زكاة عروض التجارة والأسهم والسندات في ضوء الكتاب والسنة
التصنيفات
- فقه >> العبادات >> الزكاة فضائل وأحكام >> شروط الزكاة
- فقه >> المعاملات >> أحكام البيوع
المصادر
الوصف المفصل
- المقدمة
- زكاة عروض
التجارة
- أولاًَ: مفهوم عروض التجارة لغة واصطلاحاً:
- ثانياً: زكاة العروض واجبة بعموم الكتاب والسنة، والآثار، وإجماع عامة أهل العلم والقياس.
- ثالثاً: وجوب زكاة عروض التجارة:
- رابعاً: شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة على النحو الآتي:
- خامساً: حول عروض التجارة لا ينقطع بالمبادلة أو البيع:
- سادساً: ربح عروض التجارة حوله حول رأس المال:
- سابعاً: تضم قيمة أنواع العروض إلى بعضها، وإلى كل من الذهب والفضة في تكميل النصاب:
- ثامناً: كيفية تقويم سلع عروض التجارة بما تبلغ قيمتها:
- تاسعاً: لا شيء في آلات التجارة التي لا يراد بيعها ولا في ما أُعدَّ للأجرة، ولكن الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول.
- عاشراً: مقدار الواجب في عروض التجارة: ربع العشر:
- الحادي عشر: زكاة الأسهم والسندات:
- الثاني عشر: أهل الزكاة ثمانية أصناف، على النحو الآتي:
- الثالث عشر: أصناف الذين لا يصحّ دفع الزكاة إليهم:
زكاة عروض التجارة والأسهم والسندات في ضوء الكتاب والسنة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في ((زكاة العروض التجارية والأسهم والسندات)) بيَّنت فيها بإيجاز: مفهوم العروض: لغةً, واصطلاحاً، وذكرت الأدلة على وجوبها من: عموم الكتاب, والسنة، والإجماع، والآثار الواردة عن الصحابة y، والقياس، وأقوال الأئمة, والمحققين من أهل العلم قديماً وحديثاً، وذكرت شروط وجوب الزكاة فيها، وبيَّنت أن حول ربح التجارة حول أصله، وأنها تضم إلى النقدين في تكميل النصاب، وبيَّنت كيفيّة تقويم السلع آخر الحول، وأنه لا زكاة في الآلات التجارية التي أُعدّت للاستعمال، ثم ذكرت مقدار الواجب من الزكاة في عروض التجارة، ثم ختمت ذلك ببيان زكاة الأسهم والسندات، وكيفية زكاتها، والجائز منها والمحرّم، ثم ذكرت أهل الزكاة، ومن تحرم عليهم الزكاة.
وقد استفدت كثيراً من ترجيحات شيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله ورفع منزلته.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل مباركاً، نافعاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أبو عبدالرحمن
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر ليلة الإثنين الموافق 23/3/1426 بمدينة الرياض
زكاة عروض التجارة
أولاًَ: مفهوم عروض التجارة لغة واصطلاحاً:
لغـةً: العروض: جمع عَرْض بفتح العين وسكون الراء: خلاف النقد من المال، قال الجوهري: العَرْضُ: المتاع، وكل شيء عَرْضٌ سوى الدراهم، والدنانير فإنهما عين، وقال أبو عبيد: العروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا يكون حيواناً، ولا عقاراً، تقول: اشتريت المتاع بِعَرْضٍ: أي بمتاع مثله، وعارضته بمتاع، أو دابةٍ، أو شيء، معارضةً إذا بادلته به([1]).
وأما العَرَض بفتح العين والراء، جمع أعراض فهـو متـاع الـدنيـا وحطامهـا, وهذا شامل لكل أنواع المال قل أو كثر ] لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الـْحَيَاةِ الدُّنْيَا [([2]) ((ليس الغنى غنى كثرة العرض, ولكن الغنى غنى النفس))([3]), وسُمِّي عرضاً؛ لأنه يعرض وقتاً ثم يزول([4]). قال الله تعالى: ]لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ [([5]), والمقصود هو الأول: ((العَرْض)).
اصطلاحاً: العروض: هو ما أعد للبيع والشراء؛ لأجلِ ربحٍ([6]).
وقيل: هو السلع التجارية، كل ما أعد للبيع والشراء من أجل الأرباح، من أي نوع، ومن أي صنف كان، وهو جميع أصناف الأموال غير الذهب والفضة([7]).
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((العروض: جمع عَرْضٍ، وهو غير الأثمان من المال، على اختلاف أنواعه: من النباتِ، والحيوان، والعقار، وسائر المال))([8]).
التجارة: البيع والشراء من أجل الربح([9]) في جميع أصناف المال إلا النقدين.
وقيل: كل ما أعد للتجارة كائنة ما كانت سواء من جنسٍ تجب فيه زكاة العين: كالإبل، والبقر، والغنم، أو لا: كالعقار، والثياب، والحمير، والبغال([10]).
ثانياً: زكاة العروض واجبة بعموم الكتاب والسنة، والآثار، وإجماع عامة أهل العلم والقياس.
أما الكتاب فلعموم الآيات الآتية:
الدليل الأول: قال الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الـْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ [([11]). وقد فسر مجاهد رحمه الله تعالى، قوله سبحانه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [قال: ((من التجارة))([12]). وفي لفظ: ((من التجارة الحلال))([13]).
قال الإمام الطبري رحمه الله: ((من طيبات ما كسبتم)) يعني بذلك جل ثناؤه: زكُّوا من طيبات ما كسبتم، بتصرفكم: إما بتجارة، وإما بصناعة، من الذهب والفضة، ويعني بـ ((الطيبات الجياد))([14]) وقال الإمام القرطبي رحمه الله: ((الكسب يكون بتعب بدنٍ: وهي الإجارة، وسيأتي حكمها، أو مقاولةٍ في تجارة: وهو البيع))([15]). وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: ]مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [ من خيار، قال ابن مسعود y ومجاهد: من حلالات ]مَا كَسَبْتُمْ [ بالتجارة، والصناعة([16]). وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإنفاق... من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها، قال مجاهد: يعني التجارة، بتيسيره إياها لهم...))([17]). وقال العلامة السعدي رحمه الله: ((يأمر تعالى عباده المؤمنين بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب ومما أخرج لهم من الأرض))([18]).
قال الإمام البخاري رحمه الله: ((بابُ صدقة الكسب والتجارة؛ لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ[([19]) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((هكذا أورد هذه الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث، وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة عن الحكم عن مجاهد في هذه الآية: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [ قال من التجارة الحلال...([20])([21]).
الدليل الثاني من القرآن الكريم، عموم قوله تعالى: ]خُذْ مِنْ أَمْوَالـِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لـَهُمْ والله سَمِيعٌ عَلِيم[([22]).
ذكر الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية مسائل منها:
قال: ]خُذْ مِنْ أَمْوَالـِهِمْ صَدَقَةً[مطلق غير مقيد بشرط في المأخوذ، والمأخوذ منه، ولا تبين مقدار المأخوذ، ولا المأخوذ منه، وإنما بيان ذلك في السنة والإجماع، حسب ما نذكره، فتؤخذ الزكاة من جميع الأموال، وقد أوجب النبي ﷺ الزكاة في المواشي والحبوب، والعين وهذا ما لا خلاف فيه، واختلفوا فيما سوى ذلك: كالخيل وسائر العروض...))([23]).
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أمر تعالى رسوله ﷺ بأن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها، وهذا عام، وإن أعاد بعضهم الضمير في ((أموالهم)) إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً))([24]).
الدليل الثالث: عموم قول الله تعالى: ]وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالـِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالـْمَحْرُومِ[([25]). قال قتادة رحمه الله: ((الحق المعلوم: الزكاة المفروضة))([26]). وسُئل ابن عمر رضي الله عنهما عن هذه الآية: أهي الزكاة؟ فقال: ((إن عليك حقوقاً سوى الزكاة))([27]).
قال الإمام الطبري رحمه الله: ((يقول تعالى ذكره: وإلا الذين في أموالهم حق مؤقت، وهو الزكاة, للسائل الذي يسأله من ماله، والمحروم الذي قد حرم الغِنى فهو فقير لا يسأل))([28]).
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات))([29]). وقال رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ]وَفِي أَمْوَالـِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالـْمَحْرُومِ[([30]) قال: ((أي جزء مقسوم, قد أفرزوه للسائل والمحروم))([31]).
وقال العلامة السعدي رحمه الله: ((والذين في أموالهم حق معلوم)) من زكاة وصدقة، ((للسائل)) الذي يتعرض للسؤال ((والمحروم)) وهو المسكين الذي لا يسأل الناس فيعطوه، ولا يُفطن له فيتصدق عليه))([32]) قال العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله: ((الزكاة واجبة في عروض التجارة، والدليل على ذلك دخولها في عموم قوله تعالى: ]وَفِي أَمْوَالـِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالـْمَحْرُومِ[ ([33])([34]).
وأما السنة؛ فلعموم الأحاديث الآتية:
الدليل الأول: من السنة عموم قول النبي ﷺ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ((فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) وفي لفظ لمسلم: ((... فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم))([35]).
وظاهر الحديث العموم في كل مال، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ((ولا شك أن عروض التجارة مال))([36]).
الدليل الثاني من السنة، حديث أبي هريرة t قال: أمر رسول الله ﷺ بالصدقة فقيل: منع ابنُ جميل، وخالد بنُ الوليد، وعباس بن عبدالمطلب، فقال النبي ﷺ : ((ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله ورسوله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً, قد احتبس أدراعه وأَعتُدَهُ في سبيل الله، وأما العباس بن عبدالمطلب فعمُّ رسول الله ﷺ فهي عليه صدقة ومثلها معها)). ولفظ مسلم: بعث رسول الله ﷺ عمر على الصدقة... إلى قوله: وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً قد احتبس أدراعه، وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها معها...))([37]).
وقوله ﷺ : ((قد احتبس أدراعه، وأعتاده في سبيل الله)) ((وأعتاده)) ما يعده الرجل من الدواب والسلاح وآلات الحرب. قال الإمام النووي رحمه الله: ((ومعنى الحديث: أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنًّا منهم أنها للتجارة، وأن الزكاة فيها واجبة، فقال لهم: لا زكاة لكم عليَّ، فقالوا للنبي ﷺ: إن خالداً منع الزكاة، فقال لهم: إنكم تظلمونه؛ لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها فلا زكاة فيها، ويحتمل أن يكون المراد: لو وجبت عليه زكاة لأعطاها، ولم يشح بها؛ لأنه قد وقف أمواله لله تعالى تبرعاً, فكيف يشح بواجب عليه، واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة, وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف، خلافاً لداود))([38]).
وقال الخطابي رحمه الله: ((وتأويل الكلام على وجهين:
أحدهما: أنه إنما طولب بالزكاة عن أثمان الأدراع والعتاد على أنها كانت للتجارة، فأخبر النبي ﷺ أنه لا زكاة عليه فيها؛ إذ قد جعلها حبساً في سبيل الله، وفيه دليل على وجوب الزكاة في الأموال التي ترصد للتجارة، وهو كالإجماع من أهل العلم، وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهر أنه لا زكاة فيها, هو مسبوق بالإجماع))([39]).
الدليل الثالث: ما روي من حديث أبي ذر t يرفعه: ((في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته))([40]).
الدليل الرابع: من السنة، قوله عليه الصلاة والسلام: ((إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى))([41]). قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((ولو سألنا التاجر: ماذا يريد بهذه الأموال؟ لقال: أريد الذهب والفضة، أريد النقدين.. فعلى هذا نقول: زكاة العروض واجبة بالنص والقياس))([42]).
وأما الآثار: فمنها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
الأثر الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((ليس في العَرْض زكاة؛ إلا أن يراد به التجارة))([43]).
الأثر الثاني: عن عمر t كما قال عبدالرحمن بن عبدٍ القارئ, وكان على بيت المال في زمن عمر مع عبيد الله بن الأرقم، فإذا خرج العطاء جمع عمر أموال التجارة فحسب عاجلها وآجلها، ثم يأخذ الزكاة من الشاهد والغائب))([44]).
الأثر الثالث: عن عمر بن عبدالعزيز، قال زريق بن حيان – وكان على جواز مصر في زمن الوليد وسليمان،وعمر بن عبدالعزيز،فذكر ((أن عمر بن عبدالعزيز كتب إليه: أن انظر من مرَّ بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات: من كل أربعين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً))([45]).
وأما الإجماع فقال الإمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: ((وأجمعوا على أن في العروض التي تدار للتجارة: الزكاة إذا حال عليها الحول))([46]).
وقال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: ((ولم يختلف العلماء أن العروض كلها: من العبيد، وغير العبيد إذا لم تكن تبتاع للتجارة أنه لا زكاة فيها))([47]).
وقد نقل الإجماع عن ابن المنذر رحمه الله موافقةً له على ذلك: الإمام ابن قدامة رحمه الله([48]) والإمام الصنعاني رحمه الله في سبل السلام([49]), والإمام النووي رحمه الله([50]), وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله([51]), والعلامة الشوكاني رحمه الله([52]).
وقال الإمام البغوي رحمه الله: ((ذهب عامة أهل العلم إلى أن التجارة تجب الزكاة في قيمتها، إذا كانت نصاباً تمام الحول، فيخرج منها ربع العشر))([53]).
وقال أبو عبيدٍ رحمه الله: ((أجمع المسلمون على أن الزكاة فرض واجب فيها، وأما القول الآخر فليس من مذاهب أهل العلم عندنا))([54]).
وأما القياس، فقال الإمام النووي رحمه الله: ((تجب الزكاة في عروض التجارة؛ لحديث أبي ذرٍّ t؛ ولأن التجارة يطلب بها نماء المال، فتعلقت بها الزكاة، كالسوم في الماشية))([55]).
وقال الإمام ابنُ رشدٍ رحمه الله: ((إن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية، فأشبه الأجناس الثلاثة التي فيها الزكاة باتفاق. أعني الحرث, والماشية، والذهب, والفضة))([56]).
ثالثاً: وجوب زكاة عروض التجارة:
قال به الأئمة الأعلام المحققون قديماً وحديثاً: من أهل العلم والإيمان والفقه لمقاصد الإسلام, فهو كالإجماع، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، ما يأتي:
الفقهاء السبعة([57])، والأئمة الأربعة([58]): الإمام أبو حنيفة([59])، والإمام مالك([60])، والإمام الشافعي([61]), والإمام أحمد([62])، وكثير من علماء الإسلام والأئمة الأعلام لا يحصي عددهم إلا الله، ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية([63])، وابن القيم([64])، وأبو عبيد([65])، والإمام النووي([66])، والحافظ ابن حجر([67])، والإمام ابن قدامة([68])، والعلامة الصنعاني([69])، والعلامة الشوكاني([70])، والإمام البغوي([71])، ومن المعاصرين: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ([72])، والإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز([73])، والعلامة محمد بن صالح العثيمين([74])، والعلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين([75]) وغيرهم كثير, بل هو إجماع بين أهل العلم إلا من شذ؛ ولهذا قال الإمام أبو عُبيدٍ رحمه الله: ((أجمع المسلمون على أن الزكاة فرض واجب فيها))([76])، وأما القول الآخر فليس من مذاهب أهل العلم عندنا))([77])([78]).
رابعاً: شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة على النحو الآتي:
الشرط الأول: نية التجارة في عروض التجارة؛ لأن العروض مخلوقة في الأصل للاستعمال, فلا تصير للتجارة إلا بالنية، ويعتبر وجود النية في جميع الحول؛ لأنها شرط أمكن اعتباره في جميع الحول، فاعتبر فيه؛ لقولهﷺ: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))([79])([80]).
الشرط الثاني: أن تبلغ قيمة العروض للتجارة نصاباً من أقل الثمنين [أي الذهب والفضة] قيمةً فإذا بلغ أحدهما نصاباً دون الآخر قوَّمه به، ولا يعتبر ما اشتراه به؛ لأن تقويمه لحظ الفقراء... فإن بلغ نصاباً من كل واحدٍ: من الذهب والفضة، قوَّمه بما هو أحظ لأهل الزكاة، فإن استويا قومه بما شاء منهما، والأصل في اعتبار النصاب قوله ﷺ: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة))([81])؛ ولقوله ﷺ: ((...فإذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون لك عشرون ديناراً))([82]).
الشرط الثالث: الحول؛ لقوله ﷺ: ((...وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول))([83])، ويعتبر وجود النصاب في جميع الحول؛ لأن ما اعتبر له الحول والنصاب، اعتبر وجوده في جميعه، كالأثمان.
وإذا اشترى للتجارة عرضاً لا يبلغ نصاباً ثم بلغه انعقد الحول عليه من حين صار نصاباً، وإن ملك نصاباً فنقص انقطع الحول، فإن عاد فنما فبلغ النصاب استأنف الحول، على ما ذكر في زكاة السائمة والأثمان, وإن ملك نصاباً في أوقات فلكلِّ نصابٍ حول، ولا يضم نصابٌ إلى نصاب؛ لأن المال المستفاد يعتبر له الحول على ما ذكر سابقاً، وإن لم يَكْمُل النصاب الأول إلا بالثاني فحولهما منذ ملك الثاني، وإن لم يكملا إلا بالثالث فحول الجميع من حين كمل النصاب.
وإذا اشترى نصاباً للتجارة بآخر لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تتعلق بالقيمة، والقيمة فيهما واحدة انتقلت من سلعة إلى سلعة، فهي كدراهم نقلت من بيت إلى بيت، وإن اشتراه بأثمان لم ينقطع الحول؛ لأن قيمة الأثمان كانت ظاهرة فاستترت في السلعة، وكذلك لو باع نصاب التجارة بنصاب الأثمان، لم ينقطع الحول لذلك، وإن اشترى نصاباً للتجارة بِعَرْضِ للقنية أو بما دون النصاب من الأثمان، أو عَرْض للتجارة انعقد الحول من حين الشراء؛ لأن ما اشترى به لم يجرِ في حول الزكاة، فلم يُبنَ عليه، ولو اشترى نصاباً للتجارة بنصاب سائمة أو سائمة بنصاب تجارة انقطع الحول؛ لأنهما مختلفان، فإن كان نصاب التجارة سائمة فاشترى به نصاب سائمة للقنية لم ينقطع الحول؛ لأن السوم سبب للزكاة، إنما قدم عليه زكاة التجارة لقوَّته فإذا زال المعارض ثبت حكم السوم؛ لظهوره([84]).
وإن اشترى أرضاً ونخلاً للتجارة، فزرعت الأرض وأثمر النخل، واتفق حولهما: بأن بدأ الصلاح في الثمر، واشتد الحب، عند تمام الحول، وكانت قيمة الأرض تبلغ نصاب التجارة، فالأقرب للصواب أنه يزكِّي الجميع زكاة التجارة؛ لأنه مال تجارة تجب فيه زكاة التجارة كالسائمة([85]).
وهذه الشروط: من نية التجارة، وبلوغ النصاب، وتمام الحول في عروض التجارة، تضاف إليها الشروط العامة في الزكاة التي ذكرتها في أول الزكاة))([86]).
خامساً: حول عروض التجارة لا ينقطع بالمبادلة أو البيع:
فإذا اشترى عَرْضاً للتجارة بنقدٍ أو باعه به، بنى على حول الأول؛ لأن الزكاة تجب في قيم العروض، وهي من جنس النقد، وحتى بهيمة الأنعام: من الإبل، والبقر، والغنم، إذا قصد بها التجارة؛ فإنه يزكيها زكاة العروض، ولا ينقطع الحول إذا باعها وهي من عروض التجارة: سواء باعها بجنسها أو بغير جنسها، قال الإمام البغوي رحمه الله: ((أما حول [عروض] التجارة فلا ينقطع بالمبادلة؛ لأن زكاة التجارة تجب في القيمة، والقيمة باقية في ملكه وقت المبادلة؛ لأن ملكه لا يزول عن أحدهما إلا ويملك الآخر))([87]).
سادساً: ربح عروض التجارة حوله حول رأس المال:
فلو ملك نصاباً من عروض التجارة وربح في قيمته، فإنه يزكي الجميع: رأس المال مع الربح، حتى لو لم يربح هذا الربح إلى آخر الحول، فإنه يزكيه مع رأس المال، أما إذا كانت قيمة التجارة دون النصاب ثم حصل الربح، فإن بداية الحول من كمال النصاب بالربح، وكذا إذا ارتفع سعر التجارة فإن الزكاة تجب في جميع القيمة، وإن نقص سعر التجارة زكَّى القيمة الحاضرة([88]).
وإذا تم الحول على مال المضاربة فعلى صاحب المال زكاة رأس المال، وزكاة حصته من الربح؛ لأن حول الربح حول الأصل))([89]).
سابعاً: تضم قيمة أنواع العروض إلى بعضها، وإلى كل من الذهب والفضة في تكميل النصاب:
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((لا نعلم فيه خلافاً))([90])، وقال رحمه الله في موضع آخر: ((ولو كان له ذهب، وفضة، وعروض وجب ضم الجميع بعضه إلى بعض في تكميل النصاب؛ لأن العروض مضمومٌ إلى كل واحد منهما، فيجب ضمهما إليه وجمع الثلاثة... ))([91]) ([92]).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((...تضم قيمة العروض إلى قيمة الذهب والفضة؛ لأن المقصود بهما القيمة))([93]).
ثامناً: كيفية تقويم سلع عروض التجارة بما تبلغ قيمتها:
تقوَّم عروض التجارة عند تمام الحول بالأحظ لأهل الزكاة: من الدنانير من الذهب أو من الدراهم من الفضة، فإذا قُوِّمَت وصارت لا تبلغ النصاب باعتبار الذهب [الدنانير] وتبلغ النصاب باعتبار الفضة [الدراهم] فنأخذ بتقويمها باعتبار الفضة، فالأحظ للفقراء هو ما تبلغ به نصاباً من الذهب أو من الفضة، والعكس بالعكس، ولا يعتبر ما اشتريت به, وإنما المعتبر قيمة العروض عند تمام الحول([94]).
مثال: رجل اشترى عقاراً بمبلغ مليون جنيه وعرضه للتجارة, ودار عليه الحول, فكان سعره ثلاثة ملايين جنيه، فيزكي ثلاثة ملايين، ورجل اشترى بضاعة بمائة ألف, وعندما دار الحول كانت قيمتها خمسين ألفاً، فيزكي خمسين ألفاً، وهكذا، في جميع عروض التجارة: المعتبر قيمة التجارة عند تمام الحول ([95]).
تاسعاً: لا شيء في آلات التجارة التي لا يراد بيعها ولا في ما أُعدَّ للأجرة، ولكن الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول.
فإذا كان التاجر له في مخزنه: دواليب، وآلات، يستخدمها للعمل في تجارته، فلا زكاة فيها إلا إذا أراد بها عروض التجارة، ومثال ذلك: تاجر له: حفارات، ومكائن، وأجهزة يستعملها لإصلاح تجارته، أو له مطابع وآلات، فلا زكاة في هذه الآلات إذا لم يعدها للبيع، وإنما الزكاة في عروض التجارة التي يديرها، إلا إذا أعدها جميعاً للتجارة بحيث نوى أن يبيعها مع عرض التجارة ففيها الزكاة مع عروض التجارة([96]).
والآلات المعدة للإجارة لا زكاة فيها إنما الزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب.
مثال ذلك: تاجر يملك حفارات، وسيارات، ورافعات، يؤجرها على الناس ولا يريد بيعها إنما يريد الحصول على أجرتها، فهذه لا زكاة فيها وإنما يزكي أجرتها إذا حال عليها الحول.
وكذلك:العمارات، والأسواق المؤجرة، لا زكاة فيها, إنما الزكاة في أجرتها، وما يحصل منها إذا حال عليها الحول([97]).
عاشراً: مقدار الواجب في عروض التجارة: ربع العشر:
الواجب في زكاة عروض التجارة ربع عشر قيمتها عند تمام الحول؛ لقول النبي ﷺ في المقدار الواجب في الفضة: ((وفي الرقة ربع العشر))([98])، والرقة: الفضة، وقال في حديث علي t: ((هاتوا ربع العشور: من كل أربعين درهماً درهمٌ وليس عليكم شيء حتى تتمَّ مائتي درهَمٍ، فإذا كانت مائتي درهَمٍ ففيها خمسة دراهم...))([99])، وقال ﷺ في الذهب: ((...فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار, فما زاد فبحساب ذلك))([100]). فالواجب في زكاة عروض التجارة ربع عشر قيمتها، من الذهب، أو من الفضة بالأحظ لأهل الزكاة: مثال ذلك شخص يملك عقاراً قيمته عند تمام الحول مليون جنيه، فزكاته هي:
مليون تقسيم أربعين، يساوي خمسة وعشرين ألف جنيهاً [1000.000 ÷ 40 = 25.000 جنيهاً]
وشخص آخر له عروض تجارة قيمتها عند تمام الحول خمسون ألف ريالاً سعودياً، فزكاته: خمسون ألف تقسيم أربعين، يساوي: ألف ومائتين وخمسون ريالاً سعودياً.
[50.000 ÷ 40 = 1250 ريالاً] وهكذا([101]).
الحادي عشر: زكاة الأسهم والسندات:
الأسهم والسندات معاملات معاصرة, تحتاج إلى فهمٍ لحقيقتها, ثم النظر في زكاتها على النحو الآتي:
1 – مفهوم الأسهم: ((الأسهم جمع سهم، وهو: حصةٌ في رأس مال شركة ما – أي شركة تجارية، أو عقارية، أو صناعية، ملاك أم شركة عقود – وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال))([102]).
وقيل: ((الأسهم حقوق ملكية جزئية، لرأس مال كبير، للشركات المساهمة، أو التوصية بالأسهم، وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال))([103]).
وقيل: ((السهم: هو صك يمثل حصة من الحصص المتساوية، المقسم إليها رأس المال المطلوب للمساهمة. وهذه المساهمة تخوِّل لصاحبها الحق في الحصول على ما يخصه من أرباح عند اقتسام الممتلكات، أو تحمَّل ما يخصه من الخسارة إن كانت))([104]).
2 – مفهوم السند:((السند تعهد مكتوب:من البنك،أو الشركة،أو الحكومة لحامله بسداد مبلغ مقدر،من قرض في تاريخ معين، نظير فائدة مقدرة))([105]).
وقيل: ((السند صك يتضمن تعهداً: من المصرف، أو الشركة، أو نحوهما لحامله بسداد مبلغ مقدر، في تاريخ معين، نظير فائدة مقدرة غالباً، بسبب قرضٍ عقدته شركة مساهمة، أو هيئة حكومية، أو أحد الأفراد))([106]).
وقيل: ((السند هو جزء من قرض طويل الأجل، تدفع عليه فائدة ثابتة في ميعاد معين، وترد قيمته للمقرض في ميعاد متفق عليه))([107]).
3 – الفروق بين الأسهم والسندات:
السندات | السهم |
1 – صك يمثل جزءاً من قرض, ولا تدخل قيمته في رأس المال. | 1 – صك يمثل جزءاً من رأس المال. |
2 – حامله دائن وليس بشريك. | 2 – حامله شريك بقدر أسهمه. |
3 – يصدر بعد التأسيس لتوسيع الأعمال. | 3 – يصدر قبل تأسيس الشركة. |
4 – لا يلزم أن يكون للشركة المساهمة سندات. | 4 – كل شركة مساهمة لها أسهم. |
5 – ليس لصاحبه الحق في الحضور والتصويت في الجمعيات العمومية. | 5 – للمساهم حق الحضور والتصويت في الجمعيات العمومية. |
6 – لا تقع عليه أي أخطار، بل يتأذى بإعسار الشركة ولكن حصته مضمونة. | 6 – قد يفقد المساهم حصته بسبب إفلاس أو ديون الشركة. |
7 – لصاحب السند فائدة مضمونة في الموعد المحدد ربحت الشركة أم خسرت. | 7 – ربح المساهم يأخذه إذا ربحت الشركة وإلا فلا. |
8 – يمكن إصداره بأقل من قيمته الإسمية. | 8 – لا يمكن إصداره بأقل من قيمته الإسمية. |
9 – تدفع الفائدة على السند في ميعاد محدد معروف. | 9 – أرباح السهم لا يعرف ميعاد دفعها بالضبط. |
10 – يمكن خصم كوبون السند. | 10 – لا يمكن خصم كوبون السهم. |
11 – للسند وقت محدد لسداده. | 11 – لا تسدد قيمته إلا عند تصفية الشركة. |
12 – لحامله الأولوية عند تصفية الشركة لأنه يمثل جزءاً من ديونها. | 12 – لا يكون لحامله إلا ما فضل بعد أداء ما على الشركة من ديون. |
13 – السند بهذه الصفات يحمل قرضاً بفائدة, وهذا العمل حرمه الله ورسوله، وهو من ربا الجاهلية، ومن تعامل به فهو يدخل تحت اللعنة، وهو محارب لله ورسوله ﷺ ([108]). | 13 – جواز المعاملة بالسهم بيعاً وشراء إذا كانت الشركة مباحة ومعروفة ومشهورة, وليس فيها غرر ولا جهالة. |
4 – حكم بيع الأسهم, على نوعين:
النوع الأول: أسهم في مؤسسات محرمة، أو مكسبها حرام، أو تتعاون على الإثم والعدوان كالمصارف: الربوية, والبنوك التي تتعامل بالربا، أو مؤسسات نوادي القمار، أو دور لهو ومجون، أو غير ذلك مما حرم الله تعالى, فالمعاملة في هذه المؤسسات وغيرها مما يشبهها حرام, سواء كانت: مساهمة, أو بيعاً للأسهم, أو تعاملاً، قال الله تعالى: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ[([109]).
النوع الثاني: أسهم في مؤسسات مباحة: كالشركات التجارية المباحة، والصناعية المباحة، والعقارية المباحة، فهذه المساهمة فيها جائزة والمشاركة فيها وبيع أسهمها، بشرط أن تكون الشركة معروفة، والقائمون عليها ثقات أمناء يراقبون الله تعالى ويتقونه, وليس فيها غرر ولا جهالة، فهذه جائزة؛ لأن السهم جزء من رأس المال يعود على صاحبه بربح ناشئ من كسب التجارة والصناعة المباحة، وهذا حلال بلا شك([110]).
5 – حكم بيع السندات وشرائها، والتعامل بها، إذا كانت على الصفات المذكورة في الجدول الموضح في الصفحة قبل السابقة، فهي عبارة عن قرض بفائدة، وهذا عين الربا، الذي كان موجوداً في الجاهلية، فإصدار هذه السندات من أول الأمر عمل غير شرعي، فيكون تداولها بالبيع والشراء غير جائز شرعاً، ولا يصح لحامل السند بيعه بهذه الصفات المذكورة آنفاً، وعليه التوبة، وله رأس ماله: لا يظلم, ولا يظلم([111]).
6 – كيفية زكاة الأسهم: زكاة الأسهم على نوعين:
النوع الأول: المساهمة في الشركات الصناعية المحضة مثل: شركات الأدوية، والكهرباء،والإسمنت، والحديد، ونحوها من الشركات الصناعية، والمشتركون فيها لا يريدون بيعها, وإنما يريدون استثمارها باستمرار دائم، فهذه تجب الزكاة في صافي أرباحها ربع العشر [2.5%] إذا بلغت الأرباح نصاباً وحال عليها الحول، فكل مساهمٍ يجب عليه تزكية أرباح أسهمه كل سنة بالشروط المتقدمة آنفاً، قياساً على العقارات المعدة للأجرة والكراء.
النوع الثاني: المساهمة في شركات تجارية محضة، تشتري البضائع وتبيعها: كالاستيراد، والتصدير، والبيع, والشراء، والمضاربات، ونحوها من المساهمات في الشركات التجارية المباحة التي لا يقصد المساهم فيها الاستمرار دائماً, وإنما يقصد المتاجرة في البيع والشراء، طلباً للربح، فالزكاة واجبة في جميع ما يملك المساهم وزكاتها: زكاة عروض التجارة، تقوَّم في آخر كل عام, ثم تزكَّى إذا بلغت نصاباً مع أرباحها، فالزكاة تكون في رأس المال مع الربح جميعاً ([112]). وهذا التقسيم الذي يفتي به شيخنا الإمام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله، قال رحمه الله: ((إذا كانت الأسهم للاستثمار لا للبيع فالواجب تزكية أرباحها، من النقود إذا حال عليها الحول وبلغت النصاب.
أما إذا كانت الأسهم للبيع فإنها تزكى مع أرباحها كلما حال الحول على الأصل، حسب قيمتها حين تمام الحول... ))([113]).
7 – زكاة السندات: السندات المذكورة بصفاتها السابقة محرمة لا يجوز التعامل بها: بيعاً, وشراء، ولكن من وقع فيها فعليه التوبة وله رأس ماله، لا يظلم ولا يظلم، وعلى كل حال: فالسندات ديون مؤجلة، ولا يمنع من زكاتها كون الفائدة محرمة, إذ إن التحريم لا يكون سبباً في إعفاء صاحب السند من الزكاة. والصحيح من أقوال أهل العلم في زكاة الدين أنه على نوعين:
النوع الأول: دينٌ على مليء معترفٍ به باذلٍ له، فعلى صاحبه زكاته كل سنة كلما حال عليه الحول كأنه عنده، وهو عند المدين كالأمانات([114]).
النوع الثاني: دينٌ على معسرٍ, أو جاحدٍ، أو مماطل، فالصحيح من أقوال أهل العلم: أنه لا يلزم صاحب المال زكاته حتى يقبضه، ثم يستقبل به عاماً جديداً, فإذا حال عليه الحول بعد قبضه زكَّاه، ولو زكاه بعد قبضه عن سنة واحدة لما مضى كان أحسن وفيه احتياط، لكن لا يلزمه ذلك ([115]).
وأختم هذه المسألة بسؤال وُجِّه للجنة الدائمة, للبحوث العلمية، والإفتاء، هذا نصه, وجوابه:
س: هل على الأسهم والسندات زكاة؟ وكيف نخرجها؟
جـ: تجب الزكاة في الأسهم والسندات إذا كانت تمثل نقوداً، أو عروضاً للتجارة، بشرط أن يكون من في ذمته النقود ليس معسراً، ولا مماطلاً))([116]).
الثاني عشر: أهل الزكاة ثمانية أصناف، على النحو الآتي:
1 – الفقير: وهو من لا يجد شيئاً، أو يجد أقل من نصف الكفاية، فتُكمّل له كفايته من النفقة، فيُعطى من الزكاة ما يكفيه حولاً كاملاً.
2 – المسكين: وهو من يجد نصف الكفاية أو أكثرها، فتُكمّل له كفايته من النفقة، فيُعطى من الزكاة ما يكفيه حولاً كاملاً.
هذا إذا جمع بين لفظ الفقير ولفظ المسكين كما في آية مصارف الزكاة، أما إذا أطلق لفظ أحدهما ولم يذكر الآخر دخل أحدهما في الآخر: فالفقير هو المسكين، والمسكين هو الفقير؛ ولهذا يقال: إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا: مثل لفظ الإسلام ولفظ الإيمان.
3 – العامل عليها: وهو الجابي، والحافظ، والكاتب والقاسم فيُعطى بقدر أجرته من الزكاة حتى لو كان غنيًّا، إلا إذا كان له مرتب من بيت مال المسلمين فلا يُعطى من الزكاة؛ لأنه إنما أعطي من الزكاة بقدر أجرته وقد حصل له ذلك.
4 – المؤلَّف: وهو السيد المطاع في عشيرته ممن يُرجى إسلامه، أو يُخشى شرّه، أو يُرجى بعطيته قوة إيمانه، فيُعطى من الزكاة ما يحصل به التأليف؛ لترغيبه في الإسلام، أو كفّ شرّه، أو قوّة إيمانه, أو تأثيره على أتباعه في دخولهم في الإسلام.
5 – المكاتَب: يُعطى من الزكاة ما يقضي دينه، ويفكّ منها الأسير المسلم، ويجوز العتق منها لعموم الآية.
6 – الغارم: وهو من تدين للإصلاح بين الناس ولو كان غنيًّا، أو تدين لنفسه وأعسر، فلم يستطع القضاء فيُعطى ما يقضي به دينه.
7 – الغازي في سبيل الله: الذي ليس له مرتب ولو كان غنيًّا؛ لأنه لحاجة المسلمين وهو متطوع، أما الغزاة الذين لهم ديوان فلا يُعطون من الزكاة، فيُعطى الغازي المذكور ما يحتاج إليه في غزوه.
8 – ابن السبيل: وهو الغريب المنقطع المسافر لغير بلده، فيُعطى ما يوصله إلى بلده ولو كان غنيًّا في بلده إذا لم يجد من يقرضه.
الثالث عشر: أصناف الذين لا يصحّ دفع الزكاة إليهم:
على النحو التالي:
1 – آل النبي محمد ﷺ وهم بنو هاشم؛ لأن الزكاة محرّمة عليهم؛ لأنها أوساخ الناس.
2 – الأغنياء بمال أو كسب.
3 – الكفار إلا المؤلَّفة قلوبهم سواء كان الكافر أصليَّا أو مرتدًّا.
4 – الرقيق المملوك؛ لأن نفقته على سيده.
5 – من تلزم نفقته: كالزوجة، ووالديه وإن علوا، وأولاده وإن نزلوا، الوارث منهم وغيره.
6 – الفاسق والمبتدع الذين يصرفونها في المعاصي؛ لأن من أظهر بدعةً أو فجوراً يستحق العقوبة بالهجر وغيره والاستتابة، فكيف يُعان على ذلك، فينبغي للإنسان أن يتحرّى بزكاته المستحقين من أهل الدين المتّبعين للشريعة.
7 – جهات الخير من غير الأصناف الثمانية: كبناء المساجد، وإصلاح الطرق، وتجهيز الأموات، ودور تحفيظ القرآن الكريم، وغير ذلك من الجهات الخيرية.
والزكاة حق الله، لا تجوز المحاباة فيها لمن لا يستحقّها، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً، أو يدفع شرًّا، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة، بل يجب دفعها لهم؛ لكونهم من أهلها([117]).
والله أسأل التوفيق والقبول، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وأسوتنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
([1]) لسان العرب، باب الضاد، فصل العين، 7/170، ومختار الصحاح، ص 178.
([2]) سورة النور, الآية: 33.
([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، بابٌ: الغنى غنى النفس، برقم 6446، ومسلم، كتاب الزكاة، باب ليس الغنى غنى كثرة العرض، برقم 1051.
([4]) انظر: القاموس الفقهي: لغة واصطلاحاً، السعدي أبو جيب، ص 247، ومعجم لغة الفقهاء لمحمد رواس، ص 278، والموسوعة الفقهية، 23/268.
([5]) سورة التوبة الآية: 42.
([6]) انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/620، والشرح الممتع, 6/140.
([7]) انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 3/260.
([8]) المغني، لابن قدامة، 4/249.
([9]) لسان العرب، باب التاء، فصل الراء، 2/19، وانظر: الموسوعة الفقهية، 23/268.
([10]) الموسوعة الفقهية، 23/268.
([11]) سورة البقرة, الآية: 267.
([12]) جامع البيان (تفسير الطبري)، 5/556، برقم 6121، وأثر مجاهد صحيح الإسناد كما ذكر أبو البراء، وأبو أنس في زكاة عروض التجارة، ص 9.
([13]) جامع البيان (تفسير الطبري)، 5/556، برقم 6124.
([14]) تفسير الطبري، 5/556.
([15]) تفسير القرطبي، 3/322.
([16]) تفسير البغوي، 1/252.
([17]) تفسير ابن كثير، ص 212، طبعة دار السلام.
([18]) تفسير السعدي، ص 115.
([19]) البخاري، كتاب الزكاة، باب صدقة الكسب والتجارة، رقم الباب 29، قبل الحديث رقم 1445.
([20]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 3/307.
([21]) وممن استدل بهذه الآية أيضاً على وجوب زكاة التجارة الصنعاني في سبل السلام، 4/54، والماوردي في الحاوي الكبير، 4/292، وغير ذلك.
([22]) سورة التوبة, الآية: 103.
([23]) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 8/228.
([24]) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص 629.
([25]) سورة المعارج، الآية: 24.
([26]) جامع البيان، للطبري، 23/613.
([27]) المرجع السابق، 23/613.
([28]) جامع البيان، 23/613.
([29]) تفسير القرآن العظيم، ص 1380.
([30]) سورة الذاريات، الآية: 19.
([31]) تفسير القرآن العظيم، ص 1263.
([32]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 887.
([33]) سورة الذاريات, الآية: 19.
([34]) الشرح الممتع، 6/140.
([35]) متفق عليه: البخاري، برقم 1395، ومسلم، برقم 19، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام.
([36]) الشرح الممتع، 6/140.
([37]) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: ]وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله[ برقم 1468، ومسلم، كتاب الزكاة، باب تقديم الزكاة ومنعها، برقم 983.
[38]) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/61، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، 3/333، وقال: ((ظنوا أنها للتجارة فطالبوه بزكاة قيمتها، فأعلمهم عليه الصلاة والسلام بأنه لا زكاة عليه فيما حبس، وهذا يحتاج لنقل خاص، فيكون فيه حجة لمن أسقط الزكاة عن الأموال المحبّسة، ولمن أوجبها في عروض التجارة))، وانظر أيضاً: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد، 2/191 – 194.
([39]) معالم السنن للخطابي، 2/273، برقم 1623.
([40]) أحمد، 35/442، برقم 21557، والترمذي في العلل الكبير، 2/102، والحاكم، 1/388، والدارقطني، 2/102، والبيهقي، 4/147، وغيرهم كثير، ولكن الحديث ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، 3/324، برقم 1178، ومحققو مسند الإمام أحمد، 35/442، برقم 21557، وذكروا أن لفظة ((وفي البز)) بالزاي المعجمة, و أما من صحف ((وفي البر)) بالراء: فلا وجه له, وضعفوا الحديث كما تقدم. واستُدلَّ بحديث سمرة بن جندب: ((كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع)) [أبو داود، برقم 1562]، وضعفه الألباني في إرواء الغليل، 3/310، برقم 827.
([41]) متفق عليه: البخاري، برقم 1، ومسلم، برقم: 1907، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام، في شروط صحة الزكاة.
([42]) الشرح الممتع، 6/141.
([43]) البيهقي، 4/147، وعبدالرزاق في المصنف، 4/97، والشافعي في الأم، 2/46، وابن أبي شيبة، 3/183، وهو صحيح الإسناد كما قالت اللجنة الدائمة في مجموع الفتاوى، 9/310، وقال عبدالقادر الأرنؤوط في جامع الأصول، 4/632 ((بسند صحيح)). واحتج بأثر عن عمرو بن حماس عن أبيه، قال: ((أمرني عمر فقال: أدِّ زكاة مالك. فقلت: ما لي مالٌ إلا جعابٌ وأدَمٌ، فقال: قوِّمها ثم أدِّ زكاتها)) [الدارقطني 2/125، والبيهقي 4/147، وضعفه الألباني في إرواء الغليل برقم 828].
([44]) مصنف ابن أبي شيبة، 3/184، وأبو عبيد في الأموال، ص 520 – 526، برقم 1178، 1211، وصححه ابن حزم في المحلى، 5/234، ولكن لم يعمل به، وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برئاسة ابن باز بأنه ثابت، [فتاوى اللجنة، 9/309].
([45]) موطأ الإمام مالك، 1/255، كتاب الزكاة، باب زكاة العروض، برقم 20، وإسناده حسن، كما قال عبدالقادر الأرنؤوط في جامع الأصول لابن الأثير بتحقيقه، 4/632.
([46]) الإجماع لابن المنذر، ص 57، برقم 137.
([47]) التمهيد لابن عبدالبر، 17/129.
([48]) المغني، لابن قدامة، 4/248.
([49]) سبل السلام، 4/54.
([50]) المجموع للنووي، 6/47.
([51]) مجموع فتاوى ابن تيمية، 25/15.
([52]) نيل الأوطار، 4/163.
([53]) شرح السنة للبغوي، 6/350.
([54]) الأموال، لأبي عبيد، ص 429.
([55]) المجموع للنووي، 6/47.
([56]) بداية المجتهد، لابن رشد، 1/254.
([57]) سبل السلام للصنعاني، 4/54، والفقهاء السبعة هم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد ابن ثابت. انظر: المغني لابن قدامة 4/248.
([58]) الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري، ص 342.
([59]) المرجع السابق، ص 342.
([60]) الموطأ، 1/255.
([61]) الأم للشافعي، 2/68.
([62]) المغني لابن قدامة، 4/248.
([63]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 25/15.
([64]) زاد المعاد لابن القيم، 2/5.
([65]) الأموال لأبي عبيد، ص 429.
([66]) المجموع للنووي، 6/47.
([67]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 3/333.
([68]) المغني 4/248.
([69]) سبل السلام، 4/54.
([70]) نيل الأوطار، 4/163.
([71]) شرح السنة، 6/350.
([72]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة، 9/308 – 362، وقد بدأت اللجنة ببحثٍ قيِّم ذكروا فيه الأدلة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، وردوا على ابن حزم الظاهري ومن شذ معه.
([73]) مجموع فتاوى ابن باز، 14/159 – 194.
([74]) الشرح الممتع، 6/140، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/205 – 246.
([75]) إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين، 1/320.
([76]) أي: فرض واجب في عروض التجارة.
([77]) الأموال، لأبي عبيد، ص 429.
([78]) قال الإمام ابن قدامة: ((وحكي عن مالك وداود أنه لا زكاة فيها؛ لأن النبي ﷺ قال: ((عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق)). [أبو داود، برقم 1574، والنسائي برقم 2477، وابن ماجه وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/436] وتقدم تخريجه في زكاة الأثمان، ثم قال ابن قدامة رحمه الله: ((وخبرهم المراد به زكاة العين لا زكاة القيمة بدليل ما ذكرنا، على أن خبرهم عام وحديثنا خاص، فيجب تقديمه)). [المغني، 4/249]، واستدلوا كذلك بحديث أبي هريرة t ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) [متفق عليه: البخاري، برقم 1463، ومسلم، برقم 982]، ونوقش الاستدلال بهذين الحديثين: بأن المراد: الفرس والعبد المعد للخدمة لا لعروض التجارة، فلا زكاة فيهما؛ لأن ذلك يكون خاصاً به يستعمله وينتفع به: كالثوب، والبيت، والسيارة التي يستعملها، كل هذه ليس فيها زكاة [الشرح الممتع، لابن عثيمين 6/141].
واستدلوا بقوله ﷺ: ((ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذود صدقة، ولا فيما دون خمس أواق صدقة)) [متفق عليه: البخاري، برقم 1484، ومسلم، برقم 979] قال المسقطون لزكاة العروض التجارية: ((فدل عموم ذلك أنها ليس فيها زكاة سواء أعدت للتجارة أم لا، ويجاب عن ذلك بحمله على عدم وجوب الزكاة في أعيانها، وهذا لا ينافي وجو ب الزكاة في قيمتها: من الذهب, والفضة؛ فإنها ليست مقصودة لأعيانها، وإنما هي مقصودة لقيمتها، فكانت قيمتها هي المعتبرة، وبذلك يجمع بين أدلة نفي وجوبها في العروض وإثباتها فيها)). [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/310] وقالت اللجنة أيضاً في إجابة على الفتوى رقم 8895 لسؤال عن القول بعدم الوجوب في عروض التجارة فأجابت اللجنة بقولها: ((ثبت وجوب الزكاة في النقود ذهباً كانت أو فضة: بالكتاب, والسنة, والإجماع، وعروض التجارة ليست مقصودة لذاتها، وإنما المقصود منها النقود ذهباً كانت أو فضة، والأمور إنما تعتبر بمقاصدها؛ لقول النبي ﷺ: ((إنما الأعمال بالنيات)) ولذا لم تجب الزكاة في الرقيق المتخذ للخدمة، ولا في الخيل المتخذة للركوب، ولا في البيت المتخذ للسكنى، ولا في الثياب المتخذة لباساً، ولا في الزبرجد، والياقوت، والمرجان ونحوها إذا اتخذت للزينة، أما إذا اتخذ كل ما ذكر ونحوه للتجارة فالزكاة واجبة فيه؛ لكونه قصد به النقود: من الذهب, والفضة، وما يقوم مقامها، وإنما نفى ابن حزم وجوب الزكاة في عروض التجارة؛ لأنه لا يقول بتعليل الأحكام، والقول بعدم تعليل الأحكام، وأنها لم تشرع لحكم قول باطل، والصحيح أنها معللة، وأنها نزلت لحكم، لكنها قد يعلمها العلماء فيبنون عليها، ويتوسعون في الأحكام، وقد لا يعلمها العلماء فيقفون عند النص، وهذا هو مسلك الأئمة الأربعة، والأكثر من أهل العلم، فمن منع زكاة ما لديه من عروض ا لتجارة فهو مخطئ، والأحاديث الواردة في إيجابها في العروض وإن كان فيها ضعف، صالحة للاعتضاد، والتأييد لهذا الأصل)) [اللجنة الدائمة المكونة من: عبدالعزيز ابن باز، وعبدالرزاق عفيفي، وعبدالله بن غديان، وعبدالله بن قعود، 9/312].
([79]) متفق عليه: البخاري، برقم (1)، ومسلم، برقم 1907، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام في شروط صحة الزكاة.
([80]) واختلف الأئمة الأربعة في شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة على النحو الآتي:
1 – الشافعية: قالوا تجب: الزكاة في عروض التجارة بشروط ستة:
الشرط الأول: أن تكون هذه العروض قد ملكت بمعاوضة: كشراء ونحوه.
الشرط الثاني: أن ينوي بهذه العروض التجارة حال المعاوضة.
الشرط الثالث: أن لا يقصد بالمال القنية، فإن قصد ذلك انقطع الحول.
الشرط الرابع: مضي حول من وقت ملك العروض.
الشرط الخامس: أن لا يصير جميع مال التجارة أثناء الحول نقداً من جنس ما تقوم به العروض.
الشرط السادس: أن تبلغ قيمة العروض آخر الحول نصاباً.
2 – الحنفية: قالوا: تجب زكاة عروض التجارة بشروط منها:
الشرط الأول: أن تبلغ قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة.
الشرط الثاني: أن يحول عليها الحول, والمعتبر طرفا الحول لا وسطه.
الشرط الثالث: أن ينوي التجارة، وأن تكون هذه النية مصحوبة بعمل تجارة.
الشرط الرابع: أن تكون العين المتجر فيها صالحة لنية التجارة، فلو اشترى أرض عشر وزرعها أو بذراً وزرعه، وجب في الزرع الخارج العشر دون الزكاة، أما إذا لم يزرع الأرض العشرية فإن الزكاة تجب في قيمتها.
3 – المالكية: قالوا: تجب زكاة عروض التجارة مطلقاً، سواء كان التاجر محتكراً أو مديراً، بشروط خمسة:
الشرط الأول: أن يكون العرض مما لا تتعلق الزكاة بعينه: كالثياب، والكتب.
الشرط الثاني: أن يكون العرض مملوكاً بمبادلة حالية: كشراء، وإجارة.
الشرط الثالث: أن ينوي بالعرض التجارة حال شرائه.
الشرط الرابع: أن يكون ثمنه عيناً أو عرضاً امتلكه بمعاوضة مالية.
الشرط الخامس: أن يبيع من ذلك العرض بنصاب من الذهب أو الفضة إن كان محتكراً، أو بأي شيء منهما ولو درهماً إن كان مديراً.
4 – الحنابلة: قالوا: تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً بشرطين:
الشرط الأول: أن يملكها بفعله: كالشراء، فلو ملك العروض بغير فعله، كأن ورثها فلا زكاة فيها.
الشرط الثاني: أن ينوي التجارة حال التمليك، بأن يقصد التكسب بها، ولا بد من استمرار النية في جميع الحول، أما لو اشترى عرضاً للقنية ثم نوى به التجارة بعد ذلك فلا يصير للتجارة إلا الحلي المتخذ للبس [كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، للحريري، ص 342 - 344].
([81]) متفق عليه: البخاري، برقم 1484، ومسلم، برقم 979، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام في شروط الزكاة.
([82]) أبو داود، برقم 1573، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/346، وتقدم تخريجه في زكاة الأثمان ((زكاة الفضة)).
([83]) أخرجه أبو داود, برقم 1573، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/436، وتقدم تخريجه في منزلة الزكاة في الإسلام في شروط وجوب الزكاة.
([84]) انظر: الكافي لابن قدامة، 2/162 – 164، والمغني، 4/251 – 255.
([85]) وقدم هذا القول العلامة ابن مفلح في الفروع، 4/203، واختاره القاضي وجزم به كما ذكر المرداوي في الإنصاف، 7/69، وقيل: بل يزكي الثمر والحب زكاة العشر، ويزكي الأرض الأصل زكاة القيمة، وقدمه في المغني، والكافي، بل اختاره ونصره، وهو قول أبي حنيفة وأبي ثور [انظر: المغني لابن قدامة، 4/256، والكافي له، 2/164، والفروع لابن مفلح، 4/203، وحاشية ابن قاسم على الروض، 3/267].
([86]) وفي مذهب الإمام أحمد شرط آخر: وهو أن يملك عروض التجارة بفعله، بنية التجارة: كالبيع, والنكاح, وقبول الهدية, ونحو ذلك. وهذه المسألة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يملكها بفعله بنية التجارة، كما لو اشترى هذه الأرض للتجارة ففيها الزكاة.
الحالة الثانية: أن يملكها بغير فعله كالميراث، وينويها للتجارة، فالمذهب لا تكون عروض تجارة فليس فيها زكاة.
الحالة الثالثة: أن يملكها بفعله بغير نية التجارة ثم ينويها للتجارة، فالمذهب لا تكون للتجارة فليس عليها زكاة.
وفي رواية للإمام أحمد أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية، وهذه الرواية هي أقرب؛ لقوله ﷺ: ((إنما الأعمال بالنيات)) [متفق عليه] وهي التي اختارها: أبو بكر، وابن أبي موسى، وابن عقيل، وصاحب الفائق، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، 6/145: ((فيها الزكاة على القول الراجح)). [وانظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي 7/56].
([87]) الزكاة، للبغوي ص 195، وانظر: فتاوى ابن عثيمين، 18/51، والكافي لابن قدامة، 2/164، والمغني، 4/255.
([88]) انظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 6/314 – 320، 7/71، والكافي، 2/165، والمغني، 4/258، والشرح الممتع، 6/22 – 23، و33 – 39، والمختارات الجلية في المسائل الفقهية للسعدي، ص 76، ومجموع فتاوى الإمام ابن باز، 12/50.
([89]) الكافي، لابن قدامة، 2/165، والمغني، 4/260، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 7/73.
([90]) المغني، 4/210.
([91]) المغني لابن قدامة، 4/210.
([92]) قال رحمه الله: ((فأما إن كان له من كل واحد من الذهب والفضة ما يبلغ نصاباً بمفرده، أو كان له نصاب من أحدهما، وأقل من نصاب من الآخر فقد توقف أحمد عن ضم أحدهما إلى الآخر في رواية الأثرم وجماعة، وقطع في رواية حنبل أنه لا زكاة عليه، حتى يبلغ كل واحد منهما نصاباً)). [المغني، 4/210] وتقدم الترجيح في زكاة الأثمان.
([93]) الشرح الممتع، 4/148، وانظر: [الفروع، لابن مفلح، 4/199].
([94]) انظر: المقنع والشرح الكبير، 7/61، والمغني، 4/253، والشرح الممتع، 6/146، ومنار السبيل، 1/255، والموسوعة الفقهية، 23/274، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/264.
([95]) انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية، 9/317، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/171، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/205 – 206.
([96]) انظر: الفروع، لابن مفلح، 4/205، والروض المربع، 3/264، والموسوعة الفقهية، 23/274، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/185،وفتاوى اللجنة الدائمة، 9/345 – 346، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/207.
([97]) الفروع لابن مفلح، 4/205، والروض المربع، 3/268، وفتاوى اللجنة الدائمة، 9/332، 345، وفتاوى ابن باز، 14/182، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/209.
([98]) البخاري، برقم 1454، وتقدم تخريجه في مقدار الزكاة في الذهب والفضة.
([99]) أبو داود، برقم 1572، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/435، وتقدم تخريجه في مقدار زكاة الذهب والفضة.
([100]) أبو داود، برقم 1573، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/436، وتقدم تخريجه في نصاب الذهب، وفي نصاب الفضة.
([101]) واختلف العلماء في زكاة العروض، هل يجوز إخراجها عرْضاً من نفس العروض أم لا بد أن تكون من القيمة؟ قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ويخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها وهذا أحد قولي الشافعي)). [المغني، 4/250]. وقال المرداوي في الإنصاف: ((هذا الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، قطع به أكثرهم)) [الإنصاف، 7/55].
والقول الثاني للشافعي وأبي حنيفة: أنه مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها؛ لأنها مال تجب فيه الزكاة فجاز إخراجها من عينه كسائر الأموال [المغني، 4/250، والشرح الكبير، 7/55]. ورد ابن قدامة رحمه الله هذا القول, فقال: ((ولنا أن النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها: كالعين في سائر الأموال، ولا نسلم أن الزكاة تجب في المال، وإنما وجبت في قيمته)) [المغني، 4/250].
وقال المرداوي: ((وقال الشيخ تقي الدين: ويجوز الأخذ من عينها أيضاً)) [الإنصاف، 7/55].
وذكر شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى، [1/299] الأقوال في المسألة: يجوز مطلقاً، لا يجوز مطلقاً، يجوز في بعض الصور للحاجة أو المصلحة الراجحة، ثم قال: ((وهذا أعدل الأقوال، فإن كان آخذ الزكاة يريد أن يشتري بها كسوة فاشترى رب المال بها كسوة وأعطاه فقد أحسن إليه، وأما إذا قوَّم هو الثياب فأعطاها فقد يقومها بأكثر من السعر، وقد يأخذ الثياب من لا يحتاج إليها، بل يبيعها فيغرم أجرة المنادي، وربما خسرت فيكون في ذلك ضرر على الفقراء)) [الفتاوى الكبرى، 1/299] وذكر عن شيخ الإسلام أيضاً في الاختيارات الفقهية: ((ويجوز إخراج زكاة العروض عرضاً، ويقوى على قول من يقول: تجب الزكاة في عين المال)) [الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 151].
وقال العلامة السعدي رحمه الله: ((والصحيح جواز دفع زكاة العروض من العروض؛ لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير ماله... )) [المختارات الجلية من المسائل الفقهية، للسعدي، ص 77]. وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((اختلف العلماء في جواز أخذ العروض في الزكاة، والأرجح جواز ذلك بحسب السعر حين الإخراج، سواء كان ذلك: طعاماً، أو ملابس، أو غير ذلك؛ لما في ذلك من الرفق بأصحاب الأموال، والإحسان إلى الفقراء؛ ولأن الزكاة مواساة، فلا يليق تكليف أصحاب الأموال بما يشق عليهم)) [مجموع فتاوى ابن باز، 14/249 - 254].
قال الإمام البخاري رحمه الله: ((بابٌ: العرض في الزكاة، وقال طاوس قال معاذ t لأهل اليمن: ائتوني بعرضٍ ثيابٍ خميصٍ أو لبيسٍ في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم وخير لأصحاب النبي ﷺ بالمدينة)). [البخاري، بعد الحديث رقم 1447]. قوله: باب العروض في الزكاة: أي جواز أخذ العرض، والمراد به ما عدا النقدين. قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، لكن قاده إلى ذلك الدليل، وقد أجاب الجمهور عن قصة معاذ، وعن الأحاديث كما سيأتي عقب كل منها [فتح الباري لابن حجر، 3/312] وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، قبل الحديث رقم 1448: يذكر أن الزكاة يجوز إعطائها من العروض عند الحاجة للفقير، فلو كان عنده ريال مثلاً، وأراد أن يعطيها الأيتام فلا بأس أن يعطيهم إياها طعاماً لحاجتهم، وكذا لو كان الفقير سفيهاً، وحديث معاذ حجة: أنه إذا رأى العامل أخذ الملابس، أو الطعام، بدلاً من الصدقة للحاجة فله ذلك؛ لأن معاذاً كان يأخذ العروض من الصدقة)). [وانظر: فتح الباري لابن حجر، 3/312].
وسئل شيخنا ابن باز رحمه الله، عن موضوع صرف مبالغ الزكاة؛ لشراء مواد غذائية وعينية: كالبطانيات، والملابس، وصرفها لبعض الجهات الإسلامية الفقيرة، مثل: السودان، وإفريقيا، خاصة في الحالات التي لا تتوفر المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان، أو تكاد تكون معدومة، وإن توفرت فهي بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي تصلهم بها... فأجاب رحمه الله: ((لا مانع من ذلك بعد التأكد من صرفها في المسلمين، أثابكم الله وتقبل منكم)) [مجموع فتاوى ابن باز، 14/246].
([102]) الربا المعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية، للدكتور: عمر المترك، ص 369.
([103]) فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي، 1/521.
([104]) زكاة الأسهم والسندات والورق النقدي، للدكتور صالح بن غانم السدلان، ص 13.
([105]) فقه الزكاة للقرضاوي، 1/521.
([106]) الربا والمعاملات المصرفية، ص 369.
([107]) زكاة الأسهم والسندات، والورق النقدي، ص 14.
([108]) انظر: زكاة الأسهم والسندات، ص 15، والربا والمعاملات المصرفية، ص 369 – 375، وفقه الزكاة للقرضاوي، 1/521.
([109]) سورة المائدة, الآية: 2.
([110]) انظر: الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية، لمعالي الشيخ الدكتور عمر بن عبدالعزيز المترك رحمه الله، ص 371.
([111]) انظر: المرجع السابق، ص 369 – 375..
([112]) انظر: مختصر الفقه الإسلامي، لمحمد بن إبراهيم التويجري، ص 605 – 606، وفتاوى الإمام ابن باز، 14/189 – 194، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/349 – 362، وفتاوى ابن عثيمين، 18/217 – 233.
([113]) مجموع فتاوى الإمام ابن باز، 14/191، وانظر: فقه الزكاة للقرضاوي، 1/521.
([114]) انظر: المغني، لابن قدامة، 4/269 – 270، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/53.
([115]) انظر: المغني، 4/269، والمقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، 6/321، ومجموع فتاوى ابن باز، 14/53، وفتاواه جمع الطيار، 5/25، وقد سبق أن ذكرت أقوال أهل العلم في زكاة الدين في منزلة الزكاة في الإسلام فليراجعها من شاء.
([116]) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 9/354.
([117]) انظر: منار السبيل، 1/266 – 272، والموسوعة الفقهية، 23/312 – 328، والكافي لابن قدامة، 2/193 – 212.