذُوا الْكَلاَمَ عَنِ الْفَلاَسِفَةِ الأُلَى | جَحَدُوا الشَّرَائِعَ غِرَّةً وَأَمَانِ |
حَمَلُوا الأُمُورَ عَلَى قِيَاسِ عُقُولِهِمْ | فَتَبَلَّدُوا كَتَبَلُّدِ الْحَيْرَانِ |
مُرْجِيُّهُمْ يُزْرِي عَلَى قَدَرِيِّهِمْ | وَالْفِرْقَتَانِ لَدَيَّ كَافِرَتَانِ |
وَيَسَبُّ مُخَتَارِيُّهُمْ دَوْرِيَّهُمْ | وَالْقَرْمَطِيُّ مُلاَعِنُ الرُّفْضَانِ |
وَيَعِيبُ كَرَّامِيُّهُمْ وَهْبِيَّهُمْ | وَكِلاَهُمَا يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبَانِ |
لِحِجَاجِهِمْ شُبَهٌ تُخَالُ وَرَوْنَقٌ | مِثْلُ السَّرَابِ يَلُوحُ لِلظَّمْآنِ |
دَعْ أَشْعَرِيَّهُمُ وَمُعْتَزِلِيَّهُمْ | يَتَنَاقَرُونَ تَنَاقُرَ الْغِرْبَانِ |
كُلٌّ يَقِيسُ بِعَقْلِهِ سُبُلَ الْهُدَى | وَيَتِيهُ تَيْهَ الْوَالِهِ الْهَيْمَانِ |
فَاللهُ يَجْزِيهِمْ بِمَا هُمْ أَهْلُهُ | وَلَهُ الثَّنَا مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَّانِي |
مَنْ قَاسَ شَرْعَ مُحَمَّدٍ في عَقْلِهِ | قَذَفَتْ بِهِ الأَهْوَاءُ في غَدْرَانِ |
لاَ تَفْتَكِرْ في ذَاتِ رَبِّكَ وَاعْتَبِرْ | فِيمَا بِهِ يَتَصَرَّفُ الْمَلَوَانِ |
وَاللهُ رَبِّي مَا تُكَيَّفُ ذَاتُهُ | بِخَوَاطِرِ الأَوْهَامِ وَالأَذْهَانِ |
أَمْرِرْ أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ كَمَا أَتَتْ | مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ هَذَيَانِ |
هُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِي وَوَافَقَ مَالِكٌ | وَكِلاَهُمَا في شَرْعِنَا عَلَمَانِ |
للهِ وَجْهٌ لاَ يُحَدُّ بِصُورَةٍ | وَلِرَبِّنَا عَيْنَانِ نَاظِرَتَانِ |
وَلَهُ يَدَانِ كَمَا يَقُولُ إِلَهُنَا | وَيَمِينُهُ جَلَّتْ عَنِ الأَيْمَانِ |
كِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ وَصْفُهَا | وَهُمَا عَلَى الثَّقَلَيْنِ مُنْفِقَتَانِ |
كُرْسِيُّهُ وَسِعَ السَّمَواتِ الْعُلَى | وَالأَرْضَ وَهْوَ يَعْمُّهُ الْقَدَمَانِ |
وَاللهُ يَضْحَكُ لاَ كَضِحْكِ عَبِيدِهْ | وَالْكَيْفُ مُمْتَنِعٌ عَلَى الرَّحْمَنِ |
وَاللهُ يَنْزِلُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ | لِسَمَائِهِ الدُّنْيَا بِلاَ كِتْمَانِ |
فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُجِيبَهُ | فَأَنَا الْقَرِيبُ أُجِيبُ مَنْ نَادَانِي |
حَاشَا الإِلَهَ بِأَنْ تُكَيَّفَ ذَاتُهُ | فَالْكَيْفُ وَالتَّمْثِيلُ مُنْتَفِيَانِ |
وَالأَصْلُ أَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ | شَيْءٌ تَعَالَى الرَّبُّ ذُو الإِحْسَانِ |
وَحَدِيثُهُ الْقُرْآنُ وَهْوَ كَلاَمُهُ | صَوْتٌ وَحَرْفٌ لَيْسَ يَفْتَرِقَانِ |
لَسْنَا نُشَبِّهُ رَبَّنَا بِعِبَادِهِ | رَبٌّ وَعَبْدٌ كَيْفَ يَشْتَبِهَانِ |
فَالصَّوْتُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ تَجْسِيمَهُ | إِذْ كَانَتِ الصِّفَتَانِ تَخْتَلِفَانِ |
حَرَكَاتُ أَلْسُنِنَا وَصَوْتُ حُلُوقِنَا | مَخْلُوقَةٌ وَجَمِيعُ ذَلِكَ فَانِي |
وَكَمَا يَقُولُ اللهُ رَبِّي لَمْ يَزَلْ | حَيًّا وَلَيْسَ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ |
وَحَيَاةُ رَبِّي لَمْ تَزَلْ صِفَةً لَهُ | سُبْحَانَهُ مِنْ كَامِلٍ ذِي الشَّانِ |
وَكَذَاكَ صَوْتُ إِلَهِنَا وَنِدَاؤُهُ | حَقًّا أَتَى في مُحْكَمِ الْقُرْآنِ |
وَحَيَاتُنَا بِحَرَارَةٍ وَبُرُودَةٍ | وَاللهُ لاَ يُعْزَى لَهُ هَذَانِ |
وَقِوَامُهَا بِرُطُوبَةٍ وَيُبُوسَةٍ | ضِدَّانِ أَزْوَاجٌ هُمَا ضِدَّانِ |
سُبْحَانَ رَبِّي عَنْ صِفَاتِ عِبَادِهِ | أَوْ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا جَسَدَانِ |
إِنِّي أَقُولُ فَأَنْصِتُوا لِمَقَالَتِي | يَا مَعْشَرَ الْخُلَطَاءِ وَالإِخْوَانِ |
إِنَّ الَّذِي هُوَ في الْمَصَاحِفِ مُثْبَتٌ | بِأَنَامِلِ الأَشْيَاخِ وَالشُّبَّانِ |
هُوَ قَوْلُ رَبِّي آيُهُ وَحُرُوفُهُ | وَمِدَادُنَا وَالرَّقُّ مَخْلُوقَانِ |
مَنْ قَالَ في الْقُرْآنِ ضِدَّ مَقَالَتِي | فَالْعَنْهُ كُلَّ إِقَامَةٍ وَأَذَانِ |
هُوَ في الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ حَقِيقَةً | أَيْقِنْ بِذَلِكَ أَيَّمَا إِيقَانِ |
وَكَذَا الْحُرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ حِسَابُهَا | عِشْرُونَ حَرْفًا بَعْدَهُنَّ ثَمَانِي |
هِيَ مِنْ كَلاَمِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ | حَقًّا وَهُنَّ أُصُولُ كُلِّ بَيَانِ |
حَاءٌ وَمِيمٌ قَوْلُ رَبِّي وَحْدَهُ | مِنْ غَيْرِ أَنْصَارٍ وَلاَ أَعْوَانِ |
مَنْ قَالَ في الْقُرْآنِ مَا قَدْ قَالَهُ | عَبْدُ الْجَلِيلِ وَشِيعَةُ اللِّحْيَانِ |
فَقَدِ افْتَرَى كَذِبًا وَإِثْمًا وَاقْتَدَى | بِكِلاَبِ كَلْبِ مَعَرَّةِ النُّعْمَانِ |
خَالَطتُّهُمْ حِينًا فَلَوْ عَاشَرْتُهُمْ | لَضَرَبْتُهُمْ بِصَوَارِمِي وَلِسَانِي |
تَعِسَ الْعَمِيُّ أَبُو الْعَلاَءِ فَإِنَّهُ | قَدْ كَانَ مَجْمُوعًا لَهُ الْعَمَيَانِ |
وَلَقَدْ نَظَمْتُ قَصِيدَتَيْنِ بِهَجْوِهِ | أَبْيَاتُ كُلِّ قَصِيدَةٍ مِئَتَانِ |
وَالآنَ أَهْجُو الأَشْعَرِيَّ وَحِزْبَهُ | وَأُذِيعُ مَا كَتَمُوا مِنَ الْبُهْتَانِ |
يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَدَوْتُمُ | عُدْوَانَ أَهْلِ السَّبْتِ في الْْحِيتَانِ |
كَفَّرْتُمُ أَهْلَ الشَّرِيعَةِ وَالْهُدَى | وَطَعَنْتُمُ بِالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ |
فَلأَنْصُرَنَّ الْحَقَّ حَتَّى أَنَّنِي | أَسْطُو عَلَى سَادَاتِكُمْ بِطِعَانِي |
اللهُ صَيَّرَنِي عَصَا مُوسَى لَكُمْ | حَتَّى تَلَقَّفَ إِفْكَكُمْ ثُعْبَانِي |
بِأَدِلَّةِ الْقُرْآنِ أُبْطِلُ سِحْرَكُمْ | وَبِهِ أُزَلْزِلُ كُلَّ مَنْ لاَقَانِي |
هُوَ مَلْجَئِي هُوَ مَدْرَئِي هُوَ مُنْجِنِي | مِنْ كَيْدِ كُلِّ مُنَافِقٍ خَوَّانِ |
إِنْ حَلَّ مَذْهَبُكُمْ بِأَرْضٍ أَجْدَبَتْ | أَوْ أَصْبَحَتْ قَفْرًا بِلاَ عُمْرَانِ |
وَاللهُ صَيَّرَنِي عَلَيْكُمْ نِقْمَةً | وَلِهَتْكِ سِتْرِ جَمِيعِكُمْ أَبْقَانِي |
أَنَ في حُلُوْقِ جَمِيعِهِمْ عُودُ الْحَشَا | أَعْيَى أَطِبَّتَكُمْ غُمُوضُ مَكَانِي |
أَنَ حَيَّةُ الْوَادِي أَنَا أَسَدُ الشَّرَى | أَنَ مُرْهَفٌ مَاضِي الْغِرَارِ يَمَانِي |
بَيْنَ ابْنِ حَنْبَلَ وَابْنِ إِسْمَاعِيلِكُمْ | سَخَطٌ يُذِيقُكُمُ الْحَمِيمَ الآنِ |
دَارَيْتُمُ عِلْمَ الْكَلاَمِ تَشَزُّرًا | وَالْفِقْهُ لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ يَدَانِ |
الْفِقْهُ مُفْتَقِرٌ لِخَمْسِ دَعَائِمٍ | لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهَا لَكُمْ ثِنْتَانِ |
حِلْمٌ وَإِتْبَاعٌ لِسُنَّةِ أَحْمَدٍ | وَتُقًى وَكَفُّ أَذًى وَفَهْمُ مَعَانِ |
آثَرْتُمُ الدُّنْيَا عَلَى أَدْيَانِكُمْ | لاَ خَيْرَ في دُنْيَا بِلاَ أَدْيَانِ |
وَفَتَحْتُمُ أَفْوَاهَكُمْ وَبُطُونَكُمْ | فَبَلَعْتُمُ الدُّنْيَا بِغَيْرِ تَوَانِ |
كَذَّبْتُمُ أَقْوَالَكُمْ بِفِعَالِكُمْ | وَحَمَلْتُمُ الدُّنْيَا عَلَى الأَدْيَانِ |
قُرَّاؤُكُمْ قَدْ أَشْبَهُوا فُقَهَاءَكُمْ | فِئَتَانِ لِلرَّحْمَنِ عَاصِيَتَانِ |
يَتَكَالَبَانِ عَلَى الْحَرَامِ وَأَهْلِهِ | فِعْلَ الْكِلاَبِ بِجِيفَةِ اللُّحْمَانِ |
يَا أَشْعَرِيَّةُ هَلْ شَعَرْتُمْ أَنَّنِي | رَمَدُ الْعُيُونِ وَحِكَّةُ الأَجْفَانِ |
أَنَ في كُبُودِ الأَشْعَرِيَّةِ قَرْحَةٌ | أَرْبُو فَأَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَشْنَانِي |
وَلَقَدْ بَرَزْتُ إِلَى كِبَارِ شُيُوخِكُمْ | فَصَرَفْتُ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ نَاوَانِي |
وَقَلَبْتُ أَرْضَ حِجَاجِهِمْ وَنَثَرْتُهَا | فَوَجَدتُّهَا قَوْلاً بِلاَ بُرْهَانِ |
وَاللهُ أَيَّدَنِي وَثَبَّتَ حُجَّتِي | وَاللهُ مِنْ شُبُهَاتِهِمْ نَجَّانِي |
وَالْحَمْدُ للهِ الْمُهَيْمِنِ دَائِمًا | حَمْدًا يُلَقِّحُ فِطْنَتِي وَجَنَانِي |
أَحَسِبْتُمُ يَا أَشْعَرِيَّةُ أَنَّنِي | مِمَّنْ يُقَعْقِعُ خَلْفَهُ بِشِنَانِ |
أَفَتُسْتَرُ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ بِالسُّهَا | أَمْ هَلْ يُقَاسُ الْبَحْرُ بِالْخُلْجَانِ |
عَمْرِي لَقَدْ فَتَّشْتُكُمْ فَوَجَدتُّكُمْ | حُمُرًا بِلاَ عِنَنٍ وَلاَ أَرْسَانِ |
أَحْضَرْتُكُمْ وَحَشَرْتُكُمْ وَقَصَدتُّكُمْ | وَكَسَرْتُكُمْ كَسْرًا بِلاَ جُبْرَانِ |
أَزَعَمْتُمُ أَنَّ الْقَرَانَ عِبَارَةٌ | فَهُمَا كَمَا تَحْكُونَ قُرْآنَانِ |
إِيمَانُ جِبْرِيلٍ وَإِيمَانُ الَّذِي | رَكِبَ الْمَعَاصِي عِنْدَكُمْ سِيَّانِ |
هَذَا الْجُوَيْهِرُ وَالْعُرَيْضُ بِزَعْمِكُمْ | أَهُمَا لِمَعْرِفَةِ الْهُدَى أَصْلاَنِ |
مَنْ عَاشَ في الدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفْهُمَا | وَأَقَرَّ بِالإِسْلاَمِ وَالْفُرْقَانِ |
أَفَمُسْلِمٌ هُوَ عِنْدَكُمْ أَمْ كَافِرٌ | أَمْ عَاقِلٌ أَمْ جَاهِلٌ أَمْ وَانِي |
عَطَّلْتُمُ السَّبْعَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى | وَالْعَرْشَ أَخْلَيْتُمْ مِنَ الرَّحْمَنِ |
وَزَعَمْتُمُ أَنَّ الْبَلاَغَ لأَحْمَدٍ | في آيَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ |
هَذِي الشَّقَاشِقُ وَالْمَخَارِفُ وَالْهَوَى | وَالْمَذْهَبُ الْمُسْتَحْدَثُ الشَّيْطَانِي |
سَمَّيْتُمُ عِلْمَ الأُصُولِ ضِلاَلَةً | كَاسْمِ النَّبِيذِ لِخَمْرَةِ الأَدْنَانِ |
وَنَعَتْ مَحَارِمُكُمْ عَلَى أَمْثَالِكُمْ | وَاللهُ عَنْهَا صَانَنِي وَحَمَانِي |
إِنِّي اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ شَرْعِ مُحَمَّدٍ | وَعَضَضْتُهُ بِنَوَاجِذِ الأَسْنَانِ |
أَشَعَرْتُمُ يَا أَشْعَرِيَّةُ أَنَّنِي | طُوفَانُ بَحْرٍ أَيُّمَا طُوفَانِ |
أَنَ هَمُّكُمْ أَنَ غَمُّكُمْ أَنَ سُقْمُكُمْ | أَنَ سُمُّكُمْ في السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ |
أَذْهَبْتُمُ نُورَ الْقُرَانِ وَحُسْنَهُ | مِنْ كُلِّ قَلْبٍ وَالِهٍ لَهْفَانِ |
فَوَحَقِّ جَبَّارٍ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى | مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ كَقَوْلِ الْجَانِي |
وَوَحَقِّ مَنْ خَتَمَ الرِّسَالَةَ وَالْهُدَى | بِمُحَمَّدٍ فَزَهَا بِهِ الْحَرَمَانِ |
لأُقَطِّعَنَّ بِمِعْوَلِي أَعْرَاضَكُمْ | مَا دَامَ يَصْحَبُ مُهْجَتِي جُثْمَانِي |
وَلأَهْجُوَنَّكُمُ وَأَثْلِبُ حِزْبَكُمْ | حَتَّى تُغَيِّبَ جُثَّتِي أَكْفَانِي |
وَلأَهْتِكَنَّ بِمَنْطِقِي أَسْتَارَكُمْ | حَتَّى أُبَلِّغَ قَاصِيًا أَوْ دَانِي |
وَلأَهْجُوَنَّ صَغِيرَكُمْ وَكَبِيرَكُمْ | غَيْظًا لِمَنْ قَدْ سَبَّنِي وَهَجَانِي |
وَلأُنْزِلَنَّ بِكُمْ أَلِيمَ صَوَاعِقِي | وَلَتُحْرِقَنَّ كُبُودَكُمْ نِيرَانِي |
وَلأَقْطَعَنَّ بِسَيْفِ حَقِّي زُورَكُمْ | وَلَيُخْمِدَنَّ شُوَاظَكُمْ طُوْفَانِي |
وَلأَقْصِدَنَّ اللهَ في خِذْلاَنِكُمْ | وَلَيَمْنَعَنَّ جَمِيعَكُمْ خِذْلاَنِي |
وَلأَحْمِلَنَّ عَلَى عُتَاةِ طُغَاتِكُمْ | حَمْلَ الأُسُودِ عَلَى قَطِيعِ الضَّانِ |
وَلأَرْمِيَنَّكُمُ بِصَخْرِ مَجَانِقِي | حَتَّى يَهِدَّ عُتُوَّكُمْ سُلْطَانِي |
وَلأَكْتُبَنَّ إِلَى الْبِلاَدِ بِسَبِّكُمْ | فَيَسِيرَ سَيْرَ الْبُزْلِ بِالرُّكْبَانِ |
وَلأُدْحِضَنَّ بِحُجَّتِي شُبُهَاتِكُمْ | حَتَّى يُغَطِّيَ جَهْلَكُمْ عِرْفَانِي |
وَلأَغْضَبَنَّ لِقَوْلِ رَبِّي فِيكُمُ | غَضَبَ النُّمُورِ وَجُمْلَةِ الْعِقْبَانِ |
وَلأَضْرِبَنَّكُمُ بِصَارِمِ مِقْوَلِي | ضَرْبًا يُزَعْزِعُ أَنْفُسَ الشُّجْعَانِ |
وَلأَسْعَطَنَّ مِنَ الْفُضُولِ أُنُوفَكُمْ | سَعْطًا يُعَطَّسُ مِنْهُ كُلُّ جَبَانِ |
إِنِّي بِحَمْدِ اللهِ عِنْدَ قِتَالِكُمْ | لَمُحَكَّمٌ في الْحَرْبِ ثَبْتُ جَنَانِ |
وَإِذَا ضَرَبْتُ فَلاَ تَخِيبُ مَضَارِبِي | وَإِذَا طَعَنْتُ فَلاَ يَرُوغُ طِعَانِي |
وَإِذَا حَمَلْتُ عَلَى الْكَتِيبَةِ مِنْكُمُ | مَزَّقْتُهَا بِلَوَامِعِ الْبُرْهَانِ |
الشَّرْعُ وَالْقُرْآنُ أَكْبَرُ عُدَّتِي | فَهُمَا لِقَطْعِ حِجَاجِكُمْ سَيْفَانِ |
ثَقُلاَ عَلَى أَبْدَانِكُمْ وَرُؤُوسِكُمْ | فَهُمَا لِكَسْرِ رُؤُوسِكُمْ حَجَرَانِ |
إِنْ أَنْتُمُ سَالَمْتُمُ سُولِمْتُمُ | وَسَلِمْتُمُ مِنْ حَيْرَةِ الْخِذْلاَنِ |
وَلَئِنْ أَبَيْتُمْ وَاعْتَدَيْتُمْ في الْهَوَى | فَنِضَالُكُمْ في ذِمَّتِي وَضَمَانِي |
يَا أَشْعَرِيَّةُ يَا أَسَافِلَةَ الْوَرَى | يَا عُمْيُ يَا صُمٌّ بِلاَ آذَانِ |
إِنِّي لأُبْغِضُكُمْ وَأُبْغِضُ حِزْبَكُمْ | بُغْضًا أَقَلُّ قَلِيلِهِ أَضْغَانِي |
لَوْ كُنْتُ أَعْمَى الْمُقْلَتَيْنِ لَسَرَّنِي | كَيْلاَ يَرَى إِنْسَانَكُمْ إِنْسَانِي |
تَغْلِي قُلُوبُكُمُ عَلَيَّ بِحَرِّهَا | حَنَقًا وَغَيْظًا أَيَّمَا غَلَيَانِ |
مُوتُوا بِغَيْظِكُمُ وَمُوتُوا حَسْرَةً | وَأَسًى عَلَيَّ وَعُضُّوا كُلَّ بَنَانِ |
قَدْ عِشْتُ مَسْرُورًا وَمِتُّ مُخَفَّرًا | وَلَقِيتُ رَبِّي سَرَّنِي وَرَعَانِي |
وَأَبَاحَنِي جَنَّاتِ عَدْنٍ آمِنًا | وَمِنَ الْجَحِيمِ بِفَضْلِهِ عَافَانِي |
وَلَقِيتُ أَحْمَدَ في الْجِنَانِ وَصَحْبَهُ | وَالْكُلُّ عِنْدَ لِقَائِهِمْ أَدْنَانِي |
لَمْ أَدَّخِرْ عَمَلاً لِرَبِّيَ صَالِحًا | لَكِنْ بِإِسْخَاطِي لَكُمْ أَرْضَانِي |
أَنَ تَمْرَةُ الأَحْبَابِ حَنْظَلَةُ الْعِدَا | أَنَ غُصَّةٌ في حَلْقِ مَنْ عَادَانِي |
وَأَنَا الْمُحِبُّ لأَهْلِ سُنَّةِ أَحْمَدٍ | وَأَنَا الأَدِيبُ الشَّاعِرُ الْقَحْطَانِي |
سَلْ عَنْ بَنِي قَحْطَانَ كَيْفَ فِعَالُهُمْ | يَوْمَ الْهِيَاجِ إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ |
سَلْ كَيْفَ نَثْرُهُمُ الْكَلاَمَ وَنَظْمُهُمْ | وَهُمَا لَهُمْ سَيْفَانِ مَسْلُولاَنِ |
نَصَرُوا بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ سُلَّقٍ | مِثْلِ الأَسِنَّةِ شُرِّعَتْ لِطِعَانِ |
سَلْ عَنْهُمُ عِنْدَ الْجِدَالِ إِذَا الْتَقَى | مِنْهُمْ وَمِنْ أَضْدَادِهِمْ خَصْمَانِ |
نَحْنُ الْمُلُوكُ بَنُو الْمُلُوكِ وِرَاثَةً | أُسْدُ الْهِيَاجِ وَأَبْحُرُ الإِحْسَانِ |
لاَ قَوْمُنَا بُخَلاَ وَلاَ بِأَذِلَّةٍ | عِنْدَ الْحُرُوبِ وَلاَ النِّسَا بِزَوَانِي |
يَا أَشْعَرِيَّةُ يَا جَمِيعُ مَنِ ادَّعَى | بِدَعًا وَأَهْوَاءً بِلاَ بُرْهَانِ |
جَاءَتْكُمُ سُنِّيَّةٌ مَأْمُونَةٌ | مِنْ شَاعِرٍ ذَرِبِ اللِّسَانِ مُعَانِ |
خَرَزَ الْقَوَافِي بِالْمَدَائِحِ وَالْهِجَا | فَكَأَنَّ جُمْلَتَهَا لَدَيَّ عَوَانِي |
يَهْوِي فَصِيحُ الْقَوْلِ مِنْ لَهَوَاتِهِ | كَالصَّخْرِ يَهْبِطُ مِنْ ذُرَى كَهْلاَنِ |
إِنِّي قَصَدتُّ جَمِيعَكُمْ بِقَصِيدَةٍ | هَتَكَتْ سُتُورَكُمُ عَلَى الْبُلْدَانِ |
هِيَ لِلرَّوَافِضِ دِرَّةٌ عُمَرِيَّةٌ | تَرَكَتْ رُؤُوسَهُمُ بِلاَ آذَانِ |
هِيَ لِلْمُنَجِّمِ وَالطَّبِيبِ مَنِيَّةٌ | فَكِلاَهُمَا مُلْقَانِ مُخْتَلِفَانِ |
هِيَ في رُؤُوسِ الْمَارِقِيْنَ شَقِيقَةٌ | ضُرِبَتْ لِفَرْطِ صُدَاعِهَا الصُّدْغَانِ |
هِيَ في قُلُوبِ الأَشْعَرِيَّةِ كُلِّهِمْ | صَابٌ وَفي الأَجْسَادِ كَالسَّعْدَانِ |
لَكِنْ لأَهْلِ الْحَقِّ شَهْدٌ صَافِيًا | أَوْ تَمْرُ يَثْرِبَ ذَلِكَ الصَّيْحَانِي |
وَأَنَا الَّذِي حَبَّرْتُهَا وَجَعَلْتُهَا | مَنْظُومَةً كَقَلاَئِدِ الْمَرْجَانِ |
وَنَصَرْتُ أَهْلَ الْحَقِّ مَبْلَغَ طَاقَتِي | وَصَفَعْتُ كُلَّ مُخَالِفٍ صَفْعَانِ |
مَعَ أَنَّهَا جَمَعَتْ عُلُومًا جَمَّةً | مِمَّا يَضِيقُ لِشَرْحِهَا دِيوَانِي |
أَبْيَاتُهَا مِثْلُ الْحَدَائِقِ تُجْتَنَى | سَمْعًا وَلَيْسَ يَمَلُّهُنَّ الْجَانِي |
وَكَأَنَّ رَسْمَ سُطُورِهَا في طِرْسِهَا | وَشْيٌ تُنَمِّقُهُ أَكُفُّ غَوَانِي |
وَاللهَ أَسْأَلُهُ قَبُولَ قَصِيدَتِي | مِنِّي وَأَشْكُرُهُ لِمَا أَوْلاَنِي |
صَلَّى الإِلَهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ | مَا نَاحَ قُمْرِيٌّ عَلَى الأَغْصَانِ |
وَعَلَى جَمِيعِ بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ | وَعَلَى جَمِيعِ الصَّحْبِ وَالإِخْوَانِ |
بِاللهِ قُولُوا كُلَّمَا أَنْشَدتُّمُ | رَحِمَ الإِلَهُ صَدَاكَ يَا قَحْطَانِي |
تَمَّتِ الْقَصِيدَةُ النُّونِيَّةُ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى
عَلَى صَاحِبِهَا سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَان