×
90 مسألة في الزكاة: ذكر المؤلف في هذه الرسالة أكثر من تسعين مسألة في الزكاة تحت التقسيم التالي: 1- حكم الزكاة. 2- وعيد تاركي الزكاة. 3- حكم تارك الزكاة. 4- من أسرار الزكاة. 5- من فوائد الزكاة. 6- الصدقات المستحبة. 7- أحكام الزكاة. 8- شروط وجوب الزكاة. 9- زكاة الأنعام. 10- زكاة الحبوب والثمار. 11- زكاة الذهب والفضة. 12- زكاة المال المدخر. 13- زكاة عروض التجارة. 14- زكاة الأراضي. 15- زكاة الدين. 16- إخراج الزكاة وتأخيرها. 17- أهل الزكاة المستحقين لها. 18- إعطاء الأقارب من الزكاة. 19- أحكام متفرقة.

 تسعون مسألة في الزكاة

لفضيلة الشيخ:

سلطان بن عبد الله العمري

المشرف العام على موقع يا له من دين

 أكثر من تسعين مسألة في الزكاة

الحمد لله الذي أنعم علينا بالمال وجعله من مقومات الحياة، الحمد لله الذي جعل في المال حقا للفقير والمسكين وسائر المحتاجين، فمن أنفق ماله كتب له الثواب الجزيل، ومن منع ماله أصابه العذاب الشديد يوم الوعيد.

أيها الأحبة:

إن من أركان الإسلام ومن أسسه العظام " أداء الزكاة " ذلك العمل الجليل الذي قُرن بالصلاة في كتاب ربنا في أكثر من (24) موضعاً.

وأخبر الله أن رحمته كُتبت للذين يؤتون الزكاة: (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )) [الأعراف:156].

وجعل إسلام الكافر لا تتحقق له الأخوة الدينية إلا بعد إيتاءه للزكاة: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )) [التوبة:11].

وأخبر أن الأنبياء عليهم السلام كانوا يوصون بها، فهذا عيسى ؛ يقول: (( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ )) [مريم:31]. وأثنى على نبيه إسماعيل بأنه (( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ )) [مريم:55].

وجعل الزكاة من أسباب فلاح المؤمن (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ )) * (( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ )) * (( وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )) * (( وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ )) [المؤمنون:1-4]. وقال تعالى: (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى )) [الأعلى:14].

وأثنى على طائفة من عباده بقوله: (( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ )) [النور:37].

وأمر نساء نبيه بذلك (( وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ )) [الأحزاب:33].

 حكم الزكاة:

إن الزكاة فريضة عظيمة من فرائض الإسلام ووجوبها قد أجمع عليه علماء الإسلام، وقد قل في هذا الزمان من يحرص على أدائها حتى إن بعضاً من الناس يظن أنها من باب المستحبات من شاء فعلها ومن شاء تركها، ولا شك أن هذا جهل عظيم، وهناك طائفة أخرى من الناس يجهلون أحكام الزكاة ولا يعرفون متى يؤدونها؟ وكيف؟ ومن يعطونها؟ وهذا أيضا تفريط عظيم بركن عظيم.

مسألة: أين ومتى فرضت الزكاة؟

الصحيح أن فرضها كان في مكة، أما تفصيل الأنصبة وبيانها فقد كان في المدينة وقد فرضت في السنة الثانية([1]).

 وعيد تاركي الزكاة:

أقول لأولئك الذين لا يخرجون الزكاة: اتقوا الله تعالى واحذروا من الوعيد الشديد قال تعالى: (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) * (( يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ )) [التوبة:34-35].

وتأملوا ما قاله الرسول  ج: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه، ثم يأخذ بهلزمتية –يعني: شدقيه- ثم يقول أنا مالك أنا كنزك»([2]).

قال ابن حجر: وفائدة قوله ( أنا مالك ) الحسرة والزيادة في التعذيب، حيث لا ينفعه الندم، وفيه نوع من التهكم.

وإلى الذين يمنعون زكاة الأنعام: تأملوا هذا الحديث، قال  ج: «والذي نفسي بيده ما من رجل تكون له إبل أوبقر أو غنم لايؤدي حقها (زكاتها) إلا أتي بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس»([3])، فتخيل نفسك يا مانع الزكاة في أرض المحشر وقد جيئ بالإبل والبقر والغنم تطأؤك أمام الناس وقبل ذلك أمام رب الناس إنه منظر مخيف، فأخرج زكاتك الآن قبل أن تكون عبرة للآخرين.

 حكم تارك الزكاة:

اعلم رحمك الله: أن من ترك الزكاة جاحدا لوجوبها يبين له حكمها، فإن أصر كفر ولا يصلى عليه, أما إن تركها بخلا بها فهو عاص وفاسق بذلك ولكن لا يكفر والدليل على أنه لا يكفر حديث أبي هريرة في ذكر عقوبة تارك الزكاة أن الرسول  ج قال: «حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار»([4])، فلو كان كافرا لما قال فيرى سبيله إلى الجنة، لأن الكافر لا سبيل له إلى الجنة([5])، ولكن تؤخذ منه بالقوة ويعزر على ترك إعطاءها([6]).

ولو تأملت حال أبي بكر وإرادته لقتال مانعي الزكاة لعرفت عظيم مكانة الزكاة وتحريم التهاون فيها([7]).

 من أسرار الزكاة:

اعلم رعاك الله أن في تشريع الزكاة حِكما عظيمة، وأسرار عجيبة من عرفها تبينت له الحكمة الإلهية في أمره ونهيه، وأن الله حكيم عليم.

فتأمل أخي الحبيب بعض الفوائد الإيمانية والاجتماعية التي تُجنى من أداء الزكاة:

الزكاة دليل على صحة إيمان المزكي وعلامة على تصديقه بأحكام الله، قال  ج: «والصدقة برهان»([8] وفي رواية للنسائي: «والزكاة برهان» أي دليل على صحة إيمان العبد.

والزكاة تُزكي صاحبها من دنس الأخلاق كالبخل والشح.

وهي سبب لرفعة الدرجات ومحو السيئات «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»([9]).

وهي سبب عظيم في قضاء الحوائج وتفريج الكربات «ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه»([10]).

أنها سبب للحصول على طعم الأيمان، قال  ج: «ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الأيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو, وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه وافدة عليه كل عام»([11]).

وهي أيضا تسد حاجة الفقراء والمساكين وتحفظهم من ذُلَّ السؤال وهذا من الإحسان (( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) [البقرة:195].

 ومن فوائد الزكاة:

نشر المودة والألفة والمحبة بين المجتمع، فعندما يشعر الفقير والمسكين بأن الغني يُعطيه شيء من المال ويواسيه في فقره وحاجته فعند ذلك يطمئن قلب ذلك المسكين ويشعر بسعادة لا يعلمها إلا الله، والغني عندما يُعطي المسكين يشعر بحلاوة الصدقة ولذة الإحسان إلى المساكين،وقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد أن الكرم والجود من أسباب انشراح الصدر.

أنها من أسباب دخول الجنة، فقد جاء رجل إلى الرسول  ج ، وقال: «دلني على عملا أعمله يدنيني من الجنة ويباعدني من النار، فقال الرسول  ج: تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة, وتصل ذا رحمك، فلما أدبر الرجل، قال الرسول: إن تمسك بما أمر دخل الجنة». رواه مسلم (15) ومما يدل على ذلك أيضا أن الرسول  ج أخبر أن الجنة «لمن أطاب الكلام وأفشى السلام، وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام»([12])

أنها تمنع الجرائم والسرقات، لأن الفقراء إذا لم يجدوا ما يأتيهم ويسد حاجتهم، فسوف يتجهون إلى أي طريق لكي يسدوا حاجتهم.

أنها تمنع من حر النار يوم القيامة كما في الحديث: «كل امرء في ظل صدقته يوم القيامة»([13]).

أنها تزكي المال وتنميه، وتكون سببا في البركة في المال كما في الحديث: «ما نقصت صدقة من مال»([14]).

أنها سبب لنزول الخيرات كما في الحديث: «ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء»([15]).

«أن الصدقة تطفي غضب الرب وتدفع ميتة السوء»([16]) كما ثبت ذلك عن الرسول  ج.

 الصدقات المستحبة:

ينبغي على المسلم أن يكثر من الصدقات المستحبة وذلك لأن فيها تكميل لما ينقص من القيام بالزكاة المفروضة، قال  ج: «أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن كان أكملها، كتبت كاملة، وإن لم يكن أكملها قال الله للملائكة: انظروا هل لعبدي من تطوع فأكملوا بها ما ضيع من فريضة، ثم الزكاة، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك»([17]).

 أحكام الزكاة:

إليك أخي المسلم بعضاً من أحكام الزكاة.

يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم أحكام الزكاة:

الزكاة عبادة فيجب على المزكي أن ينوي الزكاة عند دفعها لحديث: «إنما الأعمال بالنيات»([18]).

* تجب الزكاة في:

1- الأموال.

2- والماشية من الأنعام.

3- والذهب والفضة.

4- والخارج من الأرض كالحبوب.

 شروط وجوب الزكاة:

1- الإسلام.

2- واستقرار الملكية أي يكون مالكا لما تجب فيه الزكاة.

3- وبلوغ النصاب فلا تجب الزكاة فيما دون النصاب.

4- ومرور الحول([19]).

* إذا مرت سنة وكان ما تجب فيه الزكاة قد بلغ نصابه، وجب إخراج زكاته لحديث: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» رواه ابن ماجه([20]).

 زكاة الأنعام:

* من كان عنده غنم أو إبل أو بقر وكانت ترعى من الأرض ففيها الزكاة أما إن كانت لا ترعى بل موضوعة في مكان وصاحبها هو الذي يأتي لها بالطعام فلا زكاة فيها([21])، إلا إذا أعدت للتجارة، وإذا كانت مُتخذة للبيع والشراء فيقومها أي يحسب ثمنها وقت إخراج الزكاة ثم يخرج ربع العشر([22])، وهناك تفصيل واسع في مقدار زكاة هذه الأنعام، من أراده فليراجع الملخص الفقهي([23])، أو غيره من كتب الفقه, والمال يُخرج زكاته مالاً، والبر والأرز ونحوهما يُخرج من جنسه. وكذلك زكاة بهيمة الأنعام من جنسها، لا يُعدل عن ذلك بالقيمة لأن الرسول  ج حددها بذلك، إلا إذا كان هناك مصلحة أو حاجة، كما إذا وجبت عليه زكاة الإبل وليس عنده شاة فيجوز له أن يخرج قيمتها.

* الخيل لا زكاة فيها إلا إذا أعدت للتجارة. قاله ابن القيم وهكذا الحكم في سائر الدواب مما سوى بهيمة الأنعام([24]).

 زكاة الحبوب والثمار:

* تجب الزكاة في الحبوب والثمار إذا كانت تبلغ النصاب, والنصاب في الحبوب (5 أوسق) والوسق (60) صاعاً، أي (300) صاع نبوي,فيجب العشر فيما سقي بغير مؤنة كالغيث والسيول، وإن كان يسقى بكلفة ففيه نصف العشر فإن كان يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر الأكثر([25])، أما الخضروات فلا زكاة فيها([26]).

* إذا كان عنده أنواع متعددة ينتظمها جنس واحد ولم يبلغ كل نوع منها نصابا فإنه يضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، فيضم القمح للشعير، والمعز إلى الشياه، وهكذا([27]).

* النخيل الذي في بيوت الناس إذا كان ما فيه من الثمار يبلغ النصاب ففيه الزكاة و إلا فلا. وكثير من الناس يغفلون عن هذا([28]).

* العسل المنتج بواسطة النحل لا زكاة فيه وإنما تجب في قيمته إذا أعده للبيع وحال عليه الحول وبلغت قيمته النصاب وفيه ربع العشر([29]).

 زكاة الذهب والفضة:

* والذهب والفضة تجب فيهما الزكاة إذا بلغ النصاب ومرَّت عليه سنة، ونصاب الذهب (85) جرام. والفضة ( 595) جرام. والواجب هو ربع العشر فمن كان عند زوجته ذهب وزنه (90) جرام ومرَّت عليه سنة فليخرج ربع العشر، وتحديد المقدار بربع العشر ثابت بالإجماع([30]).

* وجميع الذهب الذي عند النساء سواء ً كان للاستعمال أو لغيره، ففيه الزكاة على الصحيح([31]).

وتكون القيمة المعتبرة للذهب قيمته بعد مرور الحول لا قيمته عند الشراء([32]).

* والزكاة على مالكة الحلي وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس([33]).

* وإخراج زكاة الذهب يجوز إخراجها بالنقد, ولا يجب إخراجها من الذهب لأن مصلحة الزكاة في إخراجها من القيمة([34]).

* إذا كان عند امرأة حلي لا يبلغ النصاب وعندها بنات كل بنت حليها لا يبلغ النصاب، فإن حلي البنات ليس فيه زكاة لأن حلي كل بنت ملك لها وهو لا يبلغ النصاب أي لا نجمع حلي البنات بعضه إلى بعض([35]).

هل يضم الذهب للفضة؟ قال ابن عثيمين: لا، لأن الذهب والفضة جنسان مختلفان([36]).

* لو استعمل الذهب في استعمال محرم كالأواني والقلم وغير ذلك فتجب الزكاة إذا كانت تبلغ النصاب بنفسها أو بذهب آخر لدى مالكها, ويأثم لاستعماله([37]).

* والحلي من غير الذهب والفضة الذي تستعمله المرأة لا زكاة فيه بلا خلاف كالألماس ونحوه([38]).

* ما يلبسه الرجال من الفضة المباح لبسه كالخاتم وحلية السيف فلا زكاة فيه، وأما ما يحرم اتخاذه كالأواني ففيه الزكاة، وأما حلية الفرس كالسرج واللجام فهذا فيه الزكاة عند جمهور العلماء([39]).

* إذا باعت المرأة ذهبها بذهب جديد فهل انقطع الحول بذلك أي هل تبدأ حول جديد؟ لا، بل تكمل ما تبقى من الحول لأنها استبدلت الذهب بذهب من جنسه([40]).

 زكاة المال المدخر:

* إذا كان عند الشخص مال يبلغ النصاب ومر عليه حول وجبت عليه الزكاة، سواء كان ذلك المال قد جمعه للزواج أو لبناء بيت أو غير ذلك([41]).

* أجمع العلماء على أنه يجوز للرجل التصرف في ماله قبل حلول الحول بالبيع أو الهبة إذا لم ينو الفرار من الزكاة([42])، وعلى هذا فليحذر المرء من التصرف في المال قبل تمام الحول لكي يفر من الزكاة، لأن الله عليم بما في القلوب، ولاشك أن هذا من خطوات الشيطان، الذي يريد إيقاع العبد في الآثام والمخالفات.

* المبلغ الذي يعطى للموظف عند نهاية الخدمة ليس فيه زكاة إلا إذا حال عليه الحول من تاريخ تسليمه([43]).

* زكاة الرواتب قال الشيخ ابن عثيمين: أحسن شيء في هذا أنه إذا تم حول أول راتب استلمه فإنه يؤدي زكاة ما عنده فما تم حوله فقد أخرجت زكاته، وما لم يتم حوله فقد عجلت زكاته وتعجيل الزكاة لاشيء فيه، وهذا أسهل عليه من كونه يراعي كل شهر على حدة لكن إن كان ينفق راتب كل شهر قبل أن يأتي راتب الشهر الثاني فلا زكاة عليه لأن من شروط وجوب الزكاة في المال أن يتم عليه الحول([44]).

* زكاة الأسهم، ينظر في قيمة السهم في نهاية كل حول ويخرج زكاته([45]).

 زكاة عروض التجارة:

* تجب الزكاة في عروض التجارة وهي السلع المُعدَّة للبيع والربح والكسب سواءً عقاراً، أو سيارات، أو حيوانات، أو مواد غذائية أو أقمشة أو غير ذلك,ونقل الإجماع على ذلك ابن المنذر، والأصل في ذلك قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ )) [البقرة:267]، يعني: بالتجارة قاله مجاهد، وقال البيضاوي: أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة، وقال تعالى: (( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ )) [المعارج:24]، والتجارة داخلة في عموم الأموال وتجب الزكاة فيها إذا حال الحول والواجب ربع العشر، فينبغي لأصحاب التجارة أن يحددوا لهم موعدا لإخراج الزكاة كرمضان مثلاً، ويقومون بضائعهم بما تساوي في ذلك الوقت سواءً كان أكثر أو أقل من سعر شرائها، ثم يخرجون ربع العشر([46]).

* ما يؤجره الشخص من شقق أو منزل أو غير ذلك، فليس فيها زكاة، لأنها بالأجرة وليست للبيع، ولكن لو جمع منها مالا ومر عليه سنة وبلغ النصاب ففيه ربع العشر.

* إذا ملك مادون النصاب، ثم ملك ما يتم به النصاب فإن الحول يبدأ من يوم امتلاكه ما يتمم النصاب([47]).

* إذا باع الرجل أرض للتجارة قبل تمام الحول بأشهر أو أيام فنقول: إذا بقي المال معه فيجب أن يزكيه، أما لو تصرف في هذا المال كشراء أرض ونحوه فلا زكاة عليه([48]).

 زكاة الأراضي:

* إذا اشترى شخص أرضا بنية التجارة ومضى عليها الحول وجبت فيها الزكاة إذا بلغت قيمتها نصابا والعبرة بقيمتها عند إخراج الزكاة لا وقت الشراء([49]).

* إذا اشترى أرض للسكن وبعد سنة أراد أن يعرضها للبيع فالزكاة تجب من بداية الوقت الذي غير فيه نيته وذلك بعد مرور سنة من ذلك الوقت([50]).

 زكاة الدين:

* زكاة الدين: إذا كان لك دين على أحد فإن كان غنيا يستطيع السداد فإنه يجب عليك أداء زكاة هذا الدين إذا مرت سنة، وأنت مخير إما أن تخرج زكاة الدين مع زكاة مالك وإما أن تخرجها لوحدها، أما إذا كان مماطلا أو معسرا فلا يجب عليك زكاته لكل سنة, ولكن إذا قبضته، فمن أهل العلم من يقول يستقبل به حولا من جديد, ومنهم من يقول: يزكي لسنة واحدة، وإذا دارت السنة يزكيه وهذا أحوط([51]).

* إذا كان له دين على حي أو ميت فلا يجوز له أن يحتسب الدين من الزكاة.إلا إذا كان من عنده الدين معسرا وهو من أهل الزكاة.فيجوز أن يسقط عنه قدر زكاة ذلك الدين لأن الزكاة مبنية على المواساة([52]).

* الميت إذا كان عليه دين ولم يترك مال، فهل يقضى دينه من الزكاة؟ الأقرب: لا يقضى دينه من الزكاة لأنه انتقل إلى الآخرة, ويقال: إن كان الميت أخذ أموال الناس يريد أدائها فإن الله يؤديها عنه، وإن كان يريد إتلافها فهو الذي جنى على نفسه([53]).

 إخراج الزكاة وتأخيرها:

* الأصل إخراج الزكاة في الوقت الذي وجبت فيه, ولايجوز تأخيرها عن وقتها إلا لحاجه، فيجوز تأخيرها لمصلحة، كأن يؤخرها من أجل البحث عن المستحقين، ولكن بشرط: أن يبرزها عن ماله أو يكتب وثيقة فيها بيان أن زكاته تحل في رمضان ولكنه أخرها إلى وقت آخر لمصلحة([54]).

* من أخر الزكاة لعدة سنيين فهو آثم في ذلك ويجب عليه إخراج الزكاة عن كل السنيين الماضية([55]).

* يجوز إعطاء الزكاة كلها لصنف واحد من المستحقين والدليل: أن الرسول  ج لما أرسل معاذ إلى اليمن قال: «اعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» فلم يذكر إلا الفقراء فدل على أنه يجوز إعطاء الزكاة لصنف واحد من المستحقين([56]).

* يجوز تعجيل الزكاة وذلك بدفعها قبل تمام الحول.والدليل أن النبي  ج تعجل الزكاة من عمه العباس صدقة سنتين([57]).

* وهناك أناس يؤخرون الزكاة عن وقتها وهذا من الأخطاء لأن الزكاة كسائر العبادات لها وقت محدد يجب إخراجها فيه، وبعض الناس تجب عليه في رجب مثلا، فيؤخرها إلى رمضان، وهذا محرم([58]).

* الأولى أن يتولى صاحب الزكاة توزيع الزكاة ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقيها، وله أن يوكل من يخرجها عنه([59]).

* و الأصل أن يُعطى فقراء البلد من الزكاة ولا تعطى لمن هم خارج البلاد، إلا في أحوال خاصة وهو اختيار ابن تيمية([60]).

 أهل الزكاة المستحقين لها:

لقد جاء تحديدهم في كتاب ربنا ﻷ: (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )) [التوبة:60].

والفقير: هو الذي لا يجد ما يكفيه من الطعام واللباس وسائر الحاجات.

المسكين: هو الذي يجد بعض ما يكفيه.

العاملين عليها: هم الذين يأخذون الزكاة من الناس وهم السُعاة ولا يشترط أن يكونوا فقراء([61]).

والمؤلفة قلوبهم: وهم أنواع:

1) الكافر الذي يرجى إسلامه فيعطى من الزكاة.

2) أن يرجى كف شره عن المسلمين فيعطى ليكف شره.

3) المسلم الذي يرجى بعطيته قوة إيمانه([62]).

* وفي الرقاب: هو المسلم الذي يريد عتق رقبته, ويدخل في ذلك فك الأسرى([63]).

* الغارمين: هو من استدان لأجل الإصلاح بين الناس أو لنفسه في غير معصية، وليس عنده سداد لدينه, وهذا إذا كان الدين لأمر مضطر إليه، أما إذا كان الدين الذي عليه لأجل أرض أو سيارة لكي يمتلكها ليكون من أهل الترف، فلا يستحق أن يعطى من الزكاة([64])، ولكن لابد أن يثبت صاحب الدين ما يدل على صدقه في هذا الدين حتى لا يكون هناك تساهل في دفع الزكاة لغير مستحقيها.

* وفي سبيل الله: هم المجاهدون والمرابطون في سبيل الله.

* وابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، فيعطى ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ولو كان غنيا في بلده([65]).

قال ابن تيمية: لا يعطى من الزكاة من كان قادرا على تأمين كفايته من كسبه ولكنه لا يفعل([66]).

وقال أيضا: ينبغي أن يتحرى في دفع الزكاة لأهل الدين المتبعين للشريعة، فمن أظهر بدعــة أو فجور، فإنه يستحق العقوبة بالهجر وغيره والاستتابة فكيف يعان على ذلك([67]

هل يعطى المبتدع من الزكاة؟ إن كانت بدعته مكفرة، كمن يستغيث بالصالحين وأهل القبور، فلا يعطى، أما إن كانت بدعته دون ذلك فيعطى إن كان من أهل الزكاة([68]).

 إعطاء الأقارب من الزكاة:

* يجوز إعطاء الأخ والأخت من الزكاة إذا كانا من المستحقين، لأنها في حقهم صدقة وصلة([69]).

* لا يجوز إعطاء الوالدين من الزكاة لأن النفقة تجب عليهم، إلا إذا كانوا غارمين, أو فقراء والابن عاجز عن نفقتهم, فيجوز له إعطائهم([70])، ويجوز أن يعطي والده لقضاء دين عليه([71]).

* وإذا كان الابن عليه دين ولا يملك مال لسداد دينه فيجوز لأبيه أن يعطيه من الزكاة, وكذلك إذا كان محتاجا للنفقة وليس لأبيه ما ينفق عليه فيجوز له أن يأخذ من زكاة أبيه([72]).

* ولا يجوز صرف الزكاة من الزوج لزوجته لأن النفقة تجب لها، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك([73]).

* ويجوز للمرأة دفع الزكاة لزوجها إذا كان من أهل الزكاة([74]).

* يجوز أعطاء الأم من الرضاعة من الزكاة إذا كانت مستحقة للزكاة، لأنه لا تجب عليها النفقة([75]).

 أحكام متفرقة:

* الميت إذا كان في ذمته الزكاة فإن الوارث لا يستحق شيء من التركة إلا بعد أداء الزكاة والدليل حديث: «اقضوا الله فالله أحق بالوفاء»([76])، والزكاة مقدمة على الوصية والإرث([77]).

* أموال المؤسسات الخيرية التي تكون للمشاريع الدعوية لا زكاة فيها وحكمها كحكم الوقف([78]).

* ما أعد للاستعمال كالبيت، السيارة، الملابس، فلا زكاة فيها والدليل قوله  ج: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»([79]).

* المال المغصوب أو الضائع، قال الإمام مالك: ليس فيه زكاة حتى يقبضه، فيزكيه لعام واحد([80]).

* ويجوز إعطاء طالب العلم من الزكاة([81]).

* ويجوز إعطاء من يريد الزواج من الزكاة إذا كان لا يملك ما يغنيه([82]).

· ولا يجوز إعطاء الكافر من الزكاة ولا صدقة الفطر, لأنه ليس من أهلها ونقل بعضهم الإجماع على ذلك([83])، ولكن يجوز إعطاء الفقير الكافر من الصدقات المستحبة([84]).

* لا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد أو المستشفيات أو المؤسسات الخيرية([85]).

* تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون على الصحيح([86]).

* يجوز إعطاء المستحق الزكاة عن طريق شيك([87]).

* الذي هوايته جمع الفلوس من مختلف العملات يجب عليه أن يؤدي زكاتها إذا بلغت النصاب([88]).

* بعض الناس يكون عندهم صندوق تعاوني يجمعون فيه المال بقصد إعانة من يحتاج للمال، فهذا لا زكاة فيه([89]).

* إذا مات صاحب المال قبل تمام الحول فلا زكاة عليه، فلا تخرج من تركته، أما إذا مات بعد تمام الحول فتخرج من تركته([90]).

* إذا كان للزوجة مهر مؤخر على زوجها فيجب عليها أن تزكيه كل عام لأنه كالدين هذا إذا كان زوجها غنيا أما إن كان فقيرا فلا زكاة فيه كما سبق في مسألة زكاة الدين([91]).

هذا ما تيسر جمعه من المسائل المتعلقة بالزكاة، وقد حرصت على عزو كل مسألة إلى مرجعها ليطمئن القارئ إلى صحة المسألة، وقد تكون بعض المسائل التي يريدها القارئ لم يجدها هنا، فليرجع إلى كتب الفقه وليسأل أهل العلم الراسخين.

وأسأل الله لي ولك التوفيق والصواب في الأقوال والأعمال.



([1])انظر الشرح الممتع لابن عثيمين [6/15].

([2])رواه البخاري ( 1315).

([3])رواه البخاري (1367) ومسلم (1652).

([4])والحديث رواه مسلم ( 987).

([5])انظر فتاوى اللجنة(6147).

([6])انظر السلسبيل(1/307).

([7])انظر البخاري (1312) ومسلم (39).

([8])رواه مسلم ( 223 )

([9])التوبة(103)

([10])رواه مسلم (2699 )

([11])رواه أبو داود(1349).

([12])صحيح الجامع(2123).

([13]) صحيح الجامع (4510).

([14]) رواه مسلم (2588).

([15]) صحيح الجامع ( 3240 ).

([16]) صحيح الجامع ( 3760 ).

([17])رواه أحمـد ( 16342) وأبو داود (733).

([18]) رواه البخاري (1) ومسلم (1970).

([19]) (الملخص الفقهي 1/223).

([20]) قال الألباني في الإرواء (3/254): صحيح.

([21])قاله ابن تيمية (25/48,35).

([22]) فتاوى اللجنة(4862).

([23]) (الملخص الفقهي 1/225).

([24])(انظر زاد المعاد( 1/149) وانظر تهذيب السنن (2/192) وانظر فتاوى اللجنة (7276).

([25])(فتاوى اللجنة2262).

([26])( فقه العبادات ص 196).

([27]) (انظر ابن تيمية الفتاوى 25/24،15،13).

([28]) ( الفتاوى لابن عثيمين ص59).

([29]) انظر فتاوى اللجنة(4195).

([30]) نقله البليهي في السلسبيل (1/293)، ( فقه العبادات لابن عثيمين ص 193).

([31]) فتاوى اللجنة(1797).

([32]) فتاوى اللجنة (3020).

([33]) قاله ابن باز(كتاب الدعوة 1/101).

([34]) قاله ابن عثيمين (الفتاوى1/450).

([35]) قاله ابن عثيمين ( الفتاوى 1/452).

([36]) فقه العبادات (ص 194).

([37])قاله ابن باز(كتاب الدعوة 1/101) السلسبيل(1/297).

([38]) انظر فتاوى الفوزان (3/107) و( الفتاوى لابن عثيمين ص97).

([39]) قاله ابن تيمية الفتاوى (25/17).

([40]) (الفتاوى لابن عثيمين ص 45).

([41])قاله ابن باز (كتاب الدعوة1/103).

([42]) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي) ( 1/302).

([43]) فتاوى اللجنة (7472).

([44]) (الفتاوى ص22).

([45]) (انظر الفتاوى لابن عثيمين ص 197).

([46]) الفتاوى لابن تيمية ( 25/15) فتاوى اللجنة (2262).

([47]) (ابن تيمية الفتاوى 25/14).

([48]) (الفتاوى لابن عثيمين ص239).

([49]) انظر فتاوى اللجنة (890).

([50]) فتاوى ابن عثيمين (433).

([51])فتاوى ابن عثيمين (ص424) الممتع(6/31).

([52]) (ابن تيمية - الفتاوى 25/89,84,80)

([53]) فتاوى ابن عثيمين (ص425).

([54]) (ابن عثيمين ) الممتع (6/189).

([55]) فتاوى ابن عثيمين (ص 427).

([56]) (الملخص الفقهي 1/254) و فتاوى اللجنة(10/20).

([57]) رواه أبو داود، قال في الإرواء (3/346): (حسن).

([58]) (الفتاوى لابن عثيمين ص 295).

([59])(الملخص الفقهي 1/247).

([60]) الفتاوى (25/85), فتاوى ابن عثيمين( ص 436).

([61]) (انظر ابن عثيمين - الممتع 6/224).

([62]) انظر الشرح الممتع لابن عثيمين (6/226).

([63])انظر فتاوى اللجنة(10/6).

([64])فتاوى اللجنة (10/8).

([65])فتاوى اللجنة (10/7).

([66])انظر الفتاوى (28/569).

([67])انظر الفتاوى (25/87).

([68]) (انظر الفتاوى لابن عثيمين ص 432).

([69])قاله ابن عثيمين الفتاوى (ص446).

([70])قاله ابن تيمية _ الفتاوى (25/90)

([71])وانظر فتاوى ابن عثيمين (ص443).

([72])قاله ابن تيمية _ الفتاوى (25/92).

([73])( منار السبيل 1/185)فتاوى اللجنة(10/63).

([74])( ابن عثيمين _ الممتع 6/266).

([75])( انظر الفتاوى لابن عثيمين ص 417).

([76])رواه البخاري(2/217).

([77])( ابن عثيمين – الممتع(6/48).

([78])فتاوى اللجنة (4460).

([79])رواه البخاري ( 1464) فتاوى اللجنة (9253).

([80])فتاوى ابن تيمية (25/18).

([81])فتاوى اللجنة(10/17)وانظر فتاوى ابن عثيمين (ص440).

([82])انظر الفتاوى لابن عثيمين (ص440).

([83])( انظر منار السبيل 1/185)،

([84])( انظر أحكام أهل الذمة 2/419). وفتاوى اللجنة (10/29).

([85])انظر فتاوى اللجنة(10/41) وفتاوى ابن عثيمين ( ص 431).

([86]) فتاوى ابن عثيمين (ص 423).

([87]) انظر فتاوى الفوزان (3118).

([88]) قاله ابن باز ( كتاب الدعوة 1/102).

([89]) قاله ابن باز( كتاب الدعوة 1/108).

([90])(فتاوى الزكاة لابن عثيمين ص 17 - 46).

([91])( الفتاوى لابن عثيمين ص 30).